الحركة الصهيونية والقومية


حافظ عليوي
2019 / 3 / 23 - 06:29     

صّدرت الثورة الفرنسية الفكر القومي من خلال حروب نابليون الى شتى انحاء العالم ، وزعزعت بذلك الامبراطوريات الاقطاعية في اوروبا خلال قرن من الزمان ، من عام 1789 وحتى توحيد المانيا في 1871 . وتميز الفكر القومي آنذاك بالصبغة الثورية ، حتى ان الاشتراكية تبنت نضال الشعوب من اجل بناء الدول القومية بهدف دحر بقايا النظام الاقطاعي .

ولكن تجدر الاشارة الى ان الحركة الاشتراكية ميزت بين عهدين للبرجوازية : الديمقراطي والامبريالي الاستعماري .

وتعتبر الحركة الصهيونية التي بدأت في نهاية القرن التاسع عشر جزءا لا يتجزأ من العهد الاستعماري للبرجوازية ، فقد نمت في صفوف الطبقة البرجوازية الصغيرة اليهودية في شرق اوروبا ، وراحت تبحث عن رقعة ارض لتحقيق طموحاها القومية .

وهنا تجدر ملاحظة الفرق الكبير بين الفكر القومي الصهيوني الذي عكس التطور الاجتماعي والاقتصادي الكبير في اوروبا من جهة ، وبين انعدام الوعي القومي العربي وتغلب الانتماء الديني ، الذي عكس الجمود الاجتماعي والاقتصادي في ظل الحكم العثماني من جهة اخرى . وقد عملت الصهيونية على توحيد يهود الشتات المنتمين لاعراق وقوميات مختلفة من خلال إحياء اللغة العبرية لتصبح بذلك اللغة الموحّدة . ولم تكتف الصهيونية بتبني الفكر القومي العلماني بل أسست اقتصاجا رأسماليا متطورا ، الامر الذي سهّل عليها التغلب على مقاومة المجتمع العربي الزراعي والمتخلف اقتصاديا .

ان الاستنتاج من ذلك هو ان الفكر القومي لا يأتي بالاساس لخدمة الشعوب المضطهّدة ، بل لخدمة برجوازية الدول الرأسمالية المتطورة . الامر الذي يفسر تحفظ الماركسيين ، وعلى رأسهم ماركس وانجلز ولينين ، من الحركة القومية ، رغم تبنيهم المبدئي لحق الشعوب في تقرير مصيرها . فقد أدرك ماركس وانجلز الطابع الجماهيري الثوري للحركات القومية التي زعزعت اوروبا في فترة " ربيع الشعوب " (1848) . وعلى خلفية هذه الثورات ومشاركة العمال فيها ، كتب ماركس " البيان الشيوعي " وهو البرنامج العمالي الاول ، وفيه وضع برنامجا مستقلا للطبقة العاملة وعين الخط الفاصل بين المصالح الطبقية للبرجوازية ومصالح العمال ، وحدد انه ليس للعمال وطن ، واختتمه بندائه المشهور " يا عمال العالم اتحدوا ! " .