رحيم الكردي ... قدم حياته قربانا للوطن


خالد حسين سلطان
2019 / 5 / 21 - 22:44     

رحيم الكردي ... قدم حياته قربانا للوطن
بقلم : منعم جابر
حكاية هذا البطل المناضل لا بد لها ان تكتب بحروف من ذهب لتظل نبراسا للأجيال، واعتزازا مني بهذا العامل الشيوعي الذي قدم حياته قربانا للوطن ولشعبه من اجل غد سعيد ووطن تسوده العدالة الاجتماعية وترفرف عليه رايات الاشتراكية .
ففي ليلة من ليالي اذار عام 1976 جلس الى جانبي رحيم الكردي للمناقشة وتبادل الرأي حيث كان يوم 29 اذار موعد محاكمة الثنائي الشيوعي رحيم وزميله شاكر رحيم ( مفوض شرطة ) تبادلنا الافكار حول كيفية الدفاع في المحكمة ( المجزرة ) وبعدها قال شاكر : رفيق منعم انا اعتقد بانك ستخرج من هذه المسرحية سالما لان موقفك كان سليما وبلا اخطاء يستغلها الطغاة، وانطلاقا من هذا اطلب منك ان تنقل رسالة عني بأمانة الى الحزب وجماهيره وهي رسالة حب وصراحة وموقف وطني! تعجبت لما قاله رحيم وتركته يواصل قائلا: ابو ايفان، انا لست مسؤولا حزبيا عن صديقي شاكر رحيم ! ... سألته اذا لماذا قبلت هذه التهمة وقد يكون الموت هو النتيجة المتوقعة ؟! أجابني : انه أي شاكر صديقي قد كسبته يوما ما وقبل سنوات الى العمل النقابي وانت تعرف بأنني عامل وناشط في النقابة، الا اننا افترقنا عن العمل وذهب هو سلك الشرطة لإعالة عائلته الفقيرة ومساعدة والدته الطيبة في امور الحياة ومصاعبها ! يقول رحيم في مطلع عام 1976 تم القبض عليَّ، دون ان اعرف السبب وحاول ازلام ورجالات الامن من ارهابي والطلب مني الحديث وانا لا اعرف لماذا اعتقلت، وما هي التهمة الموجهة لي، وكانوا يجيبون عن تساؤلاتي بالقول : هسة نوصل للدائرة ونعرف كل شيء ؟ وفعلا وصلنا دائرة أمن بغداد ومباشرة الى التحقيق، وبعد دقائق وجدت امامي صديقي شاكر رحيم، وقد مزقت ملابسه وتورمت عيناه وحافي القدمين منفوش الشعر، شكله مخيف ومنهار القوى! سألني المحقق هل تعرف هذا ؟ أجبته : انه صديق طفولتي وابن منطقتي! قال: هل انت مسؤوله في الحزب الشيوعي ؟ اجبته لا، وهو ليس له علاقة بالحزب حسب علمي، لأنه عسكري ولا يحق له اي ارتباط باي حزب سياسي، هنا حرج شاكر وبدأ المحقق يضغط وبدأت حفلات التعذيب والفلقة والتعليق وانا مصر على ان لا علاقة لشاكر بالحزب، فقال المحقق : اجلبوا شاكر مرة اخرى! وبدأت الاساليب ذاتها وكنت على علم بان قابلية شاكر وبسبب ضعف بنيته لا تقاوم التعذيب ولا تقدر على الصمود بوجه هذه الهجمة البربرية، وكنت اعرف بان لشاكر علاقات واسعة وصداقات متنوعة، وقد يؤدي هذا التواصل بالتعذيب بمضاعفات وتوسع بالقبض وخسارة الحزب لرفاق جدد، لان البعثيين بدأوا بتوسيع دائرة التحقيق والقبض على رفاق واصدقاء ومقربين للحزب ولا على التعيين، هنا قدمت نفسي بعد ان وجدت الطريق مسدودا وقلت : انا المسؤول عن شاكر رحيم! وتم تصديق الافادة لدى قاضي التحقيق وانتهى الفصل الأول من المسرحية ! هنا قال لي رحمن الكردي : هذه هي الحقيقة، فلا علاقة لشاكر معي، وقد عرفت فيما بعد ونحن هنا في المعتقل بانه على علاقة مع احد رفاقنا العاملين في المطبعة ( لجريدة طريق الشعب ــ وقال لي اسمه ولكني نسيته اليوم بعد اكثر من اربعين سنة )، ووجدت نفسي قد ساهمت بإنقاذ احد رفاقي وتحملت القضية كاملة وبشجاعة ! قلت له ابو عوف : يعني لا علاقة حزبية او تنظيمية لك مع شاكر رحيم، لكنك وجدت ان خسارة اي شيوعي او الاعتراف عن اي علاقات تنظيمية ستفيد الاعداء الطبقيين وتضر بالحزب ورفاقه. فقال : نعم، فقررت ان اتحمل ما حصل لنا وان انهي التحقيق على هذه الصورة، حتى وان يكلفني ذلك حياتي. هنا قبلت الشيوعي الأصيل المناضل عبد الرحمن علي رحيم وباركت له موقفه، وقلت له انها أمانة سوف أوصلها للحزب وللجماهير وانقلها بأمان وفعلا، في اليوم الثاني، وعلى ما اتذكر في 30 اذار 1976 صدر الحكم من ( مسلخ الثورة ) بالإعدام رميا بالرصاص على ( شاكر ناصر رحيم ) علما ان علاقته بالحزب كانت منقطعة منذ 1973 والحكم بالإعدام شنقا بالرفيق الشجاع والعامل النقابي عبد الرحمن علي كريم رحيم ( الكردي ) الذي قدم حياته قربانا لوطنه وحزبه. وقد تم تنفيذ حكم الاعدام بهذه النخبة المناضلة يومي 17 / 18 ايار 1978 .
المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي وشهداء الحركة الوطنية .