منع التجول والتوجيهي ...!!!


قاسم حسن محاجنة
2019 / 6 / 12 - 21:35     

منع التجول والتوجيهي ...!!!
اكتظت وسائل التواصل الاجتماعي، بصور لأُمهات في غزة، بيروت وعمان ، منهن من تجلس خارج اسوار المدرسة وتقرأ القرآن داعية رب العباد بأن يوفق ابنها- ابنتها في امتحان التوجيهي ، ومنهن من تتسلق سياج المدرسة في مخاطرة لكي تشجع ابنها – ابنتها التي تتقدم للامتحان في ذلك الوقت ..
صور لا تراها الّا في العالم العربي ... وأذكرُ بأنني نويت زيارة بعض الأقارب في الأردن- عمان، ذات صيف وتواصلت تلفونيا مع "بنت خالتي" ، لأسألها عن الوقت المناسب للزيارة ، فسارعت بتحذيري من القدوم خلال ذلك الشهر ، لأن صغيرتها "تخوض" معركة التوجيهي ، وقد أعلنت "بنت خالتي" حالة الطوارئ في البيت ، ولا تستطيع استقبالي بالشكل اللائق...
أثارت هذه الإجابة فضولي ، خاصة وأن ابني وثلاث من بناتي تقدمن للتوجيهي الإسرائيلي ، واسمه الإسرائيلي امتحان "البجروت"، والتي تعني بالعبرية ، النضوج، ولم نتهيأ لهذ الامتحانات بشكل خاص ، ولم نغير نمط حياتنا أو ان نستعين بمعلمين خصوصيين ... كل ما في الأمر ، بأن الأولاد يدخلون غرفهم ويتحضرون للامتحان ، وكفى الله المؤمنين شر القتال...
وفقط للتوضيح ، فقد درس اثنان من ابنائي، الإبن البكر والبنت الكُبرى، موضوع الهندسة في المعاهد الإسرائيلية الكُبرى ... فالبنت درست في معهد التخنيون موضوع هندسة البيئة بتخصص هندسة مياه ، وستنهي عمّا قريب دراسة الماجستير في الهندسة ، أما الابن فسينهي دراسته في هندسة برمجة الحاسوب خلال فترة وجيزة لا تتعدى الأشهر القليلة ... وابنتي الثانية تخرجت من جامعة حيفا في الفنون التشكيلية وتدرس للماجستير هناك .. ثالث بناتي تدرس الإنجليزية في كلية كبيرة وصغيرتي تدرس في ثانوية دولية ، من المدارس الخاصة النخبوية من الناحية التعليمية .. ولم ندخل في حالة طوارئ أبدا..
لكن لا يعني هذا ، بأن كل النظام التعليمي الإسرائيلي ، وخصوصا العربي – الإسرائيلي ، يقدس الفكر النقدي ويتخلى عن الحفظ غيبا ...
ولكي يتخطى جهاز التعليم الإسرائيلي " عقدة التوجيهي"، فإن الجامعات تطلب من المتقدمين للدراسة فيها إجراء اختبار ذكاء – سيكو متري- ويتم احتساب متوسط لعلامة السيكو متري وعلامة البجروت ، وهكذا يتم اختيار "الأذكياء" للموضوعات العلمية، دون تقديس زائد لعلامات التوجيهي. كما وأن مواعيد امتحانات البجروت متنوعة ، فهناك الموعد الشتوي والصيفي، بحيث يستطيع الطالب التقدم للامتحان الذي لم يحصل فيه على علامة جيدة في اقرب المواعيد ، ودون إلزامه بإعادة سنة دراسية كاملة ...وهذه ، أي إعادة السنة، ثالثة الأثافي وأُس القهر في العالم العربي ودون تعميم طبعا.
لا اتباهى ، رغم قبولي بدعواتكم لأبنائي بدوام التقدم والنجاح ....لكن ما أريد قوله ، بأن المستوى التعليمي والأكاديمي لا يحصل بالترهيب، الضغط ، والاعلان عن حالة طوارئ عامة ، بل بتغيير منهجية وأسلوب التدريس ، من أسلوب الحفظ غيبا ، الى أسلوب التفكير النقدي والاستنتاج العلمي ..
إن الدول العربية والتي تتعامل مع امتحان التوجيهي ، وكانه سير على الصراط المستقيم ،فإما الجنة وإما النار، الأمر الذي يؤدي بالطالب وعائلته الى الدخول في صدمة ورعب ، لم تقدم هذه الدول ولا نظامها التعليمي أو طريق الامتحانات المتبعة ، أي انجاز علمي حقيقي ، بل تقف هذه الدول وجامعاتها في الصف الأخير من التدريج العالمي للجامعات ، بل وقلة قليلة من الجامعات العربية وصلت الى المواقع الأخيرة في تصنيف افضل 500 جامعة في العالم .
التشديد أيها السادة ، الحفظ غيبا دون فهم ، قمع التفكير وتقديس الاجترار، لن يؤدي الى انجاز علمي البتة .. فالتوجيهي الذي لا يحضر الطالب للتفكير العلمي النقدي ، لا خير فيه ولو تمت إحاطته بهالات من "القدسية" وتمت تسميته بالمرحلة المفصلية . فهو مرحلة من مراحل الحياة وكفى ، هكذا تتعامل معه الشعوب المتحضرة..
تعاطفي ومشاعري مع الطلاب وأهليهم والذين يتقبلون "حالة الطوارئ" بكل رضا وخشوع ... وادعوهم للمطالبة بتغيير نظام التعليم ونظام الامتحانات التوجيهية ، رحمة بأنفسهم وأبنائهم في المقام الأول ، وتحسين النظام التعليمي لكي يؤهل شعبا يفكر وعلما يُبدع .