نيوزلاند: الدين والعنصرية


مالوم ابو رغيف
2019 / 3 / 16 - 15:58     

لم يكن القاتل الارهابي على عجلة من امره، كان يقود سيارته بهدوء وروية مستمعا لاغنية غير مفهومة قيل انها اغنية remove kebab وهي اغنية غناها العتصريون الصرب لقائدهم رادوفان كارادتش
https://www.youtube.com/watch?v=ebChsebTvxw
، كان يتصرف كرجل مهذب، يقف عند اشارات المرور ويترك المارة يجتازون الشارع بسلام. وجهه، كان باردا يخلو من الانفعال او اي تعبير اخر يشي بما سوف يروع البشرية به، كان وجهه شبيه بوجوه القتلة المحترفين اولئك الذين نراهم من خلال افلام الاكشن السينمائية.
بكل هدوء اوقف سيارته عند طريق فرعي بجانب المسجد وفتح صندوقها الخلفي ونظر الى اسلحته التي بدت كانها رايات داعش سوداء ملوثة بكتابات بيضاء، اختار واحدا ومشى ببطأ، لم نرى منه غير طرف سلاحه نصف الاوتوماتيكي، ولو شاهدنا ذلك صدفة من على شاشة اليوتيوب لاعتقدنا انه مقطع من Video Game وليس مقدمة لجريمة مروعة بدم بارد الى درجة الانجماد.
عندما واجه باب المسجد كان بعض من الناس يهمون بالدخول او ربما الخروج، وحين بدأ باطلاق النار، كان صوت الاطلاقات مخنوقا حتى الضحايا كانت تتساقط في المكان دون صوت، تتكوم بعضها فوق البعض الاخر دون ردة فعل، دون محاولة للهروب والافلات من الموت.
لقد كان مشهدا موجعا مروعا مؤلما ومفجعا، البندقية تتجول في كل اتجاهات باحة المسجد، ينطلق منها رصاص قاتل مؤلم على اجساد الناس بشهية لاعب فديو، لم يجد الضحايا ملاذا اخرا غير الحيطان وظهور بعضهم البعض للاحتماء. وفقط عندما يهدأ الرصاص لبريهة تُسمع اهات توجع خافته لآلام الانسان عندما يخنق الموت صوته الى الابد.
لم يكن المسجد او المصلين مستهدفون لانهم مسلمون، بل لانهم اجانب، لان لون بشرتهم مختلف، لان ثقافتهم مختلفة، لان ملابسهم وازيائهم مختلفة، لانهم اجانب في ارض كل ما عليها اجنبي فحتى القاتل الذي يدعو الى الحفاظ على ثقافة ولون الرجل الابيض هو ايضا غريب على هذه الارض، لقد قدم اسلافه اليها من مختلف انحاء العالم وقتلوا سكانها بهدوء في باحة الارض وتماما مثلما كان القاتل رينتون تارانت يحصد ارواح الناس بسلاحه في باحة مسجد النور.
لقد بدات الروح العنصرية بالانتعاش مرة اخرى عندما اتخذ الرئيس الامريكي ترامب من الحقد العنصري ضد الاجانب سياسية لحملته الانتخابية ثم لادراته بعد فوزه في الانتخابات،.كانت ومازالت سياسته مبنية على احتقار الشعوب الاخرى وتفضيل الجنس الابيض الامريكي على كافة الشعوب. كان ينظر باحتقار الى ثقافة ودين وعادات وتقاليد ولون الشعوب الاخرى باستصغار تفضحه تعابيره السوقية الفجة، فليس هناك من رئيس في العالم تبلغ به الوقاحة الى وصف دولة صديقة مطيعة مثل السعودية بانها مثل بقرة نحلبها فان جف ضرعها ذبحناها.
بل انه جعل السياسة الامريكية مثل النظام المافيوي الذي يفرض على صالات القمار والمواخير والمطاعم الصغيرة ضريبة حماية الرأس، ادفع او ستكون عرضة للذبح، هكذا تكلم ترامب مخاطبا الدول النفطية من لا يدفع سيسقط خلال اسبوع.
واوضح مثل على اقران العداء للاجانب هو انه جعل من بناء الجدار بين الولايات المتحدة الامريكية والمكسيك مهمة وطنية، هذا لا يختلف عن بعض السياسيات الشرق اوسطية(دول واحزاب ومنظمات دينية او غير دينية) التي تسعى ان يكون العداء للشعوب الاخرى مهمة وطنية او قومية.
لم يكن دافع رينتون تارانت دينيا، فهو يعرف تماما بان لا الكنائس ولا المسيحيين سيحتفلون به ولن يصوره بطلا اسطوريا، بل سيكون بنظرهم مجرما سفاحا وغدا، انهم يختلفون عن المسلمين الذي بكوا بدل الدموع دما على هلاك المجرم ابو مصعب الزرقاوي واقاموا له سرادق العزاء في مدنهم وقراهم.
مايزال هتلر قاتلا عنصريا وغدا عندهم بينما المقبور صدام القاتل الفج مايزال في مخيلة العربان والمسلمين بطلا صنديدا ينصبون له التماثيل ويسمون المدارس والشوارع بأسمه.
ان من يحتفل ويمجد هذا القاتل الوضيع هم القوميون العنصريون الذين يعتقدون كما يعتقد ترامب الذي صور الاجانب المهاجرين بانهم غزاة، وهذا هو نفس التعبير الذي استخدمه القاتل رينتون تارانت في تبرير جريمته الارهابية عندما وصف نفسه بان الفارس المحافظ على ثقافة الرجل الابيض من هجوم الغزاة الذين يحالون القضاء على الرجل الابيض ثقافة وكيانا.
الاحقاد القومية والدينية وحتى الوطنية اذا اتخذت من العنصرية وجه للسياسة فانها لا تنتج الا روحا فجة ميالة الى الجريمة، اذ ان الحقد العنصري يستصغر ويحتقر الاخر المختلف الى درجة تقترب من تصويره كالصراصر في المطبخ، بشعة قذرة لا بد من التخص منها باي طريقة كانت.