حوار مع رفيق حول ماهية الحشد الشعبي وامور اخرى!


فارس محمود
2019 / 3 / 29 - 20:42     

العزيز عبد الحسن حسين... تحية طيبة...
قرات تعليقك ولهذا اود ان اطرح ملاحظاتي:
1- لم يضحي الحشد الشعبي "من اجل الوطن" و"العراق" وغيرها. الحشد وداعش كلاهما طرحان لقوى اقليمية من اجل التدخل بالعراق، الاول بدعم تركيا وامريكا ووجود قوى على الارض العراقية من ضباط بعثيين و"سنة" ساخطين على تحجيم مكانتهم في السلطة والحكم والثروة من قبل الاخرين (الشيعة)، والاخر بدعم من ايران ووجود قوى "شيعية" مؤيدة لايران ولولاية الفقية وتحت حجة وكذبة "الجهاد الكفائي" و"تحرير العراق". فالصراع الذي جرى في المنطقة الغربية هو صراع قوى مليشياتية تتعقب كل منها اهدافها التي تتشاطر مع اهداف القوى الاقليمية التي تدعمها والتي تقف وراء ظهرها من دول اقليمية وعالمية. كل منهما، داعش والحشد، تصارعا من اجل حصتهما وسلطتهما وتحكمهما. لا اكثر ولا اقل.
2- التضحيات التي دفعت باسم "العراق" و"الدفاع عن الوطن" وغيرها، وهي كالعادة دوما من الفئات والطبقات الفقيرة، ان كان جزء منهم قد التحق تحت تاثير اوهام الساسة "الشيعة" والمرجعية، فان القسم الاغلب قد انخرط لجوعه وفقره ومن اجل اعالة عائلته، اذ لم تبق له البرجوازية من منفذ للعيش، لا عمل ولا ضمان بطالة ولا.... العاطلين هم دوما ذخيرة وعماد المليشيات ووقود حروبهم. هؤلاء الابرياء دفعوا حياتهم ثمناً اما وهما (من اجل الوطن والشيعة والمقدسات) واما جراء الفقر المدقع.
3- للاسف تندرت رفيقنا كثيرا على "المعارضين للحشد الشعبي" لان اولادهم "يعيشون بنعيم"، "نايمين للظهر"، "امنين"، "يشربون ماء نظيف"، و"يلبسون المودة"، "يطيلون شعرهم"، و"يبيعون الثورية اليسارية"، و"لايوجد في بيتهم يتيم او ارملة"، "يتجول كل يوم جمعة في شارع المتنبي تنظرون للثورة الشعبية القادمة". للاسف ان تتحول موضوعة سياسية جدية تخص المجتمع ومصير عشرات الملايين من الناس الى هذا النوع من البحث والنقاش. اولا، اتستكثر على الانسان ان يشرب ماء نظيف؟! اليس من احد الحقوق البديهية لاحد "ان يطيل شعره" او يلبس وفق "المودة"؟ أ كثيرا على الانسان ان يتجول يوم جمعة في المتنبي؟! و "ينظر للثورية اليسارية"؟! الا يتعارض هذا الكلام مع ابسط مباديء حرية الراي والتعبير، اي راي واي تعبير بغض النظر عن مدى صحته من عدمه؟! أهذا فهم صحيح لحرية الراي والتعبير؟! ان هذا افساد لجو نقاش سليم.
4- المقارنة بين قيام البعث باطلاق سراح الطيارين الضباط للحرب، وكيفية ارجاعهم للسجون هي مقارنة مضللة تماماً، او لا ربط بينهما من الاساس. لم نرد اي منهم ان يذهب للحرب. ببساطة لانها حرب طائفية بين تيارات مليشياتية تتصارع من اجل حصتها من السلطة والثروة. انا دعيت وادعو "اولاد الخايبة" الى عدم الالتحاق بجبهة احد طرفي الصراع، طرفين لايختلفان كثيرا عن بعض. والادهى من هذا ان تتم المقارنة بين "اولاد الخايبة" وبين المعارضين للحشد الشعبي، بيد ان المقارنة الاصح هي بين "اولاد الخايبة" وابن هادي العامري الذي رفض ابوه ان تحط الطائرة في بغداد ان لم ترجع وتجلب ابنه المتاخر عن الرحلة القادمة من لبنان، في سابقة لم يقم بها احد في العالم.
5- !!! قد يثار سؤال هنا: هل تضع الحشد وداعش على قدم المساواة؟! نعم! احدهما قتل المشذوب، وتارا فارس و ليلى وعشرات الاشخاص الذين غيبوا دون ان يعرف عنهم احد، وداعش تقوم بالعمل ذاته. احدهما يدعوا الى تطبيق الشريعة واخر ياتي بالقوانين الجعفرية لاغتصاب الاطفال، كلاهما يفجرون ويقتلون ويختطفون ويغلقون محلات المشروب ويعتدوا على الحريات الشخصية... كلاهما ساعين للسلطة والثروة والنهب، كلاهما عملاء احدهما لايران وولي الفقيه والاخر لتركيا واخوان مسلمين تركيا!
