في البنك العربى الإفريقى؛ هل خاقة طارق عامر/ حسن عبد الله مجرد ساتر لخصخصة البنك..؟!


بشير صقر
2019 / 6 / 7 - 00:14     


يتصور البعض أن الخناقة الدائرة بين إدارة البنك المركزى المصرى والعضو المنتدب السابق للبنك العربى الإفريقى الدولي أساسها نوع من (المماحكات الشخصية) بين كل من المحفظ طارق عامر والعضو المنتدب السابق حسن عبدالله ؛ أو نوع من ( تصفية الحسابات) لأمور قد تكون مستترة علينا. ومثل هذا الفهم يُصنّفُ تحت لا فتة أو عنوان ( شخصنة الخلافات السياسية و الإدارية) .. أى تركيزها وحصرها في أشخاص بدلا من كونها تعارضات وتناقضات سياسية تظهر بهذا الشكل الدرامى .. وتتناقلها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى .. وقد تختزلها في أحد جوانبها لا أكثر.


ولا يمكن القطع بكون تلك الخلافات بينهما مجرد مماحكات وخلافات شخصية أو أنها نوع من تصفية حسابات أو تنافسية في السوق وتتعلق بعبد الله من ناحية وأحد توابع عامر من ناحية أخرى؛ أو تتجاوز ذلك كله لتكون خلافات سياسية وإدارية عميقة تتصل بتجاوزات منسوبة للعضو المنتدب السابق للبنك العربى الإفريقي وتتعلق بمخالفات " جسيمة لقواعد العمل المصرفي " والحصول علي أموال بغير وجه حق من صندوق المعاشات؛ إضافة لعدد من موظفي البنك الكبار .. أم أنها شئ بعيد تماما عن تلك الاحتمالات الثلاثة وأن أبعادها تقبع بعيدا في الزمن لتعود إلي العام 1997.. عام مذبحة العاملين بالبنك العربى الإفريقي الدولي التى أدارتها إدارة البنك بقيادة جمال مبارك وأحمد البردعي ( عضو مجلس الإدارة والعضو المنتدب في فترة سابقة ) وهدفها الحقيقى هو خصخصة البنك العربى الإفريقي الدولى..؟


تلك الخطوة التى التى كانت الهدف الرئيسى لمذبحة العاملين في نهايات تسعينات القرن الماضى ولم تتم بسبب ظروف سياسية ليست مناسبة في ذلك التوقيت ؛لكنها الآن أصبحت متاحة ومواتية وتتسق مع السياسة العامة للدولة التى ترى في خصخصة بعض وحدات القطاع المالي والمصرفي وسيلة فعالة لحل بعض الأزمات التى تعانى منها.


والجدير بالذكر في تلك المسألة ( خصخصة البنك ) هو انتقاء الطريق الأسهل – من وجهة نظر أصحابه – حتى لو كان يتسم ببعض المآخذ والعراقيل بدلا من الطريق القانونى لسببين ( هما استغراقه وقتا أطول نسبيا من الطريق القانونى المشروع ، وتكلفة أعلى يتكبدها البنك لتعويض العمالة الحالية ). لكنه في الحالتين – الأسهل والقانوني - ضار أبلغ الضرر بأعضاء الجمعية العمومية لصندوق المعاشات التى تضم الآن الآلاف من العاملين السابقين وأسرهم بخلاف العاملين الحاليين الذين يتلمّسون الخطوات الأولي في طريقهم المهنى نحو المستقبل .حيث أن في ( تفاصيل الخلافات) بين البنك المركزى والعضو المنتدب السابق حسن عبد الله ( تكمن الشياطين ) علي حد القول الدارج الشهير.


ففي عام 1997 إبان المذبحة تسرب لنا خطابان بالغا الخطورة كتبهما الدكتور أحمد الغندور ( رئيس مجلس إدارة بنك .. مصر العربى الإفريقى ) الذى يتبع البنك الأم ( العربى الإفريقى الدولي ).. والخطابان موجهان إلى د.فهد الراشد رئيس مجلس إدارة البنك الأم ؛ ويتحدثان عن الشروع في بيع حصة صندوق المعاشات لدى بنك مصر العربى الإفريقى .


