تحريفة ام تنقيحة و تعديل.


عبد الحسين سلمان
2019 / 6 / 19 - 02:40     

تحريفة ام تنقيحة و تعديل.

Bernstein ist ein großartiger Bursche, was sowohl Geist wie Charakter betrifft

برنشتاين رجل رائع من حيث العقل والشخصية....إنجلز , رسالة الى المناضلة الروسية ,فيرا زاسوليتش 17 أبريل / نيسان 1890 .


تحريف ام تنقيح وتعديل: Revisionism
ورد في قاموس منير بعلبكي , معنى revision , تنقيح و تعديل . و revisionism التعديلية.

ومعنى التحريف و التنقيح , في لسان العرب:
والتحريف في القرآن والكلمة : تغيير الحرفِ عن معناه والكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه كما كانت اليهود تُغَيِّرُ مَعانَي التوراة بالأَشباه ، فوصَفَهم اللّه بفعلهم فقال : ‏ : يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضعه .
وعن التنقيح : ونَقَّحَ الكلامَ إِذا هَذَّبه وأَحْسَنَ أَوصافَه .
وتَعْدِيلُ الشيء : تقويمُه , إِدْخَالُ تَغْيِيرَاتٍ عَلَيْهِ دُونَ الْمَسِّ بِأَفْكَارِهِ العَامَّةِ.

لذلك , تم إجماع القاموس الانكليزي و العربي على معنى revision هو تنقيح وتعديل وليس تحريف.

و التنقيحية , Revisionism , هي العكس من الأرثوذكسية orthodoxism , والتي تعني الالتزام بالمعايير المقبولة ، وبشكل أكثر تحديداً للعقائد, وحسب تعبير, عالم الاقتصاد الشهير جوزيف شومبيتر Joseph Schumpeter1883-1950 , وزير الاقتصاد النمساوي 1919-1932:

الصفة الدينية للماركسية تشرح ايضاً الموقف المميّز للماركسي الارثوذكسي من الخصوم. وبالنسبة اليه, كما بالنسبة الى أي مؤمن بعقيدة, لا يبدو الخصم مخطئاً فحسب, لكنه مرتكب خطيئة .

الريفشين أو التنقيح او التعديل:
أسم أطلق على افكار ادوارد برنشتاين عن الماركسية , من خلال النقد أما بترك أو تحويل أو مراجعة أطروحات ماركس و إنجلز .
بعد الثورة البلشفية 1917، أصبح مصطلح Revisionism يستخدم من قبل الشيوعيين كتسمية لأنواع معينة من الانحراف عن وجهات النظر الماركسية.. وتم ترجمة مصطلح Revisionism الى التحريفية في اللغة العربية بتأثير السوفيت !!
في عام 1875 ، اعتمد الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا برنامج غوتا الذي اقترح "كل الوسائل القانونية" على طريق "مجتمع اشتراكي" وانتقده كارل ماركس ، الذي اعتبر الثورة الشيوعية خطوة مطلوبة.
أحد مندوبي مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي كان إدوارد برنشتاين ، الذي توسّع في هذا المفهوم ، واقترح ما سماه "الاشتراكية التطورية" Evolutionary Socialism.
وقد إدانت روزا لوكسمبورغ الاشتراكية التطورية لبرنشتاين في مقالتها "الإصلاح أم الثورة" في عام 1900 .

بعد تولي جوزيف ستالين , القيادة في الاتحاد السوفياتي ، شن الكومنترن حملة ضد الحركة الإصلاحية من خلال شجبهم بأنهم "فاشيون اجتماعيون". social fascists .

لمحة تاريخية:
I. مؤتمر غوتا 1875 ...Gotha Programme , المؤتمر الاساس :
1) في مؤتمر غوتا الذي انعقد في شهرمايس 1875، جرى توحيد اتجاهين في الحركة العمالية الألمانية هما:
حزب العمال الاشتراكي-الديموقراطي ("الايزيناخيون") برئاسة بيبل وليبكنخت (56 مندوب )، واتحاد العمال الألمان العام اللاسالي (73 منوب).
اتخذ الحزب الموحد إسم حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الألماني. وبذلك تم الانتهاء من الإنشقاق في صفوف الطبقة العاملة الألمانية.

2) وكانت نتائج المؤتمر , تسوية سياسية بين التيار الماركسي و تيار لاسال.

