بلد المليون ونصف شهيد على كف عفريت


محمد نجيب وهيبي
2019 / 4 / 16 - 22:54     

غياب التنظيم الموحد يعيق تحولها إلى لحظة ثورية و يضع بلد المليون ونصف شهيد على كف عفريت !!

لا زال النظام العسكري في الجزائر يناور الجماهير المحتجة ، ولا زالت المافيات وعصابات الحكم تعمل جاهدة للالتفاف على صحوة الشعب الجزائري المرابط في الشوارع طلبا لاسقاط منظومة الفساد والإفساد برمتها وإعادة السلطة كاملة للشعب يمارسها بكل حرية وديمقراطية ، تتتالى الاستقلات والإقالات - وهي قرابين يقدمها النظام من حلقاته الأضعف حتى ينقذ نفسه - في صفوف رجالات الحكم السابقة منذ تنحي بوتفليقة واخرها استقالة رئيس المجلس الدستوري "بلعيز" وهو إحدى الشخصيات الثلاث التي يرفضها الشارع رفضا قاطعا وهم بن صالح الرئيس المؤقت الحالي ( رئيس مجلس الأمة السابق) والبدوي رئيس الوزراء ، لتوحي بتراجع منظومة الحكم تحت ضربات الشارع فتقدم له مسكنات حتى تهدأ حركته ويتمكن الجيش ( الذي لا يقل جنرالاته فسادا عن رجالات مؤسسة الرئاسة ) ومعه جزء واسع من منظومة الحكم القديمة ودوائر القرار الأوربي من ضبط وتوجيه سنيارو نقل السلطة بما يخدم مصالحها ويضمن عدم تحولها جذريا إلى سلطة وطنية شعبية ديمقراطية تصفي بشكل جذري منظومة الفساد والسمسرة بثروات الشعب ومقدراته .
فلئن كانت حركة الشارع الجزائري الاحتجاجية واسعة عدديا ومنتشرة جغرافيا في كل الجزائر ( ملايين من كل الشرائح في كل مناطق البلاد ، الجزائر ، وهران ،تمنراست، غرداية ، العبادلة ، إدرار ، البيض ، ورقلة ، الواد ، عنابة ...الخ ) ، وصارمة في شعاراتها السياسية وسلمية لأبعد حد ممكن ، الا أنها الى جانب عدم تجذرها طبقيا تعاني من غياب تنظيم مركزي موحد يضبط إيقاعها ويرتقي بمطالبها ويصهر قوتها في برنامج سياسي-اقتصادي-اجتماعي يرفعها إلى طور اعلى ويجعلها اقرب الى مشروع سلطة سياسية كامل ، وهو ما يتركها هشة ، غير محمية عند التراجع ، وقابلة للانتكاس بشكل حاد ، خاصة اذا تحركت خلافات طبقية وجهوية واثنية وهووية .
إن الاوضاع في الجزائر بقدر ما تبدو سلمية في الشارع وبقدر ما تظهر هادئة وسلسة في تغيرها/تحولها المؤطر دستوريا ، بقدر ما تحمل بذور الارتخاء والانتكاس السريع نظرا لغياب التنظيم المركزي والبرنامجي للجماهير المنتفضة الى جانب القطيعة المحدثة شعبويا بينها وبين التنظيمات الحزبية الكلاسيكية وخاصة منها الاشتراكية الديمقراطية واليسارية عموما ، إن أوضاع ومآلات الحركة في الجزائر تبدو أخطر بمراحل من مثيلتها في السودان حيث للاولى تنظيم مركزي وبرنامج مركزي موحد لا يسطوا على حركة الجماهير بقدر ما ينظمها ويحميها من الانفراط في أكبر انتفاضة يشهدها البلد منذ 30 سنة ضد اوليغارشيا عسكرية-دينية ( إخوانجية بكل وضوح) ستكون مآلاتها في اسوإ حالات المناورة تحصيل ديمقراطية ولو شكلية في دولة مدنية وإن كانت هجينة تقوم على قوانين ومؤسسات ، بينما في الجزائر ومع غياب التنظيم الموحد والبرنامج الثوري الموحد وحيث يحكم الجزائر نظام مدني عموما( رغم ارتكازه على مافيات عسكرية ) وإن كانت ديمقراطيته جد هجينة ومشوهة و الحريات العامة والفردية فيه شكلية ، فإن التراجع سيؤدي إلى عسكرة واضحة لكل مؤسسات الدولة و الانتكاسة إن حدثت ستكون أكثر حدة وخطورة قد تفضي إلى ردة شاملة لينتصب من جديد نظام عسكري-ديني أو ديني بكل بساطة .

و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر ... عاش الشعب الجزائري ...عاشت الانتفاضة الشعبية