قصاصات سيلوسية26 : المخصيين في الصين


سيلوس العراقي
2019 / 3 / 9 - 20:48     

لغويًا ،الكلمة الشهيرة بالخصيّ أو المخصي
eunuch في الانكليزية
eunuco وفي الايطالية
في أصلها تاتي من اليونانية من كلمتين
ἐυνήἔχω

مع أن معناها الفعلي المتداول هو حارس السرير غالبًا، حيث إن الخصيّ يقوم فعليًا وعمليًا بمهمة الحراسة

بينما في الصين ظهرت عبارة "بوّابي القصر" تعبيرًا شائعًا يشير إلى الخصيان، لأنه في البلاط الإمبراطوري الصيني كان الخصيان هم من يقوموا بأعمال الخدم والحراسات بشكل عام، كما كانوا مسؤولين عن الشؤون التي تتعلق بشخص الإمبراطور وأفراد العائلة الإمبراطورية المختلفة. وكان يطلق على الخصيان الذين يخدمون في قصر الإمبراطور : خصيان الإمبراطور. بينما كان يطلق على هؤلاء الذين يخدمون الأمبراطورة بالخصيان الصغار

يرجع تاريخ أول خبر عن الخصيان في الصين إلى عام 535 قبل الميلاد، على الرغم من أن هؤلاء الخدم بدأوا منذ عهد (هان) في لعب دورٍ سياسيّ مهم

في المراحل الأولى من تطور البيروقراطية، في الواقع، كان من الطبيعي أن يحاول المحافظون أو حكام الأقاليم تنظيم مكاتبهم الوراثية المتوارثة لادامة سلطاتهم ونفوذهم. فشرعوا بتأسيس عائلات إقطاعية كبيرة، تماماً مثلما كان الحال في أوروبا في الحقبة الكارولنجية

لهذا السبب جرت العادة في الصين أن يتم القيام بوضع أشخاص، في مركز وقلب النظام العائلي (الاقطاعي) الوراثي للدولة، أشخاصٍ لم يكن ولاؤهم محل تساؤل أو شك أو نقاش. فمن سيكون أفضل منهم ؟ انهم الخصيان على وجه التحديد، لأنهم في الحقيقة لا يتمكنوا من تكوين أو تأسيس عائلة وتبعًا لذلك لا يمكنهم افساد النظام الوراثي العائلي

يضاف الى ذلك ، سهولة اتصال المخصيين الدائم والمباشر مع الأباطرة، كان له فائدة أخرى، حيث يمكنهم من إدراك ومعرفة كلّ المؤامرات التي قد تحدث في القصر الامبراطوري، فكانوا يمثلون عيون وآذان الامبراطور في التجسس واستراق السمع ونقل الاخبار أولا بأول للامبراطور
كان الخصيان يخدمون من دون كلل، كانوا مهرة، يتعبدون الامبراطور والامبراطورة والأسرة المالكة، اكتسب العديد منهم تأثيرًا حاسمًا ومهمًا، وغالبًا ما تم منح بعضهم مهام كبيرة إن كان في البلاط أو في قيادات الجيش

على أية حال، فكان في عهد (مينغ) الذي أحرز فيه تقدمًا وتطورًا كبيرا بما يتعلق بتقليد ايلاء الخصيان الادارات العليا في البلاط والدولة
حيث في القرن الخامس عشر الميلادي تحكّم الخصيان عمليا بكل الادارات الرسمية بحيث أصبحوا ذوي النفوذ الكبير في الدولة الصينية

كيف أصبحوا خصيان ؟

لتأمين عمل مضمونٍ لأبنائهم كان يقوم الآباء باخصاء أبنائهم وهم أولاد صغار ويذهبون بهم لتقديمهم الى القصر الذي كان فيه فرص عملٍ كثيرة مربحة وسهلة للخصيان إن كان داخل قصور الامبراطور أو في منازل النبلاء
مع أنه كان كان هناك عدد أقل من البالغين ايضًا ممن كانوا يخصون أنفسهم من أجل ضمان عمل مربح وسهل



كانت عملية الاخصاء التي تجرى على الأولاد صغار العمر بدائية الى حدٍ ما، حيث كانت تتم بسكينٍ حادة جدًا مُعدة لهذا الغرض، يتم بضربة سكين واحدة قطع قضيب الولد وكيس الصفن بنفس الوقت، ومن بعدها يتم تقديم اسم الولد المخصي الى الحكومة المحلية أو حكومة المقاطعة، ومن ثم يتم فحص الولد والتحقق من أنه مخصي من قبل لجنة خاصة من مسؤولين على شؤون الخصيان في بلاط القصر. وفي عهد سلالة مينغ و كنغ كان هناك أشخاصا قد أصبحوا محتكرين لمكتب اللجنة الخاصة بالتحقيق والفحص

