هل أكبر متعة : اعرف نفسك ؟


احمد مصارع
2006 / 5 / 4 - 11:03     

الجزء الأول :
لاشيء سوى الماضي , حيث لاحاضر لامستقبل , فالماضي البعيد جدا , بل والمبتور الصلة مع الحاضر الراهن أكثر واقعية فعلية , من الحقيقة المتصورة , فعن أي نوع من البشر سنتحدث ؟!.
فإذا كان الماضي البعيد وقد أصبح خلف طبقات من ستائر النسيان , أقرب للنفس الحاضرة والغائبة في آن واحد معا , من الحاضر الذي تحول بقدرات حواة , ومشعوذين بل وسحرة مسلحين الى ما يشبه الخرافة والأسطورة بحيث دفع أحد المتألمين من هذه الإشكالية , الى الاعتقاد , بكون الحل المأساوي , عند الأجيال القادمة , لمعادلة موت الحاضر والمستقبل , باللجوء الى المزيد من الإيغال في الماضي , فان كان المرجع السابق بحدود الإسلام , فهل سيكتشف الخلف القادم من وراء تراكمات ماضية , الحل بالعودة الى ما قبل ذلك بكثير , فكأن خطأ اليوم مصدره خطأ من كان قبلنا في اختيار لحظة الرجوع للوراء , فبدل الألف , كان ينبغي على الجدود اختيار اللحظات فيما قبل الألوف ؟!.
ومن طريف الاستخدامات الجاهلة , قول الفكهاء ( الفقهاء ) , في كل حين وأين , الحقيقة والواقع ( الحغيغة والواقع ) هكذا بكل بساطة , تتم مطابقة الحقيقة التصورية بالواقع الفعلي , وبكل بساطة ؟!.
ما الحقيقة وما الواقع ؟
الحقيقة تصورية , ومن المفترض أن تكون تناسبية مع مستوى الوعي والإدراك للحظة المادية المحيطة , وحيث أن من المستحيل , امكان حصول التطابق مع الواقع الفعلي , فسيبقى من الضروري امكان الاقتراب التقريبي من الواقع , مع حسابات التقريب بالنقصان أو بالزيادة ؟
المفارقة أكيدة , حيث من الصعب قبول البعد الفظيع عن الواقع , ومن ثم الارتداد بمزيد من التعنت والمغالاة , في رفض الواقع الفعلي , بل وصناعة الحقيقة التصورية المزعومة وفقا للأهواء والأماني المنحرفة ؟
أولا : اللغة الفاسدة .
يفسد الفكر باللغة الفاسدة غير المفكرة , ومن المفترض أن يقبض العقل المفكر ببراثنه القوية , على اللغة المائعة غير الصلدة , والعكس ممكن وغالب, فهو تسليم وإتباع , وقبول من غير تمحيص , وحياة ناقصة في بيئة ليست صحية بالمرة , الأمر الذي سيجعلنا نشكك بقدرة العقل المختل على إنتاج فاكهة ذات نكهة
الفكر الفاسد , وبخاصة في المجتمع التقليدي الرتيب , يعوم بكليته في مستنقع اللغة الراكد , فلا يتجدد ماؤه , بل يصير خانقا , شأنه شأن البيئة التي تراكم الخردوات , المركبة والتي تصحر وجه الأرض , بل وتسبب للمخ الغشاوة والشلل , ومما لا يتحلل بسهولة ؟
ألفاظ ترن , وتراكيب تطن , ولا يسندها أدنى أشكال الظن , عن سوى الألفة , والعادات المستسهلة , وهي تعويدات نفسية بالغة الضرر , إلا من الغريزة الكسولة , ولنمط بطيء التطور , يدير ظهره للتغييرات اللحظية الواقعة في الحياة , نتيجة لتقلص القدرة على الاستجابة , كمثل بقية الكائنات الحية , الأمر الذي يذكرنا بامكان بقاء مستحاثات على النفس الأخير من الحياة ؟
