أقصوصة: سبب عدم وصول صاحب التاكسي


عبد الرحيم التوراني
2019 / 2 / 25 - 21:52     

كانت حانة "wolf man" بكورنيش عين الدياب، تعج ككل مساء بزبائنها المعتادين، من الذئاب والثعالب والضباع. وكانت أعينهم جميعهم على النادلة الوحيدة التي تقوم بخدمتهم. كل ذئب وكل ثعلب وكل ضبع، يضع في رأسه فكرة أن يهرب بها عند ساعة الإغلاق، لينفرد بها ويفترسها وحده افتراسا.

وكانت النادلة تبتسم لهذا وتضحك لذاك وتغمز للآخر. توحي بإغرائها المثير لكل واحد بأنها له وحده، وحده فقط، فيزيد من الإفراط في الشرب، ويزيد بذلك ربح صاحب الحانة، فتحافظ النادلة على عملها.
وعند ساعة الإغلاق، كما يحصل دائما، تنشب معركة وقتال بين الزبائن السكارى، فيما تكون النادلة تركب تاكسي أحمر متجهة لبيت صاحبها النمس الذي يقطن بحي "ليساسفة" بضواحي كازا، المدينة الغول.

إلا أن النادلة سوف لن تتمكن في إحدى المرات من الانفلات والملاذ إلى "ليساسفة" كما اعتادت، بسبب غياب صاحب التاكسي الذي يلتزم معها ويقلها كل ليلة، وكان هو الآخر ذئبا أو ثعلبا أو ضبعا.

أعرف أنكم لا تودون معرفة سبب تخلف سائق التاكسي عن التزامه مع نادلة البار، بقدر ما تودون معرفة جنس النادلة، أهي الأخرى ذئبة أو ثعلبة أم ضبعة؟

لكن من أين لي أن أعرف، إذا لم أكن أنا أقدر على تحديد هويتي، فأنا من زبائن حانة "wolf man" الأوفياء، وأمني نفسي كل ليلة أن تكون النادلة الرشيقة من حظي، تماما كما باقي الزبائن المتنافسين. وإن كنت أعرف في السابق اسمها وفصلها، فإنني اليوم نسيت، ولم تعد تهمني غير المنافسة. فعند الفوز بعد الإفراط في الشرب ليلة كاملة، لا يبقى مهما بالنسبة لنا أن تكون نادلتنا حيوانا أو حيوانا.

أما سائق التاكسي الذئب أو الثعلب أو الضبع، فقد يكون سبب تخلفه عن الالتزام مع نادلة حانة "وولف مان" هو أنه غير هويته وتحول إلى نمس، يجلس في بيته وينتظر آخر الليل، لما تطرق بابه هاربةٌ من الغابة.