توقيع كتاب مدخل إلى علم التدريس للكاتب الدكتور خالد فارس بفاس


عزيز باكوش
2019 / 4 / 28 - 21:26     

اعتبر الدكتور عبد الرحمان طنكول كتاب " مدخل لعلم التدريس " للدكتور خالد فارس قيمة علمية ومعرفية مضافة سيدفع إلى إعادة التفكير ليس فقط في الممارسة التربوية التعلمية أوعلى صعيد مختلف البنى التي تقوم عليها ، وإنما أيضا على المستوى التصوري الإبستمولوجي والمنهجي

وأضاف الرئيس الأسبق لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في تقديمه بمدرج مركز التكوينات والملتقيات مولاي سليمان الجمعة 19 أبريل 2019 خلال حفل توقيع الإصدار الجديد من سلسلة المعرفة التربوية للدكتور خالد فارس المفتش العام المكلف بالشؤون التربوية بوز ارة التربية الوطنية نظمته الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة فاس مكناس أن الكتاب يتوقفه عند مختلف المفاهيم المستعملة وتفكيكها يقدم جهدا هاما و يسهل للأستاذ المدرس أو المفتش أو الباحث عملية استيعاب الجهاز المفاهيمي الذي يرتكز على المستوى الإبستيمولوجي أي الجهاز المفاهيمي .
وفي سياق الجهود المبذولة من طرف الدولة لإصلاح المنظومة التربوي أوضح الأستاذ الجامعي أن الجهد الذي بذلته الدولة خلال 15 سنة الأخيرة بدأت نتائجه الأكثر أهمية في الظهور بناء على التوجهات الاستراتيجية للمملكة في أفق تحسين جودة التربية ومكوناتها وربط التعليم بسوق الشغل إن على مستوى النشر والبحث في مجال حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية أو على صعيد علوم الديداكتيك والبيداغوجيا .التربية والتكوين، مسجلا أن الكثير من البحوث عكست هاجس الحرص لدى الأسر التعليمية بمختلف مستوياتها على المساهمة في تطوير منظومة التعليم والتكوين والارتقاء بها الى المستوى المنشود.
ويرىالعميد الأسبق لكلية الآداب – جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أن هذه الظاهرة وإن كانت تعود إلى مبادرات فردية وأحيانا إلى مساهمة الجانب المؤسساتي فقد أخذت تساعد على ظهور الكثير من الدراسات البحثية الجادة تنصب في مجملها على الثالوث الديداكتيكي المتعلم المعرفة والأستاذ محاولة أن تجد حلولا لمختلف المعضلات التي يعاني منها هذا القطاع الحيوي

المتحدث ذاته قام بتشخيص دقيق لهذه الدراسات مقدما نماذج منها اهتمت بموضوع البيداغوجيا بمختلف طرائقها ورهاناتها كما نجد عند عدد من الأساتذة الأكاديميين موسى الشامي عبد الحق منصف الغالي أحرشاو الخمار العلمي وهي دراسات كان لها دور كبير في اقتراح و بناء تصور جديد . لأن مشكل البحث في المغرب يضيف ذ طنكول هو عدم التمكن من استيعاب الأجهزة المفاهيمية خاصة في مجال حساس واستراتيجي مثل التربية والتعليم

