مؤتمري وارشو وسوتشي وصراع النفوذ


عادل احمد
2019 / 2 / 20 - 08:41     

عقد في الاونة الاخيرة مؤتمرين سياسيين عالميين ومختلفين في الاهداف في ان واحد. الاول في منتجع سوتشي في روسيا من قبل روسيا وايران وتركيا والثاني في عاصمة وارشو البولندية من قبل امريكا واسرائيل والدول الخليجية واوروبا. ان الهدف المعلن في مؤتمر سوتشي الروسية هي كيفية التعامل مع الازمة السورية ومصير محافظة ادلب السورية. وفي الحقيقة هي كيفية مواجهة الصراع الامريكي في الشرق الاوسط وامريكا اللاتينية وخاصة في فنزويلا ومحاولة انشاء القطب السياسي والاقتصادي الجديد لتقسيم العالم. ان محاولة روسيا في اروقة الامم المتحدة من اجل انشاء التكتلات والتحالفات مع الدول الاخرى ومخاوفها من التدخل الامريكي المباشر باقتصادها وجيوشها ومخابراتها من اجل تنصيب حكومات موالية لها ومحاولة ازاحة الحكومات المنافسة لها إذا اقتضت الضرورة. ان محاولة روسيا مساعدة تركيا وإيران والصين هي من اجل المشاركة الروسية- الصينية في ان تلعب دورا محوريا في السياسة العالمية وان تظهر كقوة مؤثرة في رسم الملامح السياسية العالمية. اما مؤتمر وارشو فهي محاولة امريكية من اجل افشال ابراز الدور السياسي الروسي بمساعدة إيران وتركيا والصين. ان تجمع ومشاركة الدول المنافسة لايران مثل اسرائيل والسعودية والامارات والبحرين في هذا المؤتمر وهؤلاء هم الد الاعداء لإيران هي من اجل حشد القوة من اجل منع انتشار النفوذ الايراني في الشرق الاوسط والذي أزعج دول الخليج وامريكا بقدرته ونفوذه على لعب دور فاعل في رسم السياسة في الشرق الاوسط.
ان كلا المؤتمرين هما محاولات سياسية لرسم ملامح الشرق الاوسط الجديدة وتقسيم مناطق النفوذ من جديد بين الاقطاب والدول في ظل استمرار الازمة الاقتصادية العالمية وانحصار الراسمال في الانكماش وعدم النمو على الرغم من عظمة التكنولوجيا في الصناعات.. ان كلا المؤتمرين على استعداد ان يخلقوا أكبر ماساة انسانية بحق الشعوب وبحق المحرومين ابتداء من الحصار الاقتصادي اللاانساني على الدول وتشكيل كيانات سياسية لا رحمة لها لقتل الناس ودعم التيارات الاكثر رجعية من اجل افشال مخططات أحدهما ضد الاخر. ان القاعدة وطالبان والمجاهدين كانت حتى الامس تتسلح من قبل امريكا بالضد من روسيا ولكن اليوم تتسلح من قبل روسيا وإيران من اجل طرد القوات الامريكية والبريطانية في افغانستان. وان تركيا حتى الامس القريب كانت بجانب امريكا واسرائيل واليوم تتناقض مصالحها مع امريكا والغرب وتقف بجانب إيران وروسيا بالضد من اسرائيل والدول الخليجية. ومن جهة اخرى تحاول امريكا ان تجبر الدول الاوروبية الابتعاد كليا عن روسيا وخاصة المانيا وايطاليا ولكن مصالح هذه الدول بدات تقترب مع مصالح روسيا السياسية والاقتصادية خاصة بعد ان تبنت امريكا وبريطانيا السياسة الوطنية لاقتصادهما العالمي. ان هذه التغيرات في السكة ومخاوف الدول من التحولات الجارية في الاقتصاد العالمي وخاصة ابراز الاقتصاد الصيني العملاق كقوة اقتصادية ثانية وهي رائدة في مجال التكنولوجيا المعلوماتية والذكية وبامكانه ان يصبح قريبا القوة الاقتصادية الاولى في العالم، وتصبح روسيا ايضا القوة العسكرية المنافسة لامريكا وان مخاوف اميركا العسكرية سوف تفزع العالم.. وان هذين القوتين سوف تلعبان دورا رئيسيا في مستقبل السياسة العالمية ولهذه فان العالم القديم والتحالفات القديمة سوف تعطي مكانها لعالم جديد وواقع جديد بعد بروز الاقطاب الفعلية واخطبوطاتها العالمية. وان المؤتمرين لم تكن مواضيعهم ومناقشاتهم تعبر عن المحتوى المعلن وانما كانت مختلف جذريا.. ان الصلح في الشرق الاوسط بين العرب واسرائيل لم يبحث في المؤتمر بل وانقلبت الاية الى عدم ضرورته بالمقارنة مع امتداد النفوذ الايراني حسب التسريبات من وقائع الاحداث الى الاعلام. وفي مؤتمر سوتشي اتفق الاطراف على قطع أطراف يد امريكيا وتدخلاتها ومكافحة المجاميع الارهابية التي تدعم من قبل امريكا وبريطانيا وفرنسا. ومن جهة اخرى تحاول امريكا وبريطانيا وفرنسا ان تشجع الاطراف المناهضة لايران وروسيا وتركيا من الارهابيين والرجعيين من اجل افشال مخططات واهداف مؤتمر سوتشي.
ان كل هذه المؤتمرات تحدث للاسف في غياب المؤتمرات العمالية والقوة التحررية التي تناضل من اجل رسم ملامح السياسة العالمية باتجاه اخر وهو الاتجاهات الانسانية.. وفي هذا حال كهذا عندما يمر الراسمال في الازمة يجر كل المجتمع نحو أزمته ويحاول ان تفرض خسائره على اكتاف المحرومين وهذا ما نراه اليوم كيف تعمق الصراع بين الدول الامبريالية والدول الرأسمالية الاقليمية والمحلية وكيف ينعكس ذلك على حياة ومعيشة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. انظروا الى تمركز الرأسمال والربح كيف انحسرت بين ايدي القلة القليلة والتي تعد بالآلاف الاشخاص بينما الفقر والجوع والحرمان والتشرد شملت مئات الملايين في العالم والتي هي في الازدياد المستمر على الرغم من امكانية خلق اوضاع أفضل لمعيشة جميع ساكني الكرة الارضية بهذه المقدرات والامكانيات البشرية. قالت حريدة الغارديان البريطانية بحق حول بيان الحزب الشيوعي الذي كتبه كارل ماركس وفريدريك انجلس في عام ١٨٤٨ ان محتوى البيان أصبح اليوم حقيقة وان اهداف البيان لا يزال هدفا انسانيا وانه لا يوجد طريق لتغيير العالم نحو الافضل الا عن طريق الثورة الاشتراكية كما رسم ملامح هذه الثورة بدقة في البيان الشيوعي.