الحياة المدنية الناشبة كزهور بيضاء وسط حقول من الأشواك , صحافة وتلفزة , أمنية عسكرتارية مفضوحة , شوفينية تتمتع بالفقر الذي تبر جز بقدرة سحرية , راكبا صهوة ( الكديش ) الشعبوي الماضوي , بل والمتحمس نهارا , للماضي البطولي ( الوطني والقومي وغيره ) والنائم ليلا على ثقة تامة بأن أحدا لن يصحو أبدا من تلقاء نفسه , ومن سيعرف نفسه أو غيره , فمن المؤكد أن لن يكلف نفسه عناء المخاطرة في الكلام عن مفارقة الحقيقة للواقع إلا في سره ؟
المطلوب منا أن نبكي دوما على من هم فقراء , وننسى بدون عقل , أننا الأفقر من هؤلاء جميعا , فلا أحد خارج أو داخل ماضويتنا السليبة , يمكن له أن يعاني داخل حدود الوهم والرحم , فالظلم الخارجي عالمي ورومانسي للغاية , في حين أن الداخل أبيض المظهر رغم سوداوية الطوية ؟
يجب أن يبكي الإنسان محليا على واقع دولي , وينسى من أجل مصلحة الوطن والأمة , لعقود , وربما لقرون , حالة جنائز يته وعويله المزمن , وندبه من عند أبواب وبوابات المندب ؟
لافرق أن تبتسم أو تقهقه بعصبية بالغة , فالمهم والأهم أن تشارك في حفلات الانحطاط , والغياب والفقدان لكل وعي ممكن له أن يضر بمصلحة امتزاج الحقيقة بالواقع , ووفقا للإرادة المظلمة , حذار من التفكير ولو للحظة واحدة بإمكانية الخيانة أو الظلم ؟
اسخر من نفسك , وارقص سخرية بدون وعي , فماذا يفيد الوعي ؟ فلا أحد سيموت من ذبحة الألم الواهم , لمجرد اختلاط الحقيقة بالواقع ؟
تعمية متراكبة , من اختلاط الأسباب بالنتائج :
اربط الحمار حيث يرغب صاحبه , من هو صاحبه , ومن هو أنا ؟
ابتسم , فما قيمة الابتسامة بين القهقهات المنفجرة , فابتسم ليس إلا ,وابتعد عن استخدام اللغة المقعرة , بل واجتنب كل أشكال الحذلقة , لأن كل محاولة للتر كيب أو التحليل , حتى لوكان ذلك بقصد إضاءة القليل ببقايا شمعة محترقة بسرعة , اللهب المتفحم , فلن تنجح في قليل من الإزاحة , عن ظلامية الرؤية القاتمة الأبدية .
المطلوب هو الانسلاخ عن الواقع وبدقة تامة , والالتزام بحزمة التعابير الصادرة عن الوجي واللا وحي , من الصغير الى الكبير , في نمط شوفيني متحد للغاية يعكس أهمية الحياة الرخوة المرتخية , على حساب من يتوهم القدرة على الاقتراب من الواقع الفعلي , بينما يمكن لمآثرنا البطولية ولمجرد الحماسة , على إذلال وإخضاع المستحيل عند غيرنا ؟
على كل كائن حي محلي أن يدرك أنه في عمق برزخ الموت , أنه لا معنى للتفكير اللحظي المخادع , الاستملاك ونهب الثروات ليس سرقة , والحكومة التي تملك كل شيء , وتشارك الصغير والكبير في مجرد التأثر , فهي لا تسرق أحدا , لأن أحدا هو الأحد المجرد , والمجرد , والمفرد , اللا جماعي , شاذ عن القاعدة الموروثة , التقليدية فالحياة أسمى من كل أنواع الاستملاك , وما ملكيات الحكومة والأفراد سوى المكفأة عن عمق الأضحيات والتضحيات ,لأشخاص بسطاء لا ملكيين , من أجل الملكية , ومخطئ جدا من يصورهم يوثقون العبودية , من جيل لآخر , فالإنسان عند هؤلاء الأوصياء ليس مجرد مستهلك ملقى في مستودعات الخردة ؟
القلب الأسود مبيض في داخله , واللسان اللاعق لدماء من ؟ هو مجرد نظيف ؟
راجع في البحث المغاور والكهوف , فستجد الأشعار الحقيقية والواقعية التي تدل ببراعة على نصاعة الألسن النظيفة , والخفيفة , بحيث ترضعها نيوب اللبؤات والليوث ؟ ..........