سراندو جديدة فجر الجمعة بإحدى قرى المحمودية بالبحيرة


بشير صقر
2019 / 5 / 18 - 21:29     

اجتياح قوات الأمن لعزبة ليبيا واعتقال ثلاثمائة من سكانها بينهم فلاحات

مداهمة المنازل وتكسير محتوياتها والاعتداء علي سكانها وترويعهم

تهم بالجملة في انتظار الفلاحين منها الاعتداء علي قوات الأمن والمطافئ وتكدير الأمن العام

الهجوم يعيد للذاكرة القبض علي الآلاف بقرى أبي المطامير لتحصيل ضريبة الأطيان عام 2008

،،،،،،

وجوه شبه وملامح مشتركة بين جريمتى سراندو وقرية ليبيا بالبحيرة :

14 عاما و 40 كيلومترا تفصل بين مذبحة عزبة سراندو مركز دمنهور فى مارس 2005 ، وبين اجتياح قوات الأمن لعزبة ليبيا مركز المحمودية بنفس المحافظة والسبب واحد هو بحث الفلاحين عن لقمة عيش شريفة ورفض كبار متنفذى المنطقة وحكامها المحليين وإقطاعييها لذلك.

الفلاحون طرف في المذبحة والاجتياح في الحالتين ( سراندو ،وليبيا) ؛ بينما الطرف الآخر هو (عائلة نوار) عام 2005 فى سراندو .. و( عائلة علي ) في عزبة ليبيا عام 2019 .

في سراندو دارت المذبحة صباح الجمعة الباكر 4 مارس 2005 ؛ بينما الاجتياح تم فى عزبة ليبيا في فجر الجمعة 17 مايو 2019 .
في الحالة الأولي احتدمت المعركة في البداية بين الفلاحين وعصابات الإجرام والمطاريد المستوردين من محافظة أسيوط ، وسقط فيها قتيل من عائلة نوار واستشهدت الفلاحة نفيسة المراكبي بسبب التعذيب ، ولما رجحت كفة الفلاحين وسيطروا علي ميدان المعركة نزلت قوات الأمن بعد ساعات قليلة لتقلب ميزان المعركة وتقبض علي الفلاحين والفلاحات وتطاردهم حتى مشارف القري المجاورة وتخلو سراندو من سكانها وحيواناتها وطيورها لمدة 9 أسابيع متصلة وحلّوا ضيوفا علي القرى المجاورة وأراضيها الزراعية.

بينما في الحالة الثانية (عزبة ليبيا ) دارت المعركة ضد الفلاحين فور اجتياح الشرطة للقرية ومداهمة منازلها وتحطيم محتوياتها وأثاثها والقبض علي حوالي 300 فرد من أهلها ما بين رجل وامرأة وكهل.

كان هدف المعركة في سراندو في البداية متمثلا في اغتصاب أراضى الفلاحين التى حصلوا عليها بشكل قانوني من الدولة بموجب قانون الإصلاح الزراعي الذى ينكره معظم رجال الشرطة وظلوا يزرعونها لما يزيد عن نصف قرن. ثم تطور الأمر إلي ثأر ضد الفلاحين بعد فشل خطة ( الإقطاع / الشرطة ) في اغتصاب الأرض من الفلاحين .

بينما في ( عزبة ليبيا ) كان هدف المعركة في البداية إرغام الفلاحين بالقوة علي شروط الإيجار بالمشاركة مع مؤجر الأرض علي إبراهيم ، وهوواضع اليد علي الأرض دون مستندات حقيقية . واعتقال الفلاحين الرافضين لشروط المشاركة ووضعهم في أحدمعسكرات الأمن المركزى بمدينة دمنهور لترويعهم حتى يذعنوا.. وتطور الأمربعدها بالشروع في طردهم تماما من الأرض تمهيدا لبيعها لآخرين ، ومن هنا كانت شروط الإيجار مجرد وسيلة للطرد من الأرض.

