ح ع ش م - الموقف من هزيمة يونيو - حزيران 1967


سعيد العليمى
2019 / 6 / 6 - 15:05     

الناشر سعيد العليمى
لم تكن الهزيمة بالنسبة للطبقة ، التى حاولنا أن نقدم الخطوط العريضة لملامحها حدثاً مستغرباً وإن مصالحها المتناقضة مع الاستعمار ، والتى تدفعها فى نفس الوقت إلى قطع الطريق أمام القوى الشعبية والثورية ، تضعها دائماً فى مأزق . وإن التغير فى الوضع العالمى ببروز اتجاهات المراجعة فى القيادة السوفياتية تسلب منها ورقة ضخمة من أوراق المناورة واللعب على الحبال ... وهكذا وضعت الهزيمة هذه الطبقة عند منعطف جديد.
إنها لا تستطيع مواصلة السير بنفس الطريقة القديمة ، وقد جاءت الهزيمة وهذه الطبقة على وشك تحقيق أهدافها الأساسية من الناحية الاقتصادية . فقد كانت بصدد استكمال فترة الانتقال ، فترة خلق الحد الأدنى من هيكل رأسمالى حديث ، ورسوخ أقدامها وتبلورها كطبقة . وهى الآن قد أنجزت مهمة إرساء هذا الهيكل وبدأت أمامها مشكلات جديدة ، مشكلات رأسمالية نامية .

إن عناصر الأزمة التى كانت مستقرة فى فترة البحث عن رؤوس أموال للتنمية ، والوثوب إلى مواقع كان يحتلها رأس المال الأجنبى أو كبار الملاك أو الرأسمالية التقليدية ، بدأت فى البروز كمشكلات التسويق واختلال التوازن . وهى بعد أن أحكمت قبضتها على السلطة السياسية منفردة ، وعلى الاقتصاد ، لابد أن تسعى جاهدة للبحث عن حرية للحركة فى السوق الاستعمارية وعن المشاركة بها . فهى ليست على استعداد فى حل تناقضاتها مع الاستعمار إلى إعطاء القوى الشعبية أى دور فى المعركة . لان معنى ذلك التنازل عن احتكارها للسلطة وانخفاض أرباحها.
فهى بدلا من ذلك تبحث فى شبكة العلاقات المحيطة بها عن تسويات وأنصاف حلول مع القوى المعادية . فهى قد تهادنت مع الرجعية وأطلقت يد فيصل فى اليمن والخليج العربى وتحمى ظهر حسين ، وتعد العدة للإعتراف الفعلى بإسرائيل ووبحدودها الآمنة مقابل الانسحاب ، كما بدأت فى توجيه الضربات للثورة الفلسطينية التى تشكل بكل نواقصها منطقاً جديدا فى مواجهة الاستعمار والصهيونية ، منطق الحرب الشعبية .
إنها تعتبر الاستعمار الاميراكى ليس العدو الأول فى المنطقة ، بل تعتبر كل وزرة قاصرا على مساندة إسرائيل . وهى تصور تهادنها معه على انه نوع من استخدام التناقض بينهما ، إنها تتعهد للإستعمار الاميركى بالمحافظة على مصالحه فى العالم العربى مقابل أن يضغط على إسرائيل للانسحاب واصبحت المعركة تعنى الجيش النظامى فحسب , استيراد اسلحة والتدريب عليها لإعطاء مركز أقوى فى مفاوضات الحل السلمى .
لا يمكن الوصول مما سبق قوله إلى أن البرجوازية البيروقراطية قد فقدت كل أساس للتناقضات مع الاستعمار الاميركى أو الاستعمار العالمى فمصالحها مازالت متناقضة مع الاستعمار . ولكن ما يبدو الآن جديدا هو وزن هذا التناقض والطريقة التى تمارس بها البرجوازية المصرية حله .
هل أصبح هذا التناقض هو العامل الحاسم فى توجيه سياستها وهل طريقة حله فى الوضع الحالى تدفع الثورة إلى الأمام أو تضع أمامها العراقيل ؟
الواقع لقد أصبح العمل من أجل عزل الخط السياسى والفكرى والتنظيمى لهذه الطبقة من قيادة الجماهير شرطاً ضرويا لمواصلة المعركة ضد الاستعمار واسرائيل . ( من وثيقة حول سلطة البيروقراطية البورجوازية ) الكتابات التأسيسية - صدرت 1970 .