كل الجماعات الإسلامية خطر على الشعب


عبد الرحمان النوضة
2019 / 4 / 7 - 15:14     

أثناء الوَقْفَة الاحتجاجية التي قُمْنَا بها أمام محكمة الاِستِئْنَاف بالدار البيضاء، في يوم الجمعة 5 أبريل 2019، بهدف المطالبة بإطلاق سراح معتقلي "حِرَاك الرِّيفْ"، فَاجَئَنَا بعض أنصار "جماعة العدل والإحسان" الإسلامية برفع شعار إسلامي غريب، يُرَدِّدُون فيه عِبَارة «حَسْبِيَ اللهُ ونِعمَ الوَكِيل». ومَا علاقة «الله» بِاعتقال متظاهري حِرَاك "الريف"؟ هل الإله يتدخّل في شؤون المجتمع؟ هذه علامة على غيّاب استعمال العَقْل. فَمِثْل هذا الشعار الدِّيني يَخْرُقُ الاتفاقات السَّابِقَة، ويَدُوسُ التَعَهُّدَات الضِّمْنِيَة. لأنه يخلط بين الدِّين والسياسة. بينما سبق لنا أن أكَّدْنَا، أنه في أي نضال جماهيري مُشْتَرك مُحتمل مع تِيَارات دِينية، أننا نَشْتَرِطُ دَائِمًا، وبشكل غير قابل للتَفَاوُض، الاحترام التَّام لِمَبْدَأ «فصل الدين عن السياسة». وأي جماعة دِينِيَة لَا تلتزم باحترام مبدأ «فصل الدِّين عن السياسة»، يجب أن نَبْتَعِدَ عنها فَوْرًا، وأن نقطع معها كل الصِّلَات، وأن نفضح كَوْنَهَا تشكل خطرا على الشعب.
فالتَدَيُّن، وعدم التَدَيُّن، والإيمان، وعدم الإيمان، والعبادة، وعدم العبادة، كلها أمور تدخل ضمن الحريات الشخصية، وضمن حقوق الإنسان. وكل مواطن هو حُرٌ في التعامل مع هذه الأمور بالشكل الذي يُلَائِمُه. ونطلب من كل المواطنين أن لَا يُقْحِمُوا الأمور الدِّينية في السياسة، وبأي شكل كان.
وفي الحقيقة، كل الجماعات والأحزاب "الإسلامية"، بلا أيّ استثناء، تشكل خطرًا على الشعب. لأن تطورها المُسْتَقْبَلِي الأكثر احتمالًا هو أن تتحوّل إلى أحزاب سياسية يمينية، ورجعية، وَ«دَاعِشِيَة»، وَفَاشِيَة (fasciste). وحينما تكون "الجماعات الإسلامية" في طَوْر النَّشْأَة أو النُّمُو، فإنها تَحْرُص دائمًا على أن تظهر "مُهَذَّبَة"، أو "ظَرِيفَة"، أو "مُتَوَاضِعَة"، أو "دِيمقراطية"، إلى آخره. لكن كل جماعة دِينِيَة أَصْبَحَت قَوِيَة، أو تَصِلُ إلى السلطة السياسية، أو تَسْتَحْوِذُ عليها، تتحوّل بالضَّرُورَة إلى قُوَّة مُستبِدَّة، وَمُضْطَهِدَة، وَتَتَسَبَّبُ في إِشْعَال "حرب أهلية" مُخَرِّبَة. وغَالِبًا مَا تدور هذه "الحرب الأهلية" حول فرض التَدَيُّن والعِبَادة بالقوّة (مِثْلَمَا فَعَلَ "طَالِبَان" في أفغانستان، والمسلمون الأُصُولِيُّون في بَاكِسْتَان، و"الشباب الإسلامي" في الصُّومَال، و"الإخوان المُسْلِمُون" في مصر وفي السُّودان، و"دَاعِشْ" في سوريا وفي العراق، و"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" في الجزائر، إلى آخره). وكل الحركات الدِّينية في العالم، سواءً كانت يهودية أم مسيحية أم إسلامية، أم غير ذلك، تهدف أَسَاسًا إلى فرض التَدَيُّن والعِبَادَة بالقوّة. والهدف الوحيد لكل الجماعات "الإسلامية" هو فرض التَدَيُّن "الإسلامي" الأُصُولِي على كل المواطنين، إمَّا بالحِيلَة، وإِمَّا بالتَّرْهِيب، وإمَّا بالقُوَّة.
وكل من يُعارض "فصل الدِّين عن السياسة"، فأن نِيَتَه السِّرِيَة هي "إخضاع السياسة للشريعة الإسلامية". وهذه "الشريعة الإسلامية" هي من بين الشرائع الأكثر تَخَلُّفًا من بين كل الشرائع المعروفة في تاريخ البشرية.
وقد سبق لنا أن استخلصنا هذا الدرس من دراسة تجارب "الحراك الديمقراطي" الذي حدث منذ سنة 2011 في عدّة بلدان ناطقة باللغة العربية، مثل تُونس، ومصر، وسوريا، والصومال، والسودان، والجزائر، وليبيا، إلى آخره.
طبعًا، كل جماعة "إسلامية" ليست مُنْسَجِمَة. ويمكن أن يتواجد داخل أية جماعة "إسلامية" أقليات من الأفراد الذين هم مناضلون تَقَدُّمِيُّون، أو ثوريون. وواجبنا هو أن نُساعد هؤلاء الأفراد لِكَي يُدْرِكُوا أن "الجماعات الإسلامية" تتناقض مع مَيْلِهِم نحو التَقَدُّمِيَة ، أو نحو الثورية، أو نحو العَدْل.
هذه الملاحظة السابقة تدخل ضمن المُؤَشِّرَات الخَافِتَة، التي يجب التقاطها، والتَنَبُّؤ بِتَطَوُّرِها المُحتمل في المستقبل، قبل أن تصبح خطرا دَاهِمًا.
[ولمن أراد حُجَجًا إضافية، أو دقيقة، ندعوه إلى الرجوع إلى كتاب "نقد الشعب"، وإلى وثيقة "يستحيل تحقيق الديمقراطية بدون فصل الدِّين عن الدولة"، و إلى وثيقة "أية علاقة بين الدين والقانون؟"، ويمكن تحميل هذه الكتب والوثائق من مدوّنة الكاتب: https://LivresChauds.Wordpress.Com].
رحمان النوضة، وحرّر في 6 أبريل 2019.