6- واخيرا، اليس هو الحشد الشعبي الذي يهرب يوميا النفط الى ايران، اليس هو باع مصطفى بيجي، من حول اراضي شاسعة من الوقف السني الى وقف شيعي من اراضي الفلوجة في خطوة لاتعمل سوى على تاجيج الحقد الطائفين الم يعترف الخزعلي باعتقال الناشطين المدنين في خطبة علنية تحت اسم "الخطوط الحمراء"، اليس هو من رفض ان يدخل احد على مناقصات اسيا سيل وغيرها من المناقصات المهمة في الموصل بحجة "نحن من حررناكم؟!" اليس هو من انتزع جزيرة ام الربيعين التي جرت فيها حادثة العبارة وسلمها الى احد من جماعته مقابل 30% من وارداتها الخيالية، اليس قواته من اعتقلت وخطفت العشرات من ناشطي الحركة الاحتجاجية في البصرة و.... هذا فقط ما طفى على السطح!! انهم دولة داخل "لا دولة" تعيث بحياة ومصير المجتمع!
للاسف ان هذا المقال هو من يشيع الاوهام حول هذه العصابة الطائفية. اكرر تحياتي

التعقيب الثاني:
رفيقي العزيز... عبد الحسن حسين...
تحية طيبة واتمنى ان تكون في احسن صحة وحال...
.......
اولا، تقول ان داعش كانت على مشارف بغداد ولو لا الحشد، لداست داعش بغداد و"مقرنا" و"وجود رفاقنا" و"الى الامام" (كما لو ان فقط حزبنا وما مرتبط به سيتعرض للمخاطر!) . ان موضوعة داعش وقوة داعش هي مسالة سياسية قبل كل شيء. من انجب داعش في العراق؟! احتلال امريكا، النفخ بالطائفية والصراع الطائفي، الشد والجذب وسياسة التهميش الطائفية التي قام بها طرف (التيارات الشيعية التي اتت للحكم تحت راية "الظلم التاريخي للشيعة" بوجه اخر الذي وظف هذا الموضوع وتعكز عليه وكلاهما حشدا القوى منه في صراع سياسي من اجل السلطة والحكم والثروة. هذه اسباب ظهور داعش. بدون هذه، لاتكون هناك ارضية لظهورها، وحتى لو ظهرت ستكون شيء هامشي وعابر في المجتمع. فاذن المسالة تبدأ من هنا، وليس من وصول داعش الى حدود بغداد. ان السلطة المليشياتية الحاكمة وايران من ورائها لها دور اساسي ايضاً في موضوعة داعش، لانهما خلقا الارضية لذلك عبر ممارستهم السياسية والقمعية والتهميشية بحق التيارات "السنية". من جهة اخرى، لو لم يحول العراق الى مادة لصراع اقليمي وعالمي (ايراني-سعودي-تركي-امريكي وغربي)، لما توفرت الفرصة ولم يبق مبرر لكل هذه التدخلات، ومن ضمنها داعش. جعلت السلطة السياسية الحاكمة العراق ساحة خلفية لايران، من المؤكد ان امريكا وتركيا والسعودية سيتدخلون من اجل لايهمشوا في العراق، واحد اشكال التدخل بناء منظمة ارهابية وحشية من الساخطين "السنة" او ضباط البعث السابق وكل الذي يشعرون بالتهميش "الطائفي" تحت راية الاسلام ومن الناشدين لـ"دولة الخلافة الاسلامية"، واسمها داعش. لو لم تلتجأ التيارات "الشيعية" لايران، والبارزاني لتركيا، وطالباني لايران، و"السنة" للسعودية وقطر، لما توفرت الارضية ايضاً لمثل هكذا تدخل اقليمي. فالعملية السياسية في العراق وقواها هي المسؤولة عن خلق هذه الوضعية التي اتت في سياقها داعش، وهي تحمل قنابل موقوتة متفجرة، ليست داعش سوى احداها. ولهذا البدء بداعش من حدود بغداد ومن داعش نفسها هو تصور يضيق نطاق القضية.