فى حالة سراندو 2005 وجهت النيابة للفلاحين تهم اغتصلب حيازة الغير ( عائلة نوار) وإتلاف مزروعاتهم ( علي عكس الحقيقة تماما ) ، وحرق الجرارات المعتدية ، وإلقاء السيارات -التى حملت البلطجية والأسلحة والخيام والأسلاك الشائكة - في الترع والمصارف ، وقتل علاء نوار ( قائد جيش البلطجية ومطاريد أسيوط ) وابن العائلة الإقطاعية.

وفي حالة ليبيا ينتظر الفلاحينَ أضعافُ التهم السابقة ( ومنها حرق سيارات المطافئ ، واعتراض سيارت الأمن والاعتداء عليها ، وحرق المحاصيل وحظائر الماشية التى تملكها عائلة ( علي) وتكدير الأمن العام ، والامتناع عن الوفاء بشروط الايجار في عقود المشاركة الجائرة..إلخ .
أوجه شبه كثيرة تجمع بين مذبحة سراندو في مارس 2005 بمركز دمنهور وبين اجتياح الشرطة لعزبة ليبيا بمركز المحمودية في مايو 2019 .والقاسم المشترك بينهما هو الضحايا من الفلاحين من ناحية ، وقوات الشرطة الضالعة في التخطيط والتنفيذ من بعض أفراد الأسر الإقطاعية والعائلات المتنفذة وحكام الأقاليم في المنطقة من ناحية أخرى.

ماذا حدث في قرية ليبيا علي لسان عدد من أهلها :

فعلي بعد 25 كيلو متر من مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة جهة الشمال الشرقي تقبع قرية ليبيا علي مسافة 4 كيلو مترات من مدينة المحمودية مركزها الإدارى . وهناك يوجد أحد تجار الأخشاب ( مهندس مدنى ) يدعي علي إبراهيم علي حيث كانت عائلته تضع يدها علي عدة مئات من الأفدنة . كانت الأرض في وقت سابق أقرب للمستنقعات والأراضى البور؛ وبسبب حاجة الفلاحين في القرية لها لجأوا لاستئجارها من العائلة المذكورة بأسوأ نوع من أنواع الإيجار .. وهو ( نظام المشاركة ) . أى دون إيجار نقدى.. بل باقتسام تكلفة الزراعة واقتسام عائد الأرض بينهما ( أي بين المؤجر والمستأجر) .

وشرع علي إبراهيم في رفع نصيبه من عائد الأرض بالرغم من الارتفاع الجنونى لتكلفة الزراعة من ( تقاوى ، أسمدة ، مبيدات ، أعلاف ، آلات ، لقاحات وأمصال ، رى ،عزيق ، خدمة محصول ، حصاد..إلخ ) وهو ما قابله الفلاحون بالرفض نظرا لانخفاض جدوى حرفة الزراعة من جانب وارتفاع تكاليف المعيشة من جانب آخر .

يقول فلاحو قرية ليبيا أن مؤجر الأرض ( علي إبراهيم ) يريد بيعها لآخرين وهو ما يعنى طردهم منها وتوقف حياتهم وحياة أسرهم .

وإزاء هذه الرغبة من ناحية ورفض الفلاحين لرفع إيجارها ( العينى ) من ناحية أخرى لجأ مؤجر الأرض لمقاضاتهم وكان قد حصل من بعضهم علي( شيكات علي بياض ) لاستخدامها ضدهم في المحاكم مما مكنه من الحصول علي عدد من الأحكام القضائية لصالحه.

وفي سبيل فرض شروطه و إرهاب الفلاحين لجأ إلي العنف باستئجار عدد من البلطجية لإكراههم علي ترك الأرض لكن جملة هذه الأساليب لم توصله إلى هدفه المطلوب وهو طرد الفلاحين.

لذا قرر إشراك الشرطة باعتبار رفض الفلاحين لعقود استئجار الأرض بالمشاركة من ناحية ؛ وحصوله علي أحكام قضائية من ناحية أخرى يمكنانه من تنفيذ الأحكام والطرد بالقوة . لكنه كان يفتقر إلي مدخل لتفجير الوضع مع الفلاحين يتيح الفرصة لتدخل أجهزة الأمن .

لذلك لجأ أحد أعوانه ( أ. أ ) لحيلة مكشوفة وهى إضرام النار في أحد حظائر الماشية – تسمى طيارة – الخاصة به واتهام الفلاحين بذلك مع استدعاء قوات الدفاع المدنى بسيارات الإطفاء لإخماد النيران التى شبت في الحظيرة.

الانحياز .. وكسر المقاومة .. وفرض الإرادة على فقراء الفلاحين :

أدرك الفلاحون الحيلة – وهى أن الحريق المصطنع واستدعاء قوات الإطفاء هى الوسيلة لإدخال قوات الشرطة للقرية ومن ثم لطرد الفلاحين من الأرض.ولذلك سارعوا بإطفاء الحريق بأنفسهم قبل وصول سيارات الإطفاء ومن ثم فوتوا فرصة دخولها للقرية ومنعوها من ذلك.

وهنا – وحسب الخطة – قامت قوات الأمن المركزى بتشكيلات متنوعة وأعداد كبيرة باجتياح القرية فجر الجمعة 17 ماريو 2019 ؛ ومداهمة معظم منازلهم وتحطيم أثاثها والاعتداء علي سكانها – خصوصا من يستأجرون منهم أرض علي إبراهيم – واعتقال كل من يقابلهم من رجال ونساء حتى بلغ العدد 300 فلاحا بين شاب وامرأة وكهل منهم [ عصام أبولبن ، سليمان محمد سليمان ، سعيد زعير ، محمد محمود عميش ، أحمد سليمان محمد ، وسيدة تسمى صبحية ( أم إبراهيم زعير ) ، علاوة علي عدد آخر من النساء .

هذا ويفيد فرحات سليمان - أحد أبناء القرية - وهو أحد أعضاء حزب التحالف الشعبى الاشتراكى بمحافظة البحيرة بأن قائمة الاتهامات التى تنتظر المعتقلين من الفلاحين والفلاحات تتضمن الآتى :

اعتراض سيارات الإطفاء ، اعتراض قوات الأمن والاعتداء عليها ، حرق محاصيل الغير ، حرق أحد حظائر الماشية ، تكدير الأمن العام ، عدم الوفاء بشروط التعاقد مع مؤجر الأرض، ريع جزء من الأراض المستأجرة..إلخ .

ومن جانب آخر يدلل بعض أهالي القرية علي انحياز قادة الشرطة ضدهم بما شاهدوه مساء اليوم علي مائدة إفطار مؤجر الأرض ( علي إبراهيم ) حيث تواجد بها حاكمدار مديرية الأمن مساء الجمعة 17 مايو 2019 .

من ناحية أخرى أفاد مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الاشتراكى بمضمون موقف حزبه من ذلك الاجتياح بقوله : " الأرض الزراعية ذات وظيفة اجتماعية بالأساس وهى إنتاج الغذاء والكساء والدواء قبل وضعها القانونى ؛ أى قبل من يملك ومن يؤجر ومن يستأجر . وطالب بالإفراج عن المعتقلين من الفلاحين والفلاحات ، وبإعادة العمل فى قرية ليبيا بعقود إيجار نقدية تراعي غلاء المعيشة وأسعار احتياجات الفلاحين الأساسية وتكاليف الزراعة وأسعار الإيجار بالمنطقة والزمام. كذاك رأى ضرورة تعويض الأهالي عما لحق بهم من إصابات وخسائر جسيمة جراء همجية الاجتياح ، والشروع في تحقيق فورى مستقل مع قادة الاجتياح من قوات الأمن بالبحيرة وخصوصا من حضر منهم إفطار مؤجر الأرض مساء الجمعة 17 مايو 2019 بمنزله رغم أن الأخير أحد أطراف المشكلة؛ وكان من الطبيعي عدم الانحياز لأى منهم تطبيقا للعدالة " .

الجمعة 17 مايو 2017 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى - مصر