3) وانتقد ماركس , نتائج المؤتمر نقدا لاذعاً , وفند ماركس بنود المؤتمر:
المقصود هنا البنود التالية في مشروع برنامج غوتا :
a) حزب العمال الألماني يطالب بان يكون الأساس الحر للدولة الاقتراع العام ؛ المتساوي، المباشر، السري في جميع الانتخابات العمة والمحلية لجميع الرجال ممن بلغوا 21 سنة.
b) و التشريع الشعبي المباشر مع الحق في تقديم الاقتراحات ورفضها.
c) التدريب العسكري العام , المليشيا الشعبية بدلا من الجيش النظامي. منح الجمعية الشعبية الحق في البت بمسالة الحرب والسلم.
d) إلغاء جميع القوانين الاستثنائية وخصوصا المتعلقة بالصحافة والجمعيات والاجتماعات.
e) مجانية التعليم.
f) حرية الإعتقاد.
g) وهناك بنود اخرى, ممكن الاطلاع عليها في كتاب ماركس: نقد برنامج غوتا.

4) وارسل ماركس هذا النقد لبرنامج المؤتمر الى ..W.Bracke , لكي يعرضه على بيبل وليبكنخنت , لغرض دراسته.

5) لكن تم اخفاء هذا النقد من سنة كتابته 1875 الى عام نشره , 1890, ولمدة 15 سنة دون ينشر للجمهور. وهذا يعني ان الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الالماني لم يهتم بنقد ماركس , بل وضعه على الرف. واعتبر إنجلز هذا الاهمال جريمة.

6) وكان اسم الحزب بعد مؤتمر غوتا هو: الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي, ولكن حاول ليبكنخنت ان يمتص غضب ماركس على البرنامج, فتم الاتفاق على الاسم الجديد وهو: الحزب الاشتراكي العمالي , ( بحذف كلمة الديمقراطي).

7) ورغم انتقاد ماركس الحاد لبرنامج غوتا, الأ ان الحزب نجح نجاحاً كبيراً, حيث بلغ عدد اعضائه مائة الف عضو, مع 24 مجلة للحزب و 145 خطيبا في انحاء المانيا, والاهم في انتخابات 1877 ارتفع عدد نواب الحزب الى 12 نائباً.

مؤتمر أيرفوت Erfurt Program: (14/20 - 10-1891)
مؤتمر النزاعات المكبوتة وكشف الاسرار
في هذا المؤتمر , اعلن إنجلز كتاب ماركس , نقد برنامج غوتا, بعد ان كان مخفياً عن الناس مدة 15 سنة. وبرز في هذا الؤتمر ثلاثة شخصيات مختلفة , هم بيبل , August Bebel , و كاوتسكي , Karl Kautsky و ليبكنحنتKarl Liebknecht
وكان كاوتسكي يرى ضرورة الالتزام بتعليمات ماركس في نقد برنامج غوتا, في حين يرى ليبكنحنت, ان إنجلز لم يكن على دراية كاملة بالوضع العملي في المانيا. ( رغم ان إنجلز حجة في التنظير , حسب ما قال, ليبكنحنت). ونجح المؤتمر في تنفيذ ما جاء في بعض من كتاب ماركس : نقد برنامج غوتا, حول التعاونيات والأجور, ولكنه فشل في تبني مبادئ ماركس حول الثورة و ديكتاتورية البروليتارية. ولكن إنجلز نقد بيان المؤتمر , نقداَ لاذعا بقوله:
سيكون من غير المعقول أن نصبح وزراء تحت إمبراطور .

بروز برنشتاين: Edward Bernstein 1850-1932.

(عندما توفي هرمان موللر Hermann Mueller , المستشار الالماني للفترة من 1928 الى1930 , وحضر برنشتاين الجنازة, فقد خلع كل الحاضرين قبعاتهم , احتراما له).

كان برنشتاين مسؤولاً عن الصحيفة السرية للحزب الاشتراكي العمالي الألماني , اثناء فترة القمع البسماركي, عندما كان في سويسرا. وهاجر الى لندن, واصبح تلميذ ومساعد الى إنجلز. و عكف على الدراسة النظرية, لكنه خرج بنتائج تختلف تماما عما توصل اليها ماركس.
فقد بدأ يكتب في مجلة نيوزايت....Die neue zeit , من عام 1896 الى عام 1898, سلسة مقالات.
وفي عام 1899 نشر كتاب
Die voraussetzungen des Sozialismus und die Aufgaben der Sozialdemokratie
والذي تُرجم الى اللغة الانكليزية , بعنوان: Evolutionary Socialism عام 1907 . وفي الحقيقة ان العنوان الانكليزي لا يتطابق مع العنوان الالماني, والذي يعني: شروط الاشتراكية و مهمات الاشتراكية الديمقراطية. بينما الترجمة الانكليزية تعني الاشتراكية التطورية.

