الآب ويهوة هل هما واحد؟


يوسف سمير أمين
2019 / 2 / 22 - 20:38     

يخلط الكثيرون إسم (الآب) بالإله التوراتي (يهوة) إله اليهود الذي تم ذكره في العهد القديم ويعتقد الكثير من المسيحيين أن الإثنين كائن واحد ، لكن تأتي دائما هذه الأفكار المحيرة : كيف ينهي نفس الكائن عن فعل في العهد القديم علي سبيل المثال ثم يتيحه في العهد الجديد من خلال يسوع ، لنستهل في تحليل هذا الموضوع يجب علينا ملاحظة أن يسوع لم يستخدم نهائيا في كلامه الاسم التوراتي يهوة أو إيلوهيم ، حيث انه كان يدعوه بالآب أو الأب السماوي فهو بذاته أب لجميع البشر حتي ليسوع نفسه " الأعمال التي أعملها باسم أبي تشهد لي " يوحنا : 25:10) إن هوية إله يسوع تعلن عن نفسها لحظة خروجه من العماد التي هي علي هيئة حمامة في حين أن يهوة في تجلياته كلها لم يتخذ شكل حمامة بل اتخذ أشكال جبروتية تعبر عن القوة والغضب . فعندما أعلن لنفسه أول مرة لموسي ناداه علي هيئة نار من شجرة عليق (الخروج 1: 3-6) ، وكان ينزل ناره من السماء لتلتهم المحرقات (ملوك 1: 18-38) ، تكلم مع أيوب علي هيئة عاصفة (أيوب 40: 6) وجدير بالذكر أن الآب أحب العالم كله وأراد خلاصه " لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكن له الحياة الأبدية " ( يو 3: 16) بعكس يهوة الذي أراد الخلاص فقط لبني إسرائيل " احترز علي أن تقطع عهدا مع سكان الأرض التي أنت آت إليها بل تهدمون مذابحهم وتكسرون أصنامهم و تقطعون سواريهم (الخروج 34: 12) ، والأوامر الدموية التي كان يعطيها لموسي " اقتلوا كل ذكر من الأطفال و كل إمرأة عرفت رجل بمضاجعة ذكر اقتلوها ، لكن الأطفال من النساء التي لم يعرفن مضاجعة ذكر ابقوهن لكم حيات " سفر العدد 31 : 17)، و عادة تقديم الشعب المهزوم ذبيحة للرب : فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا»." ( صموئيل الأول 15: 3) ،وعندما عبد شعبه البعل و اشتاظ غضبه : " اقتلوا كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه "،فهذه الأوامر العنيفة ليس لها علاقة من قريب أوبعيد بيسوع وتعاليمه المستوحاة من الآب كما سنري فاليهود لم يعرفوا قط إله يسوع لم يعرفوا الآب قط وهذا يتضح لنا في قول يسوع لهم : "تعرفونني وتعرفون من أين أنا، ومن نفسي لم آت، بل الذي أرسلني هو حق، الذي أنتم لستم تعرفونه "(يوحنا7: 28) ." لستم تعرفونني أنا ولا أبي. لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضا" (يوحنا 8: 19) وبما أن اليهود كانو يطبقوا حينها شريعة يهوة بحذافيرها إذن من المفترض أن يكونوا عارفين بالله (يهوة) لكن كما يتضح أن هذا ليس الإله الذي يعنيه يسوع . في حدث مهم في الإنجيل قال فيه يسوع : أنا أتكلم بما رأيت عند أبي، وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيك». أجابوا وقالوا له: «أبونا هو إبراهيم». قال لهم يسوع: «لو كنتم أولاد إبراهيم، لكنتم تعملون أعمال إبراهيم ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني، وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. هذا لم يعمله إبراهيم) يوحنا8 :38-40) ، هذا معناه أن إبراهيم لم يتواصل أبدا مع الآب وهذا دليل واضح علي بطلان تعاليم يهوة وبراءة المسيح و الآب منها. بل و هناك موضع يؤكد فيه يسوع علي أبوة الشيطان لليهود "أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا" ، الذي من الله يسمع كلام الله. لذلك أنتم لستم تسمعون، لأنكم لستم من الله )يو 8: 44-47) ، من المهم أن نلاحظ أن انتقاد يسوع لهم فقط لأنهم متمسكون بشريعة موسي وعدم اعترافهم بكلامه فبحسب كلام يسوع لهم انهم يمشون وراء الشيطان وبما انهم يمشون وراء يهوة فإذن يهوة هو الشيطان . حيث يجعلنا هذا نعتقد بغنوصية تعاليم يسوع ،الغنوصية بإختصار شديد هي تعاليم دينية تقول بأن هذا العالم المادي المليء بالألم والموت هو من صنع إله شرير فيسعي الغنوصي إلي الإله الحق النوراني الأعظم الذي ليس له وصف لأن لا أحد قادر أن يفهم عظمته ،بداية ليس لها بداية ،ليس له اسم مثل يهوة أو إلوهيم أو أوزوريس أو زيوس،قائم لنفسه وفي نفسه وراء كل الوجود ووراء الزمن،قائم فوق كل المشاعر ليس مثل يهوة يغضب ويحزن ويتأسف علي ما فعله(تك 6:6) ،أما صانع هذا العالم فهو إله أدني منه.شرير،يحاول حبس الروح الإنسانية في عالمه لكي لا تصل إلي الإله النوراني الكامل ،إله العالم الروحاني ،إذا أردت التعمق أكثر في موضوع الغنوصية ،يرجي مراجعة كتاب (الوجه الأخر للمسيح ) لفراس السواح صفحة 71.
إذن فقد رفض يسوع الإله التوراتي وبالتالي رفض تعاليمه فكان يشفي المرضي يوم السبت مع انه يوم الراحة بحسب شريعة يهوة (تثنية 5:12) ولما هاجمه اليهود قال : إن السبت جُعل للإنسان لا الإنسان للسبت (مرقس 2: 27) ، ورفض شريعة تحريم الطعام وجعل الطعام كله طاهر (مرقس 7: 18-19).ورفض رجم الزانية في الآية الشهيرة " من كان منكم بلا خطية فليرميها أولا بحجر" (يو 3: 7).الرجم الذي أمر به يهوة نفسه في (تثنية 22: 21) . ونلاحظ أن المسيح كان يقول "شريعتكم " ولم يقل أبدا "شريعتنا" وهذا يدل علي إنه لم يكن تحت سلطان الشريعة اليهودية بل كان متبرئ منها (راجع يو 10: 34 ،15: 25 7: 19 مرقس 10 : 3-5) من الواضح أن يهوة لم يكن هو الآب الذي نادي المسيح بتعاليمه ،فكيف إله ينهي عن فعل ويأتي مثله ،البعض يقول أن لكل زمن تعاليمه و هذه التعاليم حينها كانت لازمة ولكن هذا ليس منطقيا فكيف تتغير طبيعة إله بهذا الشكل الذي يمكن أن نعتبره العكس تماما ،كما أنه لا يوجد أي إشاره إلي هكذا كلام