يقول الغندور فيهما عن عملية الشروع في البيع : [ إنها مخالفة دستورية وقانونية ] ، ويقول : [ لا بد من أخذ رأى الجمعية العمومية لصندوق المعاشات في بيع هذه الحصة .] ، ويؤكد : [ أن البديل هو مناقصة عالمية بشأن هذه الحصة .] وبهذا قطع الغندور كثيرا من الطرق علي بيع الحصة من خلف ظهر أعضاء الصندوق وسد المنافذ علي الاستيلاء عليها بنصف الثمن كما حدث في صفقات سابقة في نفس البنك. كذلك فقد كشفت عبارات الغندور المحاولات السرية لبيع الحصة ( 7,4 % من رأس مال بنك مصر العربى الإفريقي).


لذا قمنا بكشف أبعاد العملية وفضح أبطالها في الصحافة وكان منهم بخلاف { فهد الراشد ( الرئيس الكويتى )، وأحمد البردعي العضو المنتدب الأسبق ، وجمال مبارك عضو مجلس الإدارة } .. هانى سيف النصر ( رئيس بنك الاستثمار القومى فيما بعد) والذى أخفي عن العاملين وأعضاء الصندوق خبر شروعه في تقييم الحصة – من خلال شركة هيرميس- وسعر السهم في ذلك التوقيت بل وسعي لتضليلهم بشأن ذلك .


هذا ورغم أننا لم ننجح في وقف بيع الحصة كما كنا نستهدف.. إلا أننا أفسدنا عليهم جميعا البيع بالسعر المنخفض ( 27 جنيها للسهم ) وأجبرناهم علي السعر الأعلي ( 50 جنيها للسهم ) .


لماذا اقتصر الأمر علي خصخصة البنك التابع نهاية التسعينات دون البنك الأم
( العربى الإفريقى الدولي ) ..؟!


ساهمت مقاومة المسرحين من البنك عام 1997 في كشف بعض أوجه الفساد وهو ما وضع إدارة البنك أنذاك في وضع بالغ الحرج ؛ إضافة إلي أنها ساهمت في منع خصخصته .


كانت الخطة الأولية في ذلك الوقت ترمي إلي ترك البنك التابع ( مصر العربي الإفريقى) ليحصل عليها الجانب الكويتى بالشراء مقابل ترك البنك الأم ( العربى الإفريقي الدولي ) للجانب المصرى في مجلس الإدارة ، ومن المعروف أن دولة الكويت والبنك المركزى المصرى يتقاسمان معا ملكية البنك الأم مناصفة.



ونظرا لأن جمال مبارك كان يخطو الخطوات الأولي – كموظف عام في بنك دولي- ويجرى إعداده ليكون رجل دولة .. تمهيدا لتوليه رئاسة الجمهورية فيما بعد كما كان متوقعا؛ فإن ما نشره المسرحون ( المفصولون والمقالون المستقيلون) من عزم إدارة البنك الأم علي خصخصته كانت ستضع جمال مبارك ورئيس الدولة في حرج شديد إذا ما جرى ذلك في وجود جمال عضوا بمجلس إدارته .. لو كان قد تم.


وستنال الشائعات – بأنه أتى للبنك لخصخصته والاستيلاء عليه لصالح شلته- ستنال من حظه في الترشح لرئاسة الجمهورية .. وهذا في تقديرنا ما دفع جمال وإدارة البنك للاكتفاء بخصخصة البنك التابع ( مصر العربى الإفريقى) دون البنك الأم.