وتم عقد مؤتمر هانوفر 1899, Hanover Congress لمناقشه اطروحات برنشتاين , وتحدث في المؤتمر روزا لوكسمبورغ وكارل كاوتسكي لنقد اطروحات برنشتاين. وحصلت حوارات عديدة بينهم.


لكن هل حقاً أن Revisionism الريفيشن , تحريف أم تنقيح وتعديل.

يقول برنشتاين في رسالة بتاريخ 13.02.1897 :
From this it is clear that nothing was further from me than to criticise Engels whilst I was praising Marx
من الواضح أنه لم يكن هناك شيء مني , بل اعتمدت على ما كتب إنجلز من نقد ومراجعة , بينما كنت أثني على ماركس.

ويقصد برنشتاين بنقد و مراجعة إنجلز , الفقرات التالية :
A. رسالة رسالة نجلز الى ماركس بتاريخ 07.10.1858 والتي يقول فيها:
وحقيقة أن البروليتاريا الإنجليزية أصبحت في الواقع أكثر وأكثر برجوازية ، بحيث يبدو أن الهدف النهائي لهذه البرجوازية من جميع الدول هو التملك .

كتب إنجلز في مقدمة طبعة عام 1895 لكتاب ماركس , النضال الطبقي في فرنسا , 1848 -1850 , بتاريخ 06.03.1895 :

B. ولكن التاريخ بيَّن أننا نحن أيضًا لم نكن على حق وأن وجهة النظر التي كنا نتسمك بها كانت وهمًا من الأوهام. بل أن التاريخ سار إلى أبعد؛ فهو لم يبدد ضلالنا آنذاك وحسب؛ بل غير أيضًا تمامًا الشروط والظروف التي ينبغي للبروليتاريا خوض النضال في ظلها. فإن وسيلة النضال التي استخدمت في عام 1848 قد شاخت الآن من جميع النواحي، وهذه النقطة تستحق، والحالة هذه، دراسة أكثر إسهابًا.

C. لقد بيّن التاريخ أننا نحن وجميع الذين يفكرون مثلنا كنا على غير حق. فقد بيّن بوضوح أن حال التطور الاقتصادي في القارة الأوروبية كانت في ذلك الوقت أبعد من أن تكون ناضجة إلى حد يتيح إلغاء أسلوب الإنتاج الرأسمالي؛ وبين هذا بتلك الثورة الاقتصادية التي شملت القارة بأسرها ابتداء من 1848 ووطدت بالفعل للمرة الأولى للصناعة الكبيرة في فرنسا والنمسا والمجر وبولونيا، ومؤخرًا في روسيا، وحولت ألمانيا مباشرة إلى بلد صناعي من الدرجة الأولى.

D. إن حرب 1870 – 1871 وهزيمة الكومونة قد نقلتا مؤقتًا مركز ثقل الحركة العمالية الأوروبية، كما تنبأ ماركس، من فرنسا إلى ألمانيا. ففي فرنسا كان لا بد من سنوات وسنوات لأجل التعافي من عملية إراقة الدم التي أجريت في أيار (مايو) 1871.
أما في ألمانيا حيث كان يتسارع أكثر فأكثر تطور الصناعة، التي أمنت لها المليارات الفرنسية المفيدة , بالإضافة، أحوالاً دافئة حقًا وفعلاً، فقد أخذت الاشتراكية الديمقراطية، على العكس، تتنامى بمزيد من السرعة والدأب والثبات. وبفضل تلك المهارة التي استغل بها العمال الألمان الحق الانتخابي العام المقرر في عام 1866، أصبح نمو الحزب المدهش واضحًا للعالم كله من الأرقام التالية التي لا مراء فيها:

102000 صوت اشتراكي – ديموقراطي في 1871،
352000 في 1874، 493000 في 1877.

ثم جاء الاعتراف بهذه النجاحات من أعلى بشكل القانون ضد الاشتراكيين , فتحطم الحزب مؤقتًا، وهبط عدد الأصوات التي نالها في عام 1881 حتى 312000 صوت.
ولكن سرعان ما ذلل الحزب هذا الوضع، وإذا نمو سريع حقًا وفعلاً يبدأ في ظل كابوس القانون الاستثنائي، بدون صحافة، وبدون منظمة علنية، وبدون حق الجمعيات والاجتماعات:
550000 صوت في 1884، 763000 في 1887،
1427000 في 1890.

وهنا ضعفت يد الدولة. فزال القانون ضد الاشتراكيين، وارتفع عدد الأصوات الاشتراكية حتى 1787000 صوت، أي أكثر من ربع جميع الأصوات المعطاة. واستنفدت الدولة والطبقات السائدة جميع وسائلها، ولكن عبثًا، سدى، هباء.

