تروتسكي ومكتب التحقيقات الفدرالي(FBI)


عبد المطلب العلمي
2019 / 5 / 27 - 23:04     

نشرت الإندبندنت البريطانية في 25/11/1993 مقالا يفصل العلاقة بين تروتسكي وصديق له في المكسيك هو دييجو ريفيرا الذي كان يتجسس لحساب مكتب التحقيقات الفدرالي حول أي شخص يشك بأنه من عملاء المخابرات السوفياتية . معلوماته كانت حول أي شخص يعمل في منظمات معينة كالحزب الشيوعي في المكسيك واتحاد نقابات المهنيين . هذا بحد ذاته مثير للإهتمام لأن العلاقة الشخصية بين تروتسكي ودييجو ريفيرا انقطعت رسمياً بتاريخ 31 آيار 1940 . لقد كتب تروتسكي رسالة لمحافظ المنطقة في المكسيك يقول فيها .. " ليس لدي ما هومشترك في النشاط السياسي لدييجو ريفيرا لقد انقطعت العلاقة بيننا منذ خمسة عشر شهراً (الأرشيف الوطني للولايات المتحدة ؛ أرشيف تروتسكي)

لكن ثمة أشخاص عديدون كانوا أصدقاء للطرفين، فكلاهما عمل في منظمة واحدة مثل اللجنة الأميركية للدفاع عن ليون تروتسكي . من هؤلاء الأصدقاء كان تشارلس كيرتس الذي زود تروتسكي عدة تقارير عن اجتماعاته بريفيييرا تقول .. "خلال زيارتي للمكسيك منذ 4 تموز1938 وحتى 15 تموز 1939 كنت على اتصال وثيق مع دييجو ريفيرا وليون تروتسكي .. كنت وسيطاً بين الطرفين (كتابات عن ليون تروتسكي، 1939 – 40) .
تروتسكي بالطبع علم بذلك وهكذا هو ساعد ريفيرا بتزويد مكتب التحقيقات الفدرالية بالمعلومات

في العودة إلى مقال الإندبندنت هناك البروفيسور وليم تشيس من جامعة بتسبورغ وقد أقتبس عنه في النهاية يؤكد أن لديه معلومات قاطعة تثبت أن تروتسكي كان جاسوسا لمكتب التحقيقات الفدرالي . منظمة الشباب الأحمر حصلت تبعاً لذلك على هذه المعلومة (المصدر يتعلق بالكشف تحديدا لأرشيف الولايات المتحدة – RG 84 أو من البروفيسور تشيس نفسه . أي دليل آخر سيعتمد على ذات الإقتطاف) .

طبقاً لما جاء به البروفيسور فإن تروتسكي زود مكتب التحقيقات الفدرالي بتلك المعلومات من أجل الحصول على فيزا الدخول إلى الولايات المتحدة . ويشير البروفيسور أيضاً .." تزويد القنصلية الأميركية بأسماء الأعداء المشتركين سواء كانوا شيوعيين أميركان أو مكسيكيين أو عملاء للسوفييت كان تروتسكي يأمل أن يبرهن على قيمته للحكومة التي ترفض منحه فيزا الدخول .

دعاوى تروتسكي الهستيرية كانت موجهة ضد كل من يتعاطف مع الإتحاد السوفياتي الذي يقوده ستالين . في أميركا كانت اللجنة الأميركية للدفاع عن ليون تروتسكي تقوم بحملة لمنح تروتسكي ملجأ في الولايات المتحدة . عندما انعقد المؤتمر العالمي ضد الحرب والفاشية، ومؤتمر عمال أميركا اللاتينية طالب تروتسكي أنصاره بأن يرسلوا إليه مستعجلاً بالبريد الأسماء المعروفة للوفود من عملاء السوفييت . يعترف البروفيسور تشيس بسخرية مثل هذه الإدعاءات التي تجعل أحدنا يفكر بعدد الشرفاء من البروليتاريا والقوى الديموقراطية الذي ترسل أسماؤهم إلى مكتب التحقيقات الفدرالية . اتهامات تروتسكي لليبراليين والثورين الذين لا يشاركونه آراءه وبعض معتقداته إنما هم ستالينيون أو عملاء للسوفييت هو ما أفقده الكثير من الأنصار في الولايات المتجدة .

هناك ما هو أكثر من ذلك . مع سيل من مثل هذه المزاعم المجنحة قبل تروتسكي دعوة للحضور إلى لجنة التحقيقات المعادية لأميركا (Dies Committee) . هذه اللجنة المشكلة من مجلس النواب الأميركي لتحقق في الأنشطة المعادية للولايات المتحدة وهي مرتبطة بشخصيات فاشستية معروفة وتقوم بتحقيقات غير ديموقراطية مشبوهة وعملت على تمرير قوانين معاديه للعمال . هكذا كان موقف تروتسكي من العمال والمعادي للفاشية (لحسن الحظ لم يظهر تروتسكي أمام اللجنة لأنه لم يمنح فيزا الدخول، غير أنه زود الحكومة الأميركية بالمعلومات لديه بوسائل أخرى . وهنا نصل إلى النقطة المركزية فيما تقول منظمة "الشباب الأحمر " : التواد المتبادل بين تروتسكي ومكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) :
القنصل في السفارة الأميركية روبرت ماكجريجورقابل تروتسكي في بيته في حزيران 1940 واجتمع بماكجريجور مرة أخرى في 13 تموز ... تروتسكي زود ماكريجور بكل إدعاءاته ودلائله بالتفصيل . لقد زود القنصل الأميركي بأسماء مختلف المنشورات والسياسيين وقادة العمال وموظفي الحكومة المشتبه بانتمائهم للحزب الشيوعي في المكسيك [المكسيك والإتحاد السوفياتي كانتا الدولتين الوحيدتين في العالم اللتين دعمتا مادياً الحرب على فاشية فرانكو 1936 – 39] . كشف له أيضاً عن اسم كارلوس كوريرس مندوب الأممية الشيوعية المعتمد في اللجنة التوجيهية للحزب الشيوعي في المكسيك، وعن نشاطات مزعومة لسفير المكسيك السابق في فرنسا نارسيس بصول بدعوى أنه عميل للإتحاد السوفياتي من أجل طرده من المكسيك
(حالما استلمت وزارة الخارجية مذكرة القنصل ماكريجور حولتها لمكتب التحقيقات الفدرالي) .