هل تمثل خناقة ( طارق عامر/ حسن عبد الله) ساترا لخطوات جدية لخصخصة البنك الأم..؟


نظرا للوضع الخاص الذى حكم جمال مبارك في سنوات 1997- 1999 وعدم إقدامه مع إدارة البنك الأم علي خصخصته والاكتفاء بخصخصة البنك التابع ( مصر العربى الإفريقى) إلا أن الظروف آنذاك قد حرمت الجانب الكويتى من الفوز به رغم النية المسبقة وسبق الإصرار والتلمظ عليه بل والاتفاق الضمنى بين المصريين والكوايته – في البنك الأم – علي ذلك .. وفاز به بنك عربى آخر هو المؤسسة المصرفية العربية. وهكذا عض الإخوة الكوايتة أصابع الندم في هروب الصفقة منهم كما يهرب الماء من بين أصابعهم أثناء الوضوء.


لكن وعلي ما يبدو أن تعيين حسن عبد الله عضوا منتدبا بعد ذلك قد أحيا آمالهم وغير خططهم واستأصل من خصالهم صفة التعجل والعصبية الزائدة؛ فقد أدركوا فضيلة أن الصبر مفتاح الفرج وأن انتظار الضحية خير من مطاردتها.. وهكذا.


لقد أيقنوا أن تشجيعهم للعضو المنتدب السابق حسن عبد الله علي التوغل في طريق المخالفات أو حتى النظر إليها بعين الرضا سيسفر عن أزمة للبنك تنعكس آثارها علي صندوق المعاشات ( من حيث ماليته واستثماراته وقلق الأعضاء من مخاطر التجاوزات التى يقترفها ..إلخ ). وهو ما يدفع كثيرا من كبار موظفيه للاستقالة والحصول علي مستحقاتهم التأمينية الكبيرة بل وتلقي بعضهم مبالغ تحدث عنها تقرير البنك المركزى بعبارة (أنها مبالغة ولا تتناسب وحجم أعمالهم بل وتم صرفها بالدولار بالمخالفة للوائح) . وهو ما يهز أوضاع الصندوق ويقلص مزايا الباقين من أعضائه لحدها الأدنى ويفتح الباب واسعا لخصخصة البنك التى نرجح نجاحها هذه المرة بعد أن تلاشت الاعتبارات التى أحاطت بوقف خصخصته في 1997- 1999. وهى نفس الخطة التى كانت معدة للتنفيذ إبان مذبحة العاملين عام 1997والتى غادر البنك بسببها 30% من عمالته.


إن هز ميزانية الصندوق وماليته ومزاياه وحصار أوجه ادخاره ودفع العدد الأكبر من الموظفين للاستقالة خصوصا ذوى الرواتب العالية هى الوسيلة الناجعة لتدمير صندوق المعاشات وتقليص حمولة البنك من العمالة لأدنى مستوياتها وهو الوضع الأمثل لبيع البنك وخصخصته.


واستنادا إلي ما ساقه تقرير لجنة البنك المركزى للتفتيش علي أعمال البنك العربى الإفريقي الدولي في 31 مارس 2019 وكذا قرار البنك المركزى المصرى رقم 1100 فى 28 مايو 2019 والتى تضمنت 7 اتهامات قاطعة لحسن عبد اهعم وتضمنت إشارات واضحة لآخرين من مساعديه.. وهو ما يعنى - إن صحت تلك الاتهامات-أنه هو المسئول عن الوضع الراهن لصندوق المعاشات .


هذا ونشير إلي أن وجود بند في لائحة صندوق المعاشات يُلزم البنك العربي الإفريقي بتعويض أي عجز أو انهيار في ميزانية الصندوق ليس سوى حبر علي ورق ولا يعدو أن يكون ضمانا أدبيا لا تتجاوز فعاليته حدود الحبر الذى كتب به لسبب بسيط هو أن الدولة لا تعبأ بالدستور ولا بالقانون وتعتمد السياسة العامة أداة لتسيير دولاب العمل اليومى بل وخططها الاستراتيجية، ومن ثم فمن يضمن لهذا البند الخاص بسد عجز الصندوق أن يتم تفعيله أو تفعيله بشكل كامل كما يتصور الحالمون أو الواهمون..؟



الخميس 6 يونيو 2019 بشير صقر
نائب مدير سابق بالبنك- وعضو الجمعية العمومية لصندوق المعاشات