الانقلاب الوظيفي والقيمي لاثداء النساء!.(2)


ماجد الشمري
2019 / 7 / 3 - 18:32     

متى،وكيف،ولماذا حدث هذا الانقلاب الكبير من وظيفة بايولوجية طبيعية لعضو في جسد الانثى البشرية الى اداة ورمز ومركز في المنظومة الشبقية-الغريزية الذكرية، وعنصر جديد في توليد الاثارة الجنسية وتكثيفها ورفعها لاقصى منسوب لبلوغ الاوركازم وتفجر الذروة؟!.لم اكتسحت وصادرت عاصفة الجنس الحداثي-المتمدن هذا الجزء المرتبط بديمومة الحياة لتضمه الى بقية التضاريس البؤرية في خارطة الجسد الانثوي لتعميق المركب الجنسي الى اقصى مداه؟!.لقد تم الاحتلال الذكوري،ليستوطن حيزا ومنطقة لاتخصه من جسد الانثى،واعلنه ملكية خالصة،ومجال متعي-لذوي خاص،ويحرم الوليد-الطفل من مصدر ونسغ البقاء الحيوي،ليكون احد مراكز اثارته الجنسية،بدلا من كونه عضوا متخصصا باطعام الوليد،وهو وظيفته الاساسية حصرا كما هيأته طبيعة التطور للحيوانات-الثديات اللبونة.
ولماذا انتقلت وتحولت وظيفة هذا الشريان المدر للدم الابيض،والذي يستمد منه الطفل عصارة وجوده ونموه وبقاءه الى ضرع مهمل لوظيفته حتى يتعفن لبنه ويجف،الى ذلك الدور الاناني القح، ويصبح ضرعا للكبار من الذكور للاستمتاع وتكثيف نسبة الايروسية لدى الذكر المنتعض،والمستعمر لكل جغرافيا الجسد الانثوي؟!.تلك الانانية الصارخة غريزيا،والتي جندت ووظفت كل زوايا وطيات جسد الانثى كمادة اثارة رهن الاشارة،وجاهزة دائما لتحقيق الرغبات واطفاء نيران السعير الجنسي،مع تغييب الشخصية-الذات،وكينونة المرأة كفرد اعتباري ند وموازي للرجل في البشرية والكرامة.ثديا الانثى-المرأة هما الجهازان المعدان اصلا لرضاعة ولائدها،وهو دورها البايولوجي الوحيد كما حددته الطبيعة فسيولوجيا لكل عضو من اعضاء الجسد الانثوي المغاير في وظائف الاعضاء عن الجسد الذكري.وارضاع الاطفال هو مهمة الاثداء الانثوية الاساسية والوحيدة لاغير.
ولكن بعد مصادرة الذكر للاثداء واستيلائه عليها كفت عن اداء وظيفتها ومهمتها الوحيدة:الرضاعة الطبيعية.ليستعاض عنها بالحليب المصنع كبديل غير طبيعي لغذاء الطفل!.فثدي الانثى امسى احتكارا خالصا للذكر!.ليقتصر دور الثدي على كونه مجرد عنصر اثارة واغراء وتحفيز لاهواء ورغبات ونزعات الذكر الجنسية المتعاظمة،والتي تحقنها المخيلة المنفلتة بمزيد من الصور والاوضاع الايروتيكية.كل الفتحات والثقوب والطيات في جسد الانثى باتت مهابل مستعارة وتعويضية عن المهبل التناسلي الفعلي-الرسمي.ومابين الثديين ذلك المنزلق السري صار غمدا مهبليا خارجيا استعمله الذكر كتنويع مستحدث في اوضاع وممارسات الجماع!.فالذكر-الرجل:ينظر الى الاثداء،يتأملها،يلمسها،يهصرها،يمص ويداعب ويفرك الحلمتان، يرضعهما كنوع جديد من الرضاعه غير الطبيعية والغريبة للكبار!..واستحواذ غير مبرر او معقول على منطقة محددة من جسد المرأة-وكأن بقية الاجزاء غير كافية لارضاء واشباع شبقه!-هي اصلا لاتعنيه ولاتخصه ابدا.وكما ذكرنا،عضو مخصص لانتاج الحليب للقادمين من الاجنة البشرية،وتأمين غذائهم بالرضاعة لفترة من الزمن،فلم صادره الرجل لحسابه الجنسي؟!.