الدكتور جَي جَي ماتكنون مارس لسنوات طويلة مهنة الطب في بكين، نشر في عام 1902 بحثا استند على ملاحظات له بعنوان: "خصيان القصور الامبراطورية في بكين"، يوضح ويصف فيه بالتفاصيل عمليات الاخصاء كما كانت تتم ممارستها في تسعينات القرن التاسع عشر، خاصة وانه كان يعتبر من أهم الاطباء المقربين للقصر الامبراطوري، حيث يوضح مخاطر الطرق المتبعة حيث تبلغ نسبة الذين كانوا يموتون ويفقدون حياتهم بسبب طرق عملية الاخصاء كانت تتراوح بين 3 الى 6 % ، ويقول بأن العديد من المخصيين كانوا يعانون من أمراض المثانة وأمراض أخرى، وبكل تاكيد لم يكن جميعهم يقومون بعملية نظامية للاخصاء، حيث في كثير من الأحيان كان الوالدان هم من كان يؤدي عمل الجراح وكانوا يقوموا بعملية اخصاء أبنائهم


شهادات حية لعملية الاخصاء في الصين

كتب الكاتب الصيني الشاب جيا اينهو كتابا بعنوان قصص سرية لمخصيين خلال فترة حكم السلالة الاخيرة في الصين، عام 1994 وهو بيوغرافيا لحياة المخصي صون ياوتينغ
ولد صون ياوتينغ في عائلة ريفية في 29 ديسمبر كانون الثاني 1902 في قرية صي شونغ تانغ في مقاطعة ينغهاي في تيانجين (عذرا في ترجمة اسماء الاماكن الصينية المعقدة اللفظ) باسم طفولة ليو جين وتم اخصاءه باستئصال أعضاء رجولته وهو في الثامنة من العمر
في يوم الاخصاء تمت تعريته من بنطلونه وتم استلقاءه على تخت ـ سرير ـ مصنوع من الطوب كالذي يستخدم في شمال الصين في الشتاء، ومن تحت التخت نار موقدة ليؤمن للولد حالة تهدئة
قام الوالد المتصبب عرقًا بربط ذراعي وساقي ابنه ليو جين باحكام
وأخذ شفرة حادة ، سكين حادة طويلة، وقبض بيده على قضيب الطفل وكيس الصفن قبل ان يقوم بعملية قطعها
وحين قطعها بدأ الدم يتدفق نازفا من بين ساقي الطفل على ورقة بيضاء موضوعة تحته على التخت
ولم يكن للطفل من وقت للصراخ بعد التشنج المفاجيء لجسمه كله حيث وقع في حالة الاغماء
وعمُّ الطفل الذي كان قد جاء للمساعدة كان قد وضع وعاءا على النار وصبّ فيه زيت السمسم وجوز الطيب
وحينما تم حرق جوز الطيب قام بتقطيعه لتهدئة (تبريد) زيت السمسم، وغمس بعض القطع الورقية المصنوعة من الخيزران في الزيت وقام بوضعها على الجزء المصاب
وكان يقوم بتبديلها باخرى كل بضع دقائق
وبينما كان الاب متصببا بالعرق مستحما به غارقا بالدموع كان يساعد اخيه في الاعتناء بابنه
وقام العم بادخال انبوب صغير (عادة ما يستخدم قلم الاوز لان قطره كبير) عند مدخل مجرى البول الامر الذي يشبه
catetere وظيفة القسطرة

من خبرتهم في الاخصاء ، كانت هذه العملية ضرورية لانه بعكسها لم يكن بامكان الولد التبول من بعد، ومن
بعدها سيتوجب اجراء عملية أخرى يخضع فيها الولد لعمل شق آخر للتبول
وتم وضع عضو الولد في زيت السمسم مع جوز الطيب ملفوف بورقة زيتية ووضعها في كاس، في كوب

وبعد بضع سنوات دخل الولد في البلاط الامبراطوري وأصبح خصيًا في بلاط عائلة العم السابع للامبراطور

والى القصاصة السيلوسية التالية : تحية وسلام