ثانيا، ان هذه دعاية قم وطهران والخزعلي والعامري حين يقولون لولا الحشد لاحتل داعش العراق. ورداً على سخط جماهير ايران ومطالبتها بالكف عن تبذير ثروات المجتمع "خارج الحدود" وضرورة صرفها على مجتمع تغط اغلبيته تحت خط الفقر، يرد خامنئي ويقول لو لا ايران لوصل داعش لحدود طهران! ان اهداف هذه الرواية معلومة. حتى يبرروا وجود الحشد وبقاءه. بيد ان مسالة داعش هي سياسية بالمقام الاول. ولهذا، لم يجف حبر تحرير الموصل بعد، و خطاب النصر لعبادي، حتى تحدثوا عن داعش عن مخاطر عودة داعش مرة اخرى. ان داعش وموضوعة داعش هي التي اعطت فرصة لتاسيس الحشد الشعبي. الحشد الشعبي هي قضية لاربط لها الا شكليا بداعش. بحجة الاخير اسسوا الحشد من اجل مسالة اكبر. الحشد هي الاتيان بقوة مليشياتية جديدة، شعبية، ليس من القادة السياسيين المعروفين والتقليديين الغاطين بالفساد والنهب وذوي السمعة السيئة من امثال المالكي، الصدر، الحكيم، الجعفري و...غيرهم، وبالتالي ايجاد قوة مليشياتية وعنيفة طائفية وموالية لايران بدون قيد وشرط لانهاء التشرذم الشيعي وحسم السلطة في العراق لصالح التيار "الشيعي" وايران. ولهذا، لم تنته القصة مع "تحرير الموصل" و"طرد داعش"، بل من هناك بدأت القصة، اي كيف يسيطرون على العملية السياسية ككل، وكيف يكونون صاحب اليد الطولى في السلطة والحكم. وهم الان، اي الحشد، كذلك. هل يستطيع احد في السلطة بان يقوم بشيء دون موافقة الحشد والعصائب؟! من يحكم العراق اليوم هو الحشد والعصائب سواء بصورة رسمية او غير رسمية. تسللوا تدريجيا للسلطة، سيطروا على مؤسساتها الامنية والقمعية، فرغوا الجيش من محتواه واضعفوه (لان ليس لهم مصلحة في قوته، في الحقيقة يتعارض مع اقتدارهم)، تمتد اياديهم لكل المؤسسات الاقتصادية والسيطرة على اقتصاد البلد (المكاتب الاقتصادية التابعة للحشد في الموصل هي فقط نموذج واحد!)، ناهيك عن تهريب النفط والمخدرات و....
ثالثا، في كلامي عن مقاتلي الحشد الشعبي. انا كتبت ان معظمهم اتى من مسالتين: الوهم بالشيعة والطائفية و"تحرير الوطن والمقدسات والعرض"، والثاني جراء الفقر والبطالة والجوع التي دفعت الالاف نحو الحشد الشعبي. في اي سطر او عبارة قلت انا عنهم "عملاء" و"مجرمين"؟! اين شتمتهم؟! لكن الحشد الشعبي كمليشيا ذات اهداف لاتمت بصلة بمصالح الاغلبية الكادحة والمحرومة ارتكبت جرائم بشعة. رجالاتهم انفسهم يتفاخرون بها! رفيقي العزيز انا لم اذكر "اولاد الخايبة"! هذا مصطلح انت اوردته وليس انا وليس كلامي. اني نقلت ما كتبته انت مع اقواس صغيرة "..". ان توصيفاتي في حالات مثل هذه هي عبارات ومصطلحات سياسية معروفة من مثل "كادحين"، "محرومين"، "مسحوقين" وغيرها. هذا ليس مصطلحي، بل مصطلح انت ذكرته، ناهيك عن نسبه الي واستنتاج استنتاج استعلائي من كلامي وشخصيتي ونظرتي لا اساس له من الصحة . اعد قراءة ما كتبته انت وما كتبته انا. سيتضح الامر.
رابعاً، هل علينا ان نشكر الحرية التي وفرتها "المليشيات الشيعية" لنا؟! في كردستان يقولون الامر ذاته. اذ كلما تحتج الجماهير من اجل الرواتب المتاخرة، الخدمات وغيرها، يردوا عليهم هل كنتم تستطيعون ان تقولوا هذا في وقت البعث؟!! ولكن يجب ان نعرف ان هناك مراحل في التاريخ، ونظرا لوجود ازمة سياسية قوية وتشتت على صعيد الهيئة الحاكمة، تتوفر فسحة، مجال للحرية جراء التناقضات العميقة في السلطة وصراعاتها. ان "الحرية" هذه ليست ناجمة من "نعم" هذه المليشيات او "هبة" منها، بل بالضد من رغبتها وارادتها، لان هناك عوامل متنوعة تلجمها من القيام بالدكتاتورية السافرة. بالامس رايت كيف تعامل الصدريين مع قناة دجلة، وقبلها مع المشذوب و ناشطي الاحتجاجات في البصرة. حين اتى خميني الى ايران، تحدث اليسار المتوهم من مثل توده عن ان خميني تقدمي وان زوجته تعزف موسيقى الاوبرا و...، وكان يوصي خميني في خطاباته جماهير ايران ان لاينفقوا اموالهم في بناء بيوت، لانها مسؤولية الدولة وسنوفر لكم بيوت. ولكن في توازن قوى اخر، اقام مذبحة ما تسمى ب30 خرداد في 81، حيث اباد 140 الف يساري وشيوعي في قتل في الشوارع دون محاكمة! لماذا لانه كان يدرك في بداية الثورة ان توازن القوى لايسمح له بخطوة مثل هذه، تغير توازن القوى، كشّر عن انيابه! فالظاهرة اعمق من "خيرات وبركات" المليشيات الشيعية!