ماكان وظيفيا-انسانيا وحيويا في ضرورته،وسنة طبيعية لممارسة الوجود،واعادة انتاج الحياة والذرية،اصبح دون الانساني،حيوانيا-مع ان الحيوانات الثدية لاتمارسه!-وبسمات الجنسية الانانية المتوحشة،والعارية عن القيم الطبيعية الاصيلة لدى الكائن الحي وعموم الحيوانات.ان ما اقدم عليه الذكر-الرجل وكرسه لنفسه،واستجابت له الانثى-المرأة ايضا عنوة ثم تكيفت له،وصار جزءا من بنيتها السلوكية-الجنسية الضمنية،هو في حقيقته عبارة عن زحزحة وانحراف،او نقل وانقلاب وظيفي من السليم والطبيعي في منطق الاشياء،واسقاطها في وحل الحيوانية-بالمعنى الجنسي ،وليس بالمعنى الحيواني كصفة هي اصلا لاتتميز بها الحيوانات-والشبق والآثرة الرغبوية!.انها سرقة فاحشة للقمة الرضيع السائلة،وتحويلها الى علاقة شيئية للعب والاثارة،والهوس الايروسي النافل وغير الطبيعي!.
فالاثداء،هي الجزء الاكثر التصاقا ودلالة بمعنى وهدف تجديد الحياة واعادة انتاجها واستمرارها،ولكنها انزلقت وتجاوزت لمنعطف غريب طاريء،وانحرفت لعملية تشيوء وتسليع جنسي برجوازي،وكعامل اثارة وتهيج وتفاعل شبقي متبادل بين الجنسين،فباتت الاثداء المتكورة المنتصبة بحلماتها الناتئة المدببة اداة لتوليد ومضاعفة اللذة الجنسية،واحتكارا خالصا للعبة الذكر-الرجل الجنسية.،واستسلمت الانثى-المرأة لمزاج ونرجسية الذكر،وانطبعت به،وتكيفت وتطبعت له،وصار جسدها بمراكزه المغرية وسيلتها للدفاع وتكتيك للمناورة،وشبكة للايقاع والاحتواء والسيطرة غير المباشرة،ليكون ذلك العضو الاكثر تعلقا بديمومة الوجود البشري،وخصوصية وظيفته من جسدها،قيمة جنسية استعمالية،ومنفذ لتفريغ شحنات الاوركازم الفحولي العارم!.
وماكان قيمة بايولوجية ضرورية للنسل الجديد،اضحى قيمة جنسية استهلاكية،وسلعة رغبات للتبادل معروضة عبر شيكة السوق الايروسي!.متى وكيف حدث هذا الانقلاب الوظيفي للثدي؟!.كان الثديان لدى الانثى البشرية،وبقية الحيوانات الثدية هو نتاجا للتكوين البايولوجي،وجميع اللبائن التي ترضع صغارهاـواستمر ذلك لعصور واحقاب من تاريخ التطور الطبيعي،وحتى بعد ان انتصب الانسان واقفا،ومشى،ثم اخترع اللغة عبر العمل والتواصل الجماعي مع افراد جنسه،ظل الثدي جهازا خاصا للرضاعة،وبعيدا عن اهتمام او التفات الذكر كموضوع للاستمتاع الجنسي،ولم يفكر قطعا بذلك،حتى مجيء العصر البرجوازي ونظامه القائم على الاستغلال والربح،ونجاحه الساحق وهيمنته الكونية،عندما سلع كل شيء من البشر الى الحجر وموجودات الطبيعة،ولم تكن المرأة وجسدها استثناءا من طابع التسليع والتشيوء والاستغلال الجنسي الذكوري والطبقي،بل مضاعفا اكثر،فصارات تضاريس جسد المرأة دائرة جنسية محض،والثدي كجزء من الجسد الانثوي ماديا ورمزيا علامة وعنوان للاثارة وتوليد الشبق،والثدي الذي كان مستترا-مكشوفا مهيأ بالكامل لفم الرضيع،اصبح شهيا في استتاره وعريه،ومادة جاذبة لفحيح الفحولة الذكرية الشرهة كأضافات ثقافية-جنسية جديدة ومن الطراز الاول،بمعية مراكز الاثارة الاخرى المكتشفة والخبيئة،من:مؤخرات وافخاذ ضخمة وبقية مكامن الاثارة في الجسد الانثوي،وبأشتغال وامتداد المخيلة الايروتيكية الجامحة،وذات الشطح والميل للتنويع وخلق النماذج المبتكرة والمخترعة لاوضاع واشكال وممارسات جنسية مستحدثة لاسابق لها في تطرفها ومغالاتها،ولم يعرفها لاالذكر البدائي ولاانثاه، وكانت ايضا معدومة في الانماط الاجتماعية والنظم التي سبقت الرأسمالية.