هل من عودة الجزء الأول


وصفي أحمد
2019 / 5 / 12 - 19:32     


حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق , الذي بدأ نشاطه الحقيقي في خمسينيات القرن الماضي بعد أن تمكن من جذب الشباب القومي المتحمس والناقم على الأوضاع السائدة آنذاك , وممن فقدوا ايمانهم بالعمل التقليدي والمتمثل بحزب الاستقلال , والساعين لتغيير الأوضاع القائمة في تلك الحقبة .
وبالفعل , فقد انغمس البعثيون في نشاطهم لتغيير نظام الحكم الملكي بشكل مبكر من خلال مشاركتهم في الاحتجاجات بالتعاون مع الأحزاب السياسية المعارضة , وقد توج هذا النشاط بدخول الحزب في جبهة الاتحاد الوطني المتكونة منه ومن الحزب الشيوعي والوطني الديمقراطي والاستقلال وبعض الشخصيات الوطنية , في حين رفض دخول الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الجبهة بحجة سعي هذا الحزب لفصل كردستان عن بقية أجزاء العراق , كما اتهم قائده ملا مصطفى البارزاني بالعمالة للغرب .
ولتحقيق هذه الأحزاب هدفها المحوري ـ اسقاط النظام الملكي ـ بدأت الجبهة تتصل بتنظيم الضباط الأحرار , الذي كان قد تشكل من مجموعة من الضباط الشباب المتذمرين من ممارسات النظام الملكي قبل تشكل جبهة الاتحاد الوطني , وكان هذا الاتصال يتم من خلال اللجنة العليا للضباط الأحرار , تارة , وتارة أخرى بشكل انفرادي , فالحزب الشيوعي كان يتصل بعبد الكريم قاسم , هو والحزب الوطني الديمقراطي , بينما كانت الأحزاب القومية ـ ومنها حزب البعث ـ كانوا يتصلون بعبد السلام عارف .
وقد كانت نتيجة هذا التنسيق أن نجح الضباط الأحرار في تنفيذ ما كانوا يسعون إليه , حيث أسقطوا النظام الملكي في الرابع عشر من تموز 1958 .
والمفارقة العجيبة أن حزب البعث بدأ بمعارضة الحكومة الجديدة إلى الحد الذي قرر فيه اغتيال زعيمها عبد الكريم قاسم , وحتى بعد فشلت المحاولة استمر الحزب في التخطيط لإسقاط نظام حكم قاسم حتى تم لهم ما أرادوا في الثامن من شباط / فبراير 1963 .
لكن حكمهم سرعان ما تقوض على يد عبد السلام محمد عارف وحلفائه من الضباط الناصريين والقوميين وبعض البعثيين مستغلاً جرائم الحرس القومي ضد خصوم البعث من شيوعيين وديمقراطيين ولم ينج من هذه الجرائم حتى أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد دب الخلاف بينهم وبين حزب البعث الذي بدأ يتراجع عن وعوده في منح الأكراد حكماً ذاتيا , كما عجلت ممارسات الحرس القومي تجاه ضباط الجيش العراقي ودفعتهم للتعجيل بتخليص الشعب منهم مستغلين الخلافات التي بدأت تدب داخل قيادة حزب البعث , وكان لممارساتهم الإجرامية أن عملت على عزل نظامهم عن محيطهم الخارجي .
وبعد أن سقط حكمهم في تشرين 1963 , كما بينا أعلاه , ظل حلم العودة يراود البعثيون للعودة إلى الحكم , خصوصاً بعد أن تولى الحكم المرحوم عبد الرحمن عارف الذي امتاز عهده بنوع من الحرية السياسية , وبالفعل تمكنوا من العودة إلى الحكم بعد أن تحالفوا مع جماعة عبد الرزاق النايف المعروفين بعمالتهم للأجنبي وبدعم أمريكي لا يخفى على أحد .
وبعد و إلى اصولهم إلى السلطة في تموز 1968 لجئوا إلى المراوغة مع القوى السياسية الناشطة في الساحة السياسية العراقية يومها في مسعى منهم لتصفيتها من أجل الانفراد بالسلطة , وهذا ما حصل بالفعل .
وكانت النتيجة , وبعد أن استولى صدام على الحزب والسلطة , أن دفع العراق وشعبه الثمن غالياً , وصلت ذروته في قيام إدارة بوش الإبن بغزو العراق لجعله قاعدة انطلاق لتنفيذ مشروعها في عموم المنطقة . يتبع