خامساً، حول مسالة مقارنة بين مقاتلي مليشيا الحشد الشعبي وابن هادي العامري. ذكرت ما الفرق بيني وبين ابن هادي العامري كلاكما لديكما مكان اخر. ارجوا ان تدقق في ما كتبته انا. انا ذكرت التالي: " لم نرد اي منهم ان يذهب للحرب. ببساطة لانها حرب طائفية بين تيارات مليشياتية تتصارع من اجل حصتها من السلطة والثروة. انا دعيت وادعو "اولاد الخايبة" الى عدم الالتحاق بجبهة احد طرفي الصراع، طرفين لايختلفان كثيرا عن بعض. والادهى من هذا ان تتم المقارنة بين "اولاد الخايبة" وبين المعارضين للحشد الشعبي، بيد ان المقارنة الاصح هي بين "اولاد الخايبة" وابن هادي العامري الذي الذي رفض ابوه ان تحط الطائرة في بغداد ان لم ترجع وتجلب ابنه المتاخر عن الرحلة القادمة من لبنان، في سابقة لم يقم بها احد في العالم.".
اي ان معنى كلامي واضح ان هادي العامري حين يدفع الناس للقتل هو نفسه ولشدة البذخ الخرافي الذي يعيشه ابنه، ارجع الطائرة للبنان حتى تعيد ابنه المتاخر عن موعد الرحلة في سابقة قل نظيره على الاستهتار واستغلال النفوذ، وهو ما كلف وزارة النقل غرامة مليون دولار!!! من تحدث عن "من لديه مكان اخر" و"من ليس لديه"؟! كلامي يتعلق بكون العامري في الوقت الذي يدفع الشباب الواهم والجائع نحو محرقة حروبه المليشياتية، فان ابنه على العكس من ادعائاته يعيش في عالم اخر يختلف كليا عن العالم الذي يدفع والده الشباب الجائع والمحروم والواهم اليه! انا وانت نتحدث عن موضوع سياسي ونتجادل حوله، لايستلزم شخصنته.
واخيرا، تقول " لا يعجبك فالعراق الان يعيش على قرقعة السلاح ماهو سلاحك انت غير جواز سفرك وجنسيتك البديلة الجاهزة في جيبك .عزيزي الاستاذ فارس محمود نحن (اولاد الخايبة) لا نملك جنسية بديلة وليس لدينا وطن غير العراق وعلينا ان نشجع كل من يرفع السلاح دفاعا عنه"
مرة اخرى، النقاش سياسي والمواضيع سياسية جدية هدفها الاساسي تعريف الناس بتصوراتنا، كلانا، وعليه، فهو ذا فائدة وضروري حتى "تغربل" الناس الاشياء وتختار بوعي. ولكن ماربط هذا بشخصنة الامور؟! ب"ماهو سلاحك غير جواز سفرك وجنسيتك البديلة الجاهزة في جيبك" يعني لو لم يكن لدي جنسية بديلة، يعطيني حقانية تلقائيا ام ماذا؟ يمنحني حقوق اضافية ام ماذا؟! لو لم تكن لدي جنسية اخرى على قولك، يعني لايبقى ارضية لكلامك!!! اي منطق هذا؟! العراق مجتمعي، ناسي، اهلي، تاريخي، "دم قلبي" مثلما يقولون! هذا هو؟! انتهت الامور طالما جوازي في جيبي؟! رفيقي العزيز، لست الى هذا الحد ذاتوي واناني، الدنيا اوسع من مصالح ذاتية ضيقة. لانه يهمني المجتمع، اناضل واكتب واجادل واكون عضو في حزب شيوعي عمالي، واسعى للمساهمة بكل ما بيدي من اجل تغييره.
رفيقي العزيز.... ثق انها الموضوعة ذاتها والمنظومة الفكرية السياسية ذاتها، موضوعة خميني وتوده، البعث والحزب الشيوعي، واليوم تتكرر بشكل اخر وبسياق اخر وبقوى اخرى..
هذا اخر ما اود قوله خول هذا الموضوع... امنياتي لك بحياة سعيدة وهانئة...