اهتمام إسرائيلي متزايد بالعراق على خلفية التوترات الإقليمية


فالح الحمراني
2019 / 6 / 19 - 14:08     


وقع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون في الأسبوع الماضي ، أمرًا رسميًا يقضي باستبعاد العراق من بين الدول التي ينطبق عليها مبدأ "حظر التجارة مع العدو". وهكذا ، يُرفع العراق من لائحة أعداء إسرائيل مثل إيران أو لبنان. وبالرغم من أن القرار يكتسب طبيعة اقتصادية ، ونظرا لاحتفاظ الطرفين منذ فترة طويلة بالعلاقات التجارية ، ولكن بشكل غير رسمي ، من خلال بلدان ثالثة ، مثل قبرص أو الأردن ، فأنه ينطوي على أبعاد سياسية واضحة ودوافع، تستند إلى الحقائق الإقليمية.
ويقف وراء القرار عدة عوامل من بينها تعاون تل ابيب مع اقليم كردستان وتدعم تطلعاته في تقرير المصير، كما تساورها مخاوف أمنية من تصاعد التوترات الإيرانية / الأمريكية في الخليج. على خلفية اتهام واشنطن لطهران بالتورط في بالهجمات على السفن في الخليج ، فيما ذكرت المملكة العربية السعودية أن إيران تقف وراء هجوم الطائرات بدون طيار على محطات الضخ التابعة لها. ومن ناحية أخرى ، نشر ممثلو الحرس الثوري الإيراني معلومات عن الانتصار على الولايات المتحدة في حرب المعلومات المتعلقة بهذه الحوادث ، وبرأيهم ، باتت الولايات المتحدة الآن تخشى من إرسال سفنها الحربية إلى الخليج.
في هذا الصدد ، أصبحت الدوائر العسكرية والسياسية والخبراء في إسرائيل تناقش بصورة متزايدة احتمال انجرار إسرائيل في هذا النزاع، على أساس أنها حليف للولايات المتحدة . وعلى وجه الخصوص ، كما ذكرت صحيفة Yedioth Ahronoth في منتصف شهر آيار ، تمت مناقشة سيناريوهات محتملة لمثل هذا النزاع في اجتماعات الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي والمخابرات العسكرية الإسرائيلية. وأخطر الاحتمالات هو تعرض إسرائيل للهجوم بصواريخ يتراوح مداها بين 700 و 1000 كيلومتر ، والتي سيتم إطلاقها من أراضي غرب العراق. في الوقت نفسه ، ووفقًا للمعطيات المتوفرة ، فإن إسرائيل كانت مدركة لهذا التهديد منذ حوالي عام ونصف العام ، عندما بدأت مسألة وجود صواريخ أرض – ارض لدى ميليشيات موالية لإيران في إثارة قلق تل ابيب ، التي تخشى من أن يتم استخدام تلك الصواريخ كتدبير مضاد للردً على تدمير أهداف في سوريا تعود لإيران وحزب الله.
ووفقًا لمصادر عراقية ، أبلغ زعيم أحدى التحالفات العراقية، الولايات المتحدة أن قاذفات الصواريخ البالستية المنتشرة في اتجاه دول الخليج العربية وإسرائيل متمركزة في جنوب العراق. وتم نقل هذه المعلومات إلى ممثلي الولايات المتحدة خلال اجتماع عُقد في الأردن ، وهذه الاعتبارات هي التي تفسر الإلغاء غير المتوقع لزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية مايك بومبيو إلى برلين ، التي كان من المقرر عقدها في 7 آيار واستبدالها بزيارة مفاجئة لبغداد. ولا يستبعد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز إن تقوم إيران بعمل مفاجئ تحت ضغط العقوبات ، ومع ذلك ، فهو لا يزال يعتقد أن قطاع غزة وسوريا سيكونان المجال الرئيسي للأنشطة الإيرانية.
وبشكل عام يوضح تطور الأحداث الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للعراق ومكوناته لمصالح إسرائيل، التي ترجع أساسا إلى النشاط الإيراني، ليس فيما يتعلق بتل ابيب، ولكن أيضا بواشنطن، لهذا السبب يتجاوز القرار التجاري المنفعة الاقتصادية، وهذا ينسجم مع نهج إسرائيل باستخدام الآليات الاقتصادية لأغراض سياسية، وليس بمعاقبة الدول المعادية وإنما تشجيع الدول الصديقة، وكذلك عن طريق الامتناع عن كشف المعلومات، عن التطبيقات التي تستخدم للتعامل مع هذه الدولة أو تلك، من أجل تامين المناورة لتحركاتها.
