القانون المطلق / العدم في الفلسفة والعلم والدين


بتول قاسم ناصر
2019 / 5 / 8 - 01:39     

القانون المطلق ..
11-العدم في الفلسفة والعلم والدين ..

1- في الفلسفة : قلنا في التدليل الفلسفي ان العدم هو الفراغ او الخلو من الوجود (الخلاء) . وكنا قد استنتجنا هذا من خلال قضية التناقض الذي قلنا انه يتخلل عالم الوجود والفكر . وأن أحد النقيضين لاوجود له الا مع الآخر أي انه لا وجود له الا من خلال علاقة التناقض التي تربطه بالآخر . أي انه خارج علاقته بالاخر( عدم ) وهذا هو تعريف العدم في الفلسفة ، فهو احد النقيضين خارج علاقته بالاخر ولاوجود له الا بالعلاقة . وذكرنا انه اذا كان لا وجود له الا من خلال علاقة التناقض التي تربطه بنقيضه فأن هذا يعني أنها (العلاقة) علة وجوده والعلة سابقة على المعلول ، وان اسبقيتها عليه تعني اسبقيتها بأحد طرفيها فقط اي ان صورة العلاقة تكون (وجود أحد الطرفين وغياب وجود الاخر او الفراغ من الاخر ) . فالعدم هو الفراغ او الخلاء كما ذكرنا ولقد قلنا انه بوجود هذا الفراغ او العدم يوجد التناقض وهذا يعني ان إيجاد العدم لايعني تحوله إلى (وجود) فهو مازال يحتفظ بصفة الضد لنقيضه ( الوجود ) والذي كان سابقا عليه ،وهذا يعني ان ايجاد العدم يعني اظهاره بعد ان كان كامنا وبظهوره يظهر التناقض وتوجد العلاقة . أن العدم اذن حالة كمون ثم يزاح عنها كمونها لتظهر .
2- في العلم ..العدم في الفيزياء الكلاسيكية هو الخلاء المطلق أي انعدام المادة والاشعاع في حيز مكاني . ومع نشوء ميكانيكا الكم ونظرية المجال الكمي طرأت تحولات جذرية على مفهوم العدم . فهناك طاقة مرتبطة بهذا الفراغ او الخلاء هي طاقة الخلاء وهي طاقة هائلة وتسمى الطاقة الداكنة او الكامنة اي ان العدم حالة كمون قابلة للظهور فهذا الخلاء غير مستقر وهو يتحلل إلى وجود فعدم استقرار العدم يضمن نشوء الوجود من العدم .. وهذا يعني ان العدم هو وجود بالقوة (ينظر : جدل الوجود والعدم في الفيزياء .د. هشام غصيب ) ..أن العدم هو طاقة سالبة او كامنة وهذا مايوصف به البوزترون الذي هو (ضد المادة ) وهذا العدم يتحول الى وجود ، يتحول الى الكترون فهو الحالة السابقة للالكترون وعندما يرتفع هذا البوزترون من حالة الطاقة السالبة إلى الحالة الموجبة فأنه يتحول إلى طاقة موجبة او ظاهرة هي الالكترون والالكترون شحنة سالبة ضد الشحنة الموجبة التي يحملها البروتون وهذا يعني ان إيجاد الالكترون معناه إظهاره لأنه يبقى يحتفظ بصفة الضد للبروتون الذي يحمل الشحنة الموجبة والذي هو الوجود الأول في الذرة (وهو ما تعنيه كلمة بروتون في اللاتينية ) .
3- في الدين : قلنا ان العدم في الدين وحسب تفسيرنا هو ما كان عليه الشيطان الذي هو النقيض لله تعالى الذي هو الوجود الأول . الشيطان كان عدما ، أصله عدم وهو ضد للوجود الذي هو الله . وبعد وجوده فأنه يبقى نقيضا لله تعالى اي انه يحمل صفة العدمية ، وبهذا فأن معنى ايجاده هو اظهاره بعد ان كان كامنا وهذا هو معنى العدم فهو الكمون او الاستتار . عندما كان الشيطان عدما وقبل خلقه او ايجاده كان يسمى (ابليس) . ويصف القرأن الكريم ابليس بأنه ( من الجن ) والجن هو المستور والكامن . واذا كان الشيطان مخلوقا من نار وهي طاقة فأن ابليس هو طاقة كامنة مستترة ، وهكذا تلتقي الحقيقة الدينية مع العلمية والفلسفية في نتيجة واحدة ..
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏ليل‏‏