الاتحاد العام التونسي للشغل ومؤشرات طور جديد من الفعل النقابي


بشير الحامدي
2019 / 1 / 29 - 12:38     

ما لم تنخرط بقية قطاعات الاتحاد العام التونسي للشغل وخصوصا قطاعي التعليم الأساسي والتعليم العالي في إضرابات على نفس المطالب التي يقاوم من أجل فرضها قطاع التعليم الثانوي منذ أشهر.) الوضع التربوي وتمويل المؤسسات التربوية.ـ ملف التقاعد المنحة ـ الخصوصية) سيبقى قطاع التعليم الثانوي معزولا وسيتاح لوزارة النوفمبري الفاسد وحكومة الشاهد أن يستمرا في المناورة على تفكيك تعبئة القطاع بمواصلة لعبة المفاوضات الجوفاء لمزيد تأزيم الأوضاع ودفع القطاع إما إلى الدخول في أشكال نضال قصويّة لا يمكن تقدير نتائجها أو إلى التسليم بالأمر الواقع والقبول بإتفاق هزيل.
لقد كشفت نضالات قطاع التعليم الثانوي في مستوى من مستوياتها الحلقة المفرغة التي أصبحت تدور فيها سياسات قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وهو ما مؤشر على بداية تصدع علاقة هذه القيادة مع منتسبي هذه المنظمة والذين سيكتشفون بمرور الوقت وبمزيد انكشاف أدوار هذه القيادة وتبخر خطابات الهيجان ومواصلة إنتاج نفس السياسات وبنفس التمشيات عجز ها عن الانخراط في فعل نقابي قادر على تحقيق مطالبهم.
لم يع قطاع عريض من منتسبي الاتحاد العام التونسي للشغل أن العمل النقابي وفي ظل السياسات الحكومية القائمة التي نعرف جميعا نتائجها الكارثية على أغلب حقوق الخدامة أصبح أمام تحديات لم يعد ممكنا التعاطي معها كما في السابق سواء في علاقة بالاتحاد كهيكل من حيث قوانينه وطرق تسييره وهيكلته أو من حيث سياساته وارتباطاته ومحاور نضالاته.
لقد أشرت حركة التعليم الثانوي إلى حدّ الآن إلى هذه التحديات والتي يمكن أن نكثفها في ثلاث مسائل هي:
1 ـ انتهاء طور الاتفاقيات الممتدة على ثلاث سنوات وهو تقليد فرضه منذ تسعينات القرن الماضي بن علي في إطار الدور الذي رسمه للاتحاد في ذلك الوقت وقبلت به البيروقراطية النقابية وهي اتفاقيات بان اليوم بالكاشف أنها لم تنتج غير تآكل رهيب في قدرة الخدامة على المقاومة وتدهور في أوضاعهم التي أصبحت في أقل من الحضيض.
2 ـ كارثية الارتباط بمحور من محاور الحكم بتعلة ما يسمى بالدور السياسي للاتحاد والذي لا يعني سوى الدور السياسي للبيروقراطية النقابية والذي لم يغنم منه الخدامة والأغلبية المفقرة شيئا سوى المزيد من التدهور في أوضاعهم على كل المستويات.
3 ـ إلحاحية حل مسألة السيادة على القرار لمنتسبي هذه المنظمة على مستوى القطاعات وعلى مستوى المنظمة ككل وتخير الأشكال التنظيمية الممكنة لتحقيق ذلك.
لئن فتحت حركة قطاع التعليم الثانوي الأعين على هذه التحديات التي يواجهها العمل النقابي داخل الاتحاد اليوم فإن ما يمكن الإشارة إليه هو أن هذا القطاع ليس بمقدوره لوحده تفجير هذه المعركة وخوضها إلى النهاية إن ذلك يتطلب انخراط أكثر من قطاع وخوض أكثر من معركة سواء في مواجهة سياسات الحكومة أو سياسات البيروقراطية.
إن الوضع عموما داخل الاتحاد أو في علاقة بسياسات الحكومة يؤشر لانتهاء طور وبداية طور جديد من الفعل النقابي ولكن يبقى أمر فرض هذا الجديد محكوما بقدرة منتسبي القطاعات والعناصر المستقلة في هياكل هذه القطاعات على الحسم مع القناعات والمواقف التي لم تؤدي سوى لتقوية نفوذ البيروقراطية النقابية وتمرير سياسات الحكومة.
ــــــــ