E. إن سخرية التاريخ العالمي تقلب كل شيء رأسًا على عقب. فنحن "الثوريين"، "الانقلابيين" نحرز من النجاحات بالأساليب الشرعية أكثر مما نحرز بالأساليب غير الشرعية أو بالانقلاب. أما الأحزاب التي تسمي نفسها بأحزاب النظام، فإنها تهلك من الوضع الشرعي الذي خلقته بنفسها. وبدافع اليأس تزعق مع أوديلون بارو: la légalité nous tue الشرعية تقتلنا، في حين أننا نحن نكتسب في ظل هذه الشرعية عضلات مرنة وخدودًا حمراء، ونزهر كالحياة الأبدية. وإذا ما انزلقنا نحن في لجة الحماقة إلى حد أن ننجر إلى نضال الشوارع لما فيه صالح هذه الأحزاب، فلا يبقى لهذه الأحزاب في آخر المطاف غير أمر واحد، هو أن تنتهك بنفسها هذه الشرعية المشؤومة.


النقاط الرئيسية التي كان برنشتاين , يعتقد أنها تنقح او تعدل في فكر ماركس:
1. كان برنشتاين, يعتقد ان ماركس كان يعيش في فترة الاربعينات في القرن التاسع عشر , بينما هو برنشتاين كان يعيش فترة آزدهار الرأسمالية, وان الطبقة العاملة البريطانية ترفع مستواها المعاشي بفضل العمل النقابي و التشريع البرلماني. و ان قطبي البرجوازية والبروليتاريا, لم يحصل, بل بالعكس, فقد اتسعت قاعدة الطبقة الوسطى و تحسنت حالة العمال.

2. و ان الديالكتيك الهيجلي خدع رفاقه في الحزب حول التناقض.

3. و ان اعمال ماركس ليست عقيدة جامدة, دوغما, وقد اراد ان يفصل بين التجريد العلمي و التطبيق العملي.

4. و ان للرأسمالية القدرة على التكيف, ويجب ان ندرس هذا التكيف.

5. و ان نظرية القيمة labour theory of value , لم تعد صالحة في نهاية القرن التاسع عشر.

6. وهذا هو الاهم , كان برنشتاين يعتقد ان التطور الاجتماعي يتم بسلام على عكس اطروحة ماركس 1859 والتي تقول:
عندما تصل قوى المجتمع الإنتاجية المادية إلى درجة معينة من تطورها تدخل في صراع مع أحوال الإنتاج القائمة أو بالتعبير القانوني مع أحوال الملكية التي كانت تعمل في ظلها حتى ذلك الوقت. وتتغير هذه الأحوال التي هي قيد على الأشكال التطورية من القوى الإنتاجية. وفي هذه اللحظة تحل حقبة من الثورة الاجتماعية.

7. ويقترح برنشتاين تبني استراتيجية إصلاحية , تقوم على الاستفادة من الاقتراع العام , وتجعل هدفها الانتقال التدريجي الى الاشتراكية عن طريق توسيع القطاع التعاوني و تعميق الديمقراطية , على اساس ان الحزب الاشتراكي العمالي الالماني هو حزب قوي و شرعي.

8. وحذر من أن الثورة البروليتارية العنيفة كما حدث في فرنسا في عام 1848 لم تسفر إلا عن نجاحات رجعية , reactionary, قوضت مصالح العمال. لذلك ، رفض الثورة وأصر بدلاً من ذلك على أن أفضل استراتيجية هي بصبر , بناء حركة اجتماعية دائمة تعمل من أجل التغيير التزايدي اللاعنفي المستمر .

9. كتب برنشتاين إلى فيكتور أدلر , Victor Adler, بتاريخ شباط 1899, التالي: العقيدة , أي الماركسية, ليست واقعية realistic بما فيه الكفاية بالنسبة لي. لقد تخلفت عن التطور العملي للحركة. ربما لا يزال الأمر على ما يرام بالنسبة لروسيا ... ولكن في ألمانيا تجاوزنا شكلها القديم.

ومن خلال مقارنة تاريخية , واقعية, اليوم بين ألمانيا والتي الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد يساوي 50,000 دولار سنوياً , في الوقت نفسه, تحتضن ألمانيا , مئات الالوف من القوى العاملة لأوروبا الشرقية ( الاشتراكية سابقاً), أضف الى ذلك ان جميع الكادر الشيوعي العراقي , هاجر من اوروبا الشرقية الى ألمانيا و السويد و هولندا والدانمارك و فلندا ( الدول التي سارت على سياسة برنشتاين الاقتصادية ).