قَسَمَاً بالقمحِ.. بالسنابل..


سعود قبيلات
2019 / 5 / 13 - 17:50     





بالنسبة لي، التغييرات (والتعديلات) الحكوميّة لا قيمة لها ولا تعني شيئاً. وفي العادة لا أهتمّ بها ولا أُعلِّق عليها؛ فالمشكلة أعمق مِنْ ذلك وأبعد بكثير؛ فما دام النظام أوتوقراطيّاً يغيِّب مؤسَّسات الدولة كلّها ويمنح صلاحيّاتٍ فرديّة مطلقة للملك؛ فلا فائدة مِنْ أيّ تغييرٍ أو تعديلٍ حكوميّ.. حتَّى لو جيء بأفضل الناس لشغل المناصب الوزاريّة.

الأمر الذي يستحقّ الاهتمام هو فقط إعادة السلطة إلى الشعب، ليصبح الشعب هو فعلاً مصدر السلطات، وتصبح المسؤوليّة مقترنةً بالمساءلة، والسلطة متداولة، والحكومة تشكِّلها الأغلبيّة النيابيّة وتكون هي وحدها صاحبة الولاية العامّة ومسؤولة أمام مجلس النوّاب الذي يجب أنْ يكون منتخباً انتخاباً ديمقراطيّاً نزيهاً يحقِّق التمثيل الصحيح للشعب.

عند ذاك فقط، سنهتمّ وننتبه ونقول إنَّ تغييراً حقيقيّاً قد حدث.

ولكن، في ما يتعلَّق بهذا التعديل الحكوميّ بالذات، لا أملك إلا أنْ أتذكَّر – مثلما فعل كثيرون – رفيقي القديم العزيز الشهيد ناهض حتَّر، الذي خسر حياته غيلةً وغدراً بينما هو يرابط في ميدان الكفاح الوطنيّ والقوميّ والإنسانيّ مدافعاً بالكلمة الحرّة الشجاعة والواعية عن الوطن والشعب والأمّة. ولأنَّ خصومه لم تكن لديهم كلمة (أو فكرة) بالمستوى نفسه من القوّة والشجاعة والعمق والإقناع يردّون بها على كلمته ويحاججون فكرته، تصرَّفوا بكلِّ خسَّةٍ ونذالة وتواطؤا على التخلّص منه بكلِّ جُبن.

على أيَّة حال، هذه القضيّة بالنسبة لنا لا تزال مفتوحة، ولا يزال دم الشهيد يطلب تحقيق العدالة على وجهها الصحيح والكامل. وإذا لم يحدث هذا الآن، فإنَّ التاريخ سيقول كلمته وسيحاسب ويحاكم. وبالنسبة لناهض، كمناضل سياسيّ ومثقَّف عضويّ حقيقيّ، هذا هو الأهمّ. أمَّا حياته، فهو، كمقاتل شجاع وصاحب قضيّة، كان يعرف أنَّها مهدَّدة في أيّ لحظة، ولم يكن ذلك يثنيه عن مواصلة القتال في سبيل قضيّته.

ولكنَّني أحبُّ أنْ أتذكَّر، هنا، عن ناهض، الأنشودة التي وضع كلماتها، في سبعينيّات القرن الماضي، لـ«اتَّحاد الشباب الديمقراطيّ الأردنيّ»، وكان حينها أحد أبرز قادته.

ويقول مطلع تلك الأنشودة:

«قَسَمَاً بالقمح.. بالسنابل
بالعيون السود بالربيع
سنناضل.. كلُّنا نناضل
لبناء أردنِّنا الجديد».

وقد كان ناهض يُحبُّ أنْ يغنِّيها بلحن «كاتيوشا» الأنشودة السوفيتيّة الشهيرة. كما كان كثيرون، في تلك الأيّام، يغنّونها بهذا اللحن نفسه.

المجدُ والخلود لذكرى رفيقي وصديقي وأخي العزيز القديم الشهيد ناهض حتَّر.

و«قَسَمَاً بالقمح.. بالسنابل
بالعيون السود بالربيع
سنناضل.. كلّنا نناضل
لبناء أردنّنا الجديد».