عثرة في الدبلوماسية الايرانية ام رؤيا منقوصة في السياسة الخارجية الايرانية


جاسم ألصفار
2019 / 5 / 31 - 01:14     

عثرة في الدبلوماسية الايرانية أم رؤيا منقوصة في السياسة الخارجية الايرانية؟
اثار فضولي واعجابي بشجاعة وقدرة وزير الخارجية الايراني على المناورة عندما قرأت قبل قليل في سلسلة عناوين الاخبار عنوانا بالخط العريض "أبدى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استعداده للذهاب إلى الرياض غدا" وذكرني هذا العنوان بالمفاجأة المذهلة التي اعلن عنها الرئيس المصري السابق انور السادات، في سبعينات القرن الماضي والتي صرح فيها عن استعداده لزيارة اسرائيل والقاء كلمة في الكنيست الاسرائيلي.
وعندما قرأت الخبر الذي ورد في مقابلة مع قناة العالم مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، وجدت انه يشترط لزيارته " تغيير الحكومة السعودية سياساتها "! ليس واضحا ان كان ما يشترطه ظريف هو تغيير سياسة المملكة العربية السعودية في مجال سياستها الخارجية عموما ام انه يعني سياستها الخاصة بالعلاقات الثنائية السعودية الايرانية!! عدم تحديده لطبيعة التغيير الذي يشترطه يفسر في علم النفس على انه يدل على استحياء او ربما تردد الوزير الايراني عند اطلاقه لتصريحه الجريئ.
بنفس القدر الذي كان محبطا لي أن يزور الرئيس المصري السابق انور السادات دولة عدوة لبلاده وللامة العربية، اغتصبت ارض فلسطين وتتمترس قواتها على اجزاء من اراضي دولته ودول عربية اخرى، ليلقي خطابا يعبر فيه عن مشاعر الاخوة والقرابة بين "المفترس والفريسة"، مذكرا بخرافات دينية عن وحدة النسل بين العرب واليهود، بينما كان قادرا على ان يلقي نفس الخطاب في عاصمة بلاده القاهرة ليخطب ود الاسرائيليين ويدعوهم للصلح دون اي تنازل فرضته المبادرة من طرف واحد بالزيارة. وعلى اي حال فهذا الحدث اصبح من التاريخ ولست بصدد الاسهاب في مناقشته.
أما بالنسبة لوزير خارجية ايران محمد جواد ظريف فكان من الافضل ان يكتفي بالاعلان عن استعداد بلاده للتفاوض مع اي من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، لمناقشة جميع المشاكل العالقة بين بلدان المنطقة دون اي شروط على ارضية المقترح الايراني الاخير بعقد اتفاقية عدم الاعتداء، سعيا وراء تخفيف التوتر وفتح قنوات اتصال دائمة للمكاشفة وتوضيح اسباب اي نشاط قد يفهم منه عدوانا على الاخر والسيطرة على اي احتكاك في المستقبل بروح المصارحة والرغبة في تجاوز التصعيد.
ولنا في السلوك الدبلوماسي للروس مع الاتراك والاسرائيليين مثالا، فروسيا لا تثق بتركيا وتدرك مغزى اي خطوة تخطوها في تحركاتها على الاراضي السورية من اجل تحقيق اغراض جيوسياسية تتجاوز الرغبة في تحقيق السلام مع الدولة الجارة، كما انها تدرك ايضا طبيعة القرار الاسرائيلي واهداف اسرائيل البعيدة والقريبة المدى ومتانة علاقتها بالولايات المتحدة الامريكية ودورها الموكل اليها من قبل امريكا في الشرق الاوسط، ولكنها تبقي قنوات الحوار والتفاهم مفتوحة معها رغم مشاركتها في تعزيز قدرات الجيش السوري عموما اضافة الى الدعم الذي تقدمه لوحدات الجيش السوري في الجبهة المواجهة للجولان، وهي جبهة حساسة بالنسبة لاسرائيل. هذا من جهة ومن الجهة الاخرى فان القوات الروسية تشارك بثقل كبير وبصورة مباشرة في الحرب على الارهاب المدعوم من تركيا في ادلب وشمال حماه جنبا الى جنب مع الجيش السوري.
المثل الروسي يذكرني بما قاله الجنرال ديغول في خطاب القاه في اول نيسان 1942 :" الا لا يذهبنٌ الظن بأحد الى ان هذا النوع من المعجزة الذي تكونه فرنسا المحاربة، انما هو نهائي لا يتكرر ابدا. الامر كله يرتكز على ما يلي: ان فرنسا المحاربة تفهم انها تسير مع حلفائها وهي متحفظة تحفظا صريحا، أي ما دام حلفاؤها يسيرون معها....."، هذا مع تحفظي على عبارة "حلفاء" خاصة فيما يخص اسرائيل اذا اسقطنا قول الجنرال ديغول على مثالنا السابق بشأن علاقة روسيا بإسرائيل.