وفي تشخيصه للكتاب أكد ذ طنكول حرص المؤلف انطلاقا من بداية الكتاب الى نهايته على بناء المستوى الإبستسمولوجي ،اذ كل المفاهيم بجميع معانيها ودلالاتها وأبعادها حرص المؤلف على تقديمها والإحالة على مراجعها . مبديا أسفه لإقدام بعض الأطاريح على نشر 20 صفحة للمراجع أغلبها غير مقروء وغير موظف ، مبرزا أن المراجع التي لا توظف في بناء الأطروحة لا تفيد وهو ما نلاحظه في كتاب خالد فارس حيث أن المراجع الهامة جدا هي المشار إليها في الكتاب ، و لا داعي لإغراق الكتاب بالمراجع يضيف المتحدث
وحول أهمية البناء المنهجي في الكتاب سجل رئيس تحرير مجلة اتحاد كتاب المغرب “آفاق” سابقا التسلسل الوارد في تقديم الأفكار مما هو قليل الأهمية، إلى ما هو في مستويات عليا من الأهمية في بناء ابستيمولوجي وبناء ميتودولوجي محكم ، وهو ما يؤكد أن الباحث يقدم المادة المعرفية بطريقة محكمة لا تقتصر على تسيهل تمكن القارئ منها فحسب ، بل و نقلها وتقاسمها أيضا ،مؤكدا أن هناك منهج صارم واضح المعالم وأهدافه هو أن يستوعب القارئ العملية وبإمكانه أن يوظفها في معرفته أو تدريسه. و هو التصور الذي ينبغي ان تكون عليه الممارسة التعليمية التعلمية أي الحرص على جعل المعرفة أداة تطبيقية ، ذلك أن غياب البحث التطبيقي في مقابل وجود بحث أساسي نظري، هو ما يعاب على أصحاب العلوم الاجتماعية يقول ذ طنكول

وبخصوص التوصيف العلمي للكتاب قال ذ طنكول أن خالد فارس قدم كتابا للقراءة ، في وقت تظل خزانتنا الوطنية غنية بالكتب التي لا تقرأ، معتبرا الكاتب نموذج لتواضع نموذجي ، لا سيما حينما وسم الكتاب ب "مدخل لعلم التدريس ذلك أننا نتحدث عن الفلسفة كبعد من أبعاد العلم لكننا نبخس التعليم حينما لا نعطيه هذه الصفة ، فالكتاب يقول طنكول مبني على ثلاث أسس علمية الابستيمولوجي والميتودولوجي والتصوري . مشددا على الحاجة إلى هذا النوع من الكتب، لأنها تنبع من سمو الهاجس التطبيقي الذي سيسهر على بناء ممارسة تربوية حديثة وناجعة . وخلص إلى أن وفق هذا التصور المركب وهذه المنظومة العلم معرفية ، لا بد من عقلية علمية

