حول التحشيد الأميركي ضد إيران واحتمالات الحرب


عواد احمد صالح
2019 / 5 / 17 - 17:22     


يبدو ان الحشد الاميركي في الخليج واستعراض القوة الذي يلوح به ترامب يهدف الى ايصال مجموعة رسائل الى ايران والرأي العام العالمي وخاصة الدول المنافسة والمناهضة للسياسات الاميركية :
1- دفع النظام الحاكم في إيران للتفاوض حول مجموعة شروط تهدف من وراءها اميركا الى تحجيم دور ايران الاقليمي في المنطقة لعل في مقدمتها منع ايران من امتلاك سلاح نووي او صاروخي استراتيجي يهدد الكيان الاسرائيلي العنصري وقطع صلة ايران مع اذرعها المسلحة في لبنان والعراق واليمن وسوريا.
2- محاولة اميركا بعد فشلها الذريع في العراق وسوريا اثبات انها مازالت القوة الاولى المهيمنة في العالم والقطب الذي يتحكم في السياسية الدولية .
3- ان هذا التحشيد العسكري الضخم هو جزء من الحرب النفسية التي تهدف الى زعزعة الوضع الداخلي في ايران والتاثير على النظام الحاكم بهدف دفعه الى التفاوض والتنازل عن مشاريعه التسليحية ودوره الاقليمي .
4- يهدف ترامب من وراء الحشد العسكري الكبير تعزيز موقفه الداخلي ازاء الانتقادات التي يواجهها سواء في الكونكرس او من المعارضين الاخرين .
5- ان سياسة الولايات المتحدة والدول الغربية ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 قائمة على الهيمنة والسيطرة والتحكم في سياسات مختلف الدول واستقلالها الاقتصادي والسياسي وخاصة في الشرق الاوسط والعمل على اسقاط الانظمة التي لاتخضع لارادة واوامر الولايات المتحدة والامثلة واضحة وكثيرة في هذا السياق ، ان ظهور اي قوة اقليمية تمتلك اسلحة استراتيجية يمكن ان تهدد كيان وبقاء دولة اسرائيل هو خط احمر بالنسبة لاميركا والغرب واسرائيل ايضا لذلك فان تصاعد وتيرة الصراع مع النظام في ايران يقع ضمن هذا السياق .
ولقد اثبتت تجارب السنوات السابقة ومنذ احتلال العراق وتدميره عام 2003 حتى اليوم كذب وزيف الادعاءات الاميركية حول تحرير الشعوب ونشر الديمقراطية والحرية وكل ماقامت به اميركا وحلفاؤها هو تدمير الدول واحداث الفوضى ونشر الارهاب في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها .لتاكيد سياسة الهيمنة الاستعمارية المباشرة وغير المباشرة فيما يصب في خدمة وتشييخ الكيان الاسرائيلي العنصري والدفاع عن وجوده وبقاءه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ولعل مشروع ما يسمى صفقة القرن هو المشروع الاخير الذي يحاول ان يهيل التراب على قضية الحقوق الفلسطينية بدعم ومساعدة الانظمة العربية الرجعية العاجزة التابعة والمتحالفة مع الولايات المتحدة .
ان الاستعراض العسكري الاميركي وتجليات القوة التي تلوح بها اميركا سواء ضد ايران او غيرها يمثل محاولة يائسة من قبل اميركا للابقاء على دورها الدولي باعتبارها القوة الاولى في العالم التي تقرر شؤون السياسة الدولية خاصة بعد ظهور اقطاب دولية قوية ومنافسة مثل روسيا والصين الاولى تمكنت من فرض انتصارها ودورا العسكري في سوريا والثانية تمثل قوة اقتصادية عالمية هائلة على وشك الخروج من قمقمها والامتداد الى البلدان الاخرى وقد قدمت الصين مشروع طريق الحرير الذي يربط الشرق الاقصى والاوسط وحتى القارة الاوربية لنشر نفوذها الاقتصادي والمالي بمنآى عن دور الولايات المتحدة بل وضدها ايضا .
احتمالات الحرب بين اميركا وايران
رغم التحشيد العسكري الكبير الذي قامت به الولايات المتحدة ضد النظام الايراني والحصار الذي فرضته لتجويع الجماهير الكادحة المخالف للقوانين الدولية وحقوق الانسان كما فعلت مع العراق ابان سنوات التسعينات فان احتمالات المواجهة العسكرية اذا ما حصلت فستكون محدودة للغاية فكلا النظامين الاميركي والايراني غير مستعد للدخول في حرب شاملة وحقيقية فالولايات المتحدة مازلت تلعق جراحها من حرب العراق وسوريا وقد خسرت مليارات الدولارات بدون تحقيق نتائج حاسمة غير الفوضى والدمار والإرهاب ، والنظام الايراني المنهك اقتصاديا وعسكريا من جراء الحصار الاميركي واعباء تدخلاته في سوريا واليمن ولبنان هو الاخر غير مستعد للدخول في حرب شاملة ومدمرة ممكن ان تسقطه .
ان الولايات المتحدة وحلفاؤها يعولون على تفجير الوضع في ايران من الداخل فالتذمر من جراء الحصار والافقار وانهيار العملة وصل مستوى خطيرا ومدمرا ويمكن ان يكون سببا في اندلاع احتجاجات جماهيرية ثورية ضد النظام الرجعي الاوتوقراطي الحاكم .

الموقف التحرري الانساني والثوري يقوم على شجب واستنكار اساليب الغطرسة الاميركية والتلويح بالقوة والحرب ورفض منطق الحصار والتجويع ، كما يقوم على دعوة الجماهير التحررية في ايران وخارج النفوذ والدور الاميركي الى الاحتجاج الواسع والمنظم لاسقاط نظام الاسلام السياسي الرجعي في ايران واستبدالة بحكومة ثورية تمثل مصالح الجماهير العمالية والكادحة حكومة تقوم بتحطيم اغلال الاستبداد الديني والرجعية ونشر مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة والحقوق المدنية والفردية الشاملة .
ان اي تغيير يأتي من الخارج وعن طريق الحرب - فيما لو حدثت- سيكون كارثة ووبالا على الجماهير في ايران وسيخلق الفوضى والدمار والخراب والصراعات الداخلية العرقية والمذهبية والدينية في المجتمع الايراني على غرار ما حدث في العراق بعد الاحتلال عام 2003 .

13 مايو / 2019