وعلى صعيد آخر أشار الرصد الشهري لمعهد الشرق الأوسط في موسكو إن الوضع العسكري السياسي في العراق في أيار 2019 ظل معقدا. وتسود البلد حالة الاستقرار الهش. ولا تزال حكومة البلاد تواجه تهديدات للأمن ، وصعوبات اقتصادية خطيرة ومهمة إعادة بناء المناطق المتضررة من المواجهة المسلحة مع جماعة الدولة الإسلامية الإرهابية (داعش) ، ويتفاقم الوضع بسبب التناقضات والتنافس بين القوى السياسية في العراق ، والتي لا تسمح ، على وجه الخصوص ، باستكمال عملية تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو 2018.
وعلى الرغم من هزيمة قوات داعش الرئيسية وانخفاض طفيف في مستوى النشاط الإرهابي ، لا يزال الوضع الأمني في عدد من مناطق البلاد غير مستقر. إن عملية حل المشكلات المثيرة للجدل في العلاقات بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وقيادة الحكم الذاتي الكردي تمضي قدماً ، وإن كانت هناك صعوبات ملحوظة. وتكثف بغداد من أنشطة السياسة الخارجية. و"لا يزال التحدي الرئيسي الذي يواجه السياسة الخارجية للعراق يتمثل في المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران ، التي تهدد أحدهما بأن تصبح العراق ميدانا لتصفية المصالح بين الدولتين".ولا يزال الوضع الأمني في بعض أجزاء العراق مضطربًا ، مع وجود عناصر من التوتر. وهذا على الرغم من هزيمة القوى الرئيسية لجماعة الدولة الإسلامية.
وتواجه حكومة البلاد تهديدات أمنية وصعوبات اقتصادية خطيرة، فضلا عن مهمة استعادة المناطق المتضررة من المواجهة المسلحة مع جماعة داعش الإرهابية. وتبقى المشاكل التي لم يتم حلها للمجتمع مثل البطالة ، لا سيما بين الشباب ، وانقطاعات منتظمة في توفير الكهرباء للسكان ، وخاصة في المناطق الجنوبية من البلاد. ويتفاقم الوضع بسبب التناقضات والتنافس بين القوى السياسية الرئيسية في العراق ، والتي لا تسمح ، على وجه الخصوص ، بإكمال عملية تشكيل حكومة جديدة للبلاد. ويلاحظ المراقبون السياسيون أن "مشاكل العراق مرتبطة داخليًا بالمواجهة بين مختلف الأحزاب السياسية والجماعات التي تسعى إلى زيادة وزنها وتعزيز مواقعها في الحكومة الجديدة في البلاد".
وقال الممثل الرسمي للتحالف الدولي المناهض للإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية في 14 مايو / أيار إن حوالي 10 آلاف من مقاتلي داعش والمتعاطفين معهم، ما زالوا في العراق. ووفقا له ، فإن المتطرفين "عادوا إلى وضع الخلايا الإرهابية السرية. مؤكدا أن هذه ليست نهاية داعش، حيث لا يزال المتشددون يقومون بنصب كمائن لدوريات الأمن ، ويقومون بتركيب عبوات ناسفة ، ويخطفون الناس ". وتعيد داعش تنظيم خلاياها في العراق. ويتم تعزيز الشبكة التي يتم تشكيلها على مستوى المحافظات من قبل المسلحين الذين يصلون إلى سوريا قادمين من سوريا. وقالت لممثلة الخاصة للأمين العام في العراق جينين بلاسخارت ، في 21 أيار، إن عودة الإرهابيين من سوريا لن تُحل بشكل صحيح. موضحة "إن عودة الآلاف والآلاف من الناس ، العراقيين وغير العراقيين ، ليس فقط مصدر قلق خطير من حيث الأمن والقدرة ، ولكن أيضًا مشاكل ملحة في مجال حقوق الإنسان والحماية الإنسانية. إذا لم نتعامل معها بشكل صحيح ، فإننا نجازف بخلق أرض خصبة جديدة للجيل القادم من الإرهابيين. وأضافت " هذه ليست مشكلة عراقية فقط. إذا لم تتم معالجة هذه المشكلة بشكل سيء ، فستؤثر علينا جميعًا في المنطقة وخارجها".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• اعتمدت المادة على مواد نُشرت في وسائل الإعلام الروسية، بينها تقرير من اسرائيل.
* يرجى ان تلتزم التعلقيات بالقواعد التي تعتمدها مؤسسة الحوار المتمدن