ورغم انشغالات المؤلف الإدارية فقد بقى وفيا للممارسة التربوية والبحث فيها وهو نموذج لما ينبغي أن يكون عليه المسؤول الإداري الذي يقدم النموذج ويحفز الهمم و يجعلنا نخرج من الخطاب الديما غوجي أو الخطاب الأيديولوجي حول التعليم لنتعامل معه كعلم ايبستيمي . وهذا يحيلنا يضيف ذ طنكول على مسؤولية أكبر ويجعلنا في خدمة هذا المجال الاستراتيجي الذي في غياب العناية به، لا يمكن أن نبني مجتمعا حضاريا كفيلا برفع كل التحديات الجيوستراتيجية . وهي تحديات عويصة وكبيرة وفي المستقبل ستزداد أكثر حدة . وتأسف كون أغلب المقاربات لاتتعامل مع التعليم كعلم ، بل تتعامل معه كمادة ، وهذا تبخيس له يضبف طنكول متسائلا ، فإلى متى نبخس للتعليم علميته؟ وختم بالدعوة إلى ترجمة الكتاب إلى اللغات الفرنسية والانجليزية ..، وقد يفيد على جميع المستويات حتى داخل داخل الجامعة المغربية شاكرا مدير الأكاديمية والكاتب العام فاسحا المجال للدكتور خالد فارس لتقديم عرض مقتضب حول مؤلفه.
وفي معرض تعقيب الدكتور خالد فارس على مداخلات زملائه وأساتذته اعتبر الكتاب مساهمة متواضعة من أجل الاشتغال على أمر كان يؤرقه ، كيف سيضع أداة مبسطة في متناول المدرس والمدرسة ،وكل مهتم تربوي وهو يعي بما يمارس ، موضحا أن العملية التربوية والفعل التدريسي ليس محايدا بل ممارسة تتداخل في أشياء كثيرة منهاج مكتوب ،منهاج منطوق، منهاج مطبق منهاج ضمني عند المدرس وعند المتعلم مضيفا في ذات السياق ،إذ كلما وعى المدرس بما يمارس ، كلما استطاع أن يصل إلى الأهداف المرسومة وهو على علم وعلى دراية بالمسارات وبالنتائج المتحققة ، وكلما كان ناقلا بشكل ميكانيكي فهو مدرس مقلد نمطي ميكانيكي والمتعلم سيتجاوزه وسيتحداه ويحلل الوضعية المشكلة . ونبه إلى الانفصام الحاصل بقوله من العيب أن يكون المدرس لم يخرج من بيداغوجيا الأهداف، ويطالب المتعلم أن يشتغل بمقاربة بالكفايات مضيفا أن هذا الانفصام غير مقبول في هذه اللحظة الزمنية ، لأن الفعل التربوي والتعليمي يحتاج إلى العقلنة والتدبر كما يحتاج إلى تحليل المكونات الخفية والمتلبسة وهي التي أشار إليها المؤلف في المداخل الخمسة
وفيما يتعلق بالممارسة التعليمية التعلمية أوضح فارس أنها تتم بشكل مندمج مع علوم لها أسسها ولها نظرياتها ، وبما أننا نشتغل في الحقل التربوي هناك فرق بين العلوم الحقة والظاهرة الإنسانية .
وحول التوصيف العلمي للكتاب، أوضح الدكتور خالد فارس أن هناك مجموعة من الشروط إذا اجتمعت في الفعل التربوي، تمنحه صفة العلمية. مضيفا أنه عندما تتوفر مجموعة من الشروط كأن يكون عندنا إطار نظري ممثل في الرؤية الاستراتيجية ، وكذلك الاختيارات الكبرى المؤطرة للمناهج المغربية ، عندما تكون لدينا أطر مرجعية تحدد ماهي الجوانب التي يجب الاعتماد عليها سواء من حيث المقاربات أو من حيث أسئلة التصريف أو من حيث الوصول إلى أهداف معينة في نهاية الموسم الدراسي أو السن أو نهاية الدراسة ،عندما تكون عندنا عدة تنفيذية من كتاب مدرسي من توجيهات ومذكرات ، عندنا ممارسة تنفيذية قابلة للمشاهدة وهو ما يقوم به المدرس ويراقبه المؤطر التربوي تكون عندنا نتائج قابلة للقياس بما يسمى بالمؤشرات

ويرى خالد فارسأن من العيب أن تكون الفنون و بعض الأنشطة قد صارت علما ، فيما التدريس الذي يبني الأجيال ، وهو آلية استراتيجية تحقق استقرار الدول وآفاقها المستقبلية لا ينشد أن يكون علما ، وقال أن كتابه ينسجم مع والوظائف الخمس للمدرسة كما حددتها الأمم المتحدة ، البعد التربوي التنشيئي الحامل للتربية والثقافة ، البعد التعليمي التعلمي ، البعد المتعلق بمنظومة القيم تقوم على الاختيار على الديمقراطية المواطنة والتسامح الانصاف المساواة ، أي كل القيم الكونية التي تمثل ما وصلت إليه الإنسانية من منتوج جميل يتبناه الذوق الإنساني الرفيع .
وحدد المتدخل مفهوما واضحا لوظيفة المدرسة مؤكدا في ذات السياق أن دور المدرسة قيادة وتوجيه المتعلم نحو الانفتاح بعقلية متحررة وناقدة ، لا تمجد كل شيء ،غير الثوابت، وتتجاوز كل ما يعرقل اللحظة الزمنية الحالية والمستقبل ، مضيفا أن من وظائف هذه المدرسة كذلك ان تكون منفتحة على الكونية وهي ذات الوظائف الخمسة هي التي بنيت عليها الرؤية الاستراتيجية التي توفر مقعدا تربويا لكل المواطنين سواء كانوا عاديين أو ذوي الاحتياجات أو عندهم مشاكل ، فضاء يقوم على الإنصاف والمساواة وهو الذي يشعر فيه المتعلم والمتعلمة بمدرسة جميلة مضيافة تحتضنه يقوم على الحب والتآزر غير رافضة ولا لافظة لأبنائها وبناتها قيمتها في أنها تحتضن مشاكلهم تعالجها وتقدم لهم الوصفات والحلول المناسبة . كما قارب وظيفة المدرسة من مستويات متعددة ومتكاملة الأدوار، في سعيها الجاد، نحو تحقيق جودة تمس الموارد البشرية عبورا إلى التجهيزات والمناهج وصولا إلى كل المكونات الأساسية في أفق المخرج الأساس أن تحقق لنا هذه المدرسة توافقا مع الذات والمجتمع
وفي النقطة المتعلقة بمراكز مهن التربية ، أوضح خالد أن الكتاب قد وطن نفسه ووضع حدودا لنفسه ، وهو يتعلق بممارسة العملية التعليمية داخل الفصل الدراسي أما ما يتعلق باستثمار الرأسمال البشري عندها مداخل أخرى تقوم أساسا على استحضار السياسات التربوية أي تحليل الوضع السياسي القائم في الدولة ،وتحليل النظام الذي ينجم عن هذا الوضع السياسي بالمؤسسات ومدى توزيع السلط وحياد السلط الى غير ذلك
واستشهد بدولة سنغافورة التي وصلت إلى نتائج جد متقدمة يمكن أن نستفيد من المنهج المعتمد، وشدد على ضرورة تصحيح المدخل الأساسي، وأن يكون المطلوب هو صاحب الكفاءة والرغبة والاستجابة والتماهي مع المهنة، بعد ذلك نوفر له كل شروط المواكبة والدعم والفرص المتاحة وفي نفس الوقت نعطيه ثلاث مخرجات أنه نجح في مهمة سيستمر مستحضرا العرض الذي قدمه المجلس الأعلى للتعليم سنة 2016 من أجل أن ننتقل من الوضعية الحالية التي ترتكن ألى تصور كلاسيكي إلى منظور جديد .
مسير الندوة أعتبر تعقيب مؤلف الكتاب محاضرة مائزة وكلام جيد يجسد الجهود التي تبذلها الوزارة التي ينتمي إليها المؤلف على مختلف المستويات من أجل الارتقاء بالمغرب إلى أعلى المستويات وتحديات مجتمع المعرفة ...
حضر فعاليات هذا الحدث التربوي المائز الى جانب د محسن الزواق مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس مكناس كلا من السيدة المديرة الإقليمية وبعض السادة المديرين الإقليميين وعدد من الأساتذة الجامعين والكتاب والنقاد والمفتشون التربويون ورؤساء الأقسام والمصالح بالمديريات والأكاديمية ومديرو المؤسسات التعليمية وعدد من رجال التربية والتكوين ...

وجبت الإشارة إلى أن مسير الندوة د عبد الرحمان طنكول اسم معروف في الفضاء الفرنكفوني منذ سبعينيات القرن الماضي. فبالإضافة إلى مواكبته، ومساهمته الحيوية في متابعة الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية، فهو أستاذ جامعي، تقلد مهام كبرى في الجامعة المغربية، هذا إضافة إلى رئاسته لبيت الشعر في المغرب، وعمله الدؤوب في ترجمة الشعر العربي والمغربي إلى اللغة الفرنسية. له عدة إصدارات في البيبليوغرافيا، والسيميائيات والنقد الفكري شغل لمدة رئيسا لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، والعميد الأسبق لكلية الآداب – جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، ورئيس تحرير مجلة اتحاد كتاب المغرب “آفاق” كما يعتبر أبرز الباحثين المختصين في الأدب المغربي المعاصر ، وبالأخص منه الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية

كما أن خالد فارس حاصل على دبلوم الدراسات العليا في علوم التربية و دكتوراه في علم النفس المعرفي وعمل رئيسا لقسم التخطيط بأكاديمية فاس بولمان سابقا واستاذا محاضرا في مجال علوم التربية بالمدرسة العليا للأساتذة بفاس , وشغل منصب مدير المناهج والحياة المدرسية بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني وهو اليوم مفتشا عاما للشؤون التربوية بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي
عزيز باكوش