يا سيدي المسيح2019


جهاد علاونه
2019 / 1 / 1 - 05:59     

سيدي المسيح: أضعنا في عيد ميلادك شجرة السلام, لم نسقها طوال شهور الصيف, ولم نلقي عليها التحية والسلام, وبعضنا سرق ثمارها, وحين جاء يوم الميلاد اكتشفنا بأننا جميعنا شركاء في جرائم حرب شنيعة, لم نسقك ماء حين وجدناك عطشانا ولم نكسو لحمك حين رأيناك عريانا, ولم نطعمك حين رأيناك جوعانا, رأيناك مشردا ولم نلق اليك بالا, وجدناك حزينا ولم نقدم لك ابتسامة بسيطة علما أنها بالمجان نحصل عليها, يا سيدي المسيح أين أهرب منك أنت ونزار قباني في شوارع دمشق.

يا سيدي المسيح: أنا الآن مهدد بالانقراض, سيقضون عليّ عام 2019م بتهمة التقرب من دوائر إسرائيلية على حد زعمهم, يا سيدي المسيح سيوجهون لي تهمة الدعوة للسلام في عام 2019م, سيقولون عني أنني عميل للسلام وصانع سلام ومحبة وهذه في وطني تهمة يحاسب عليها القانون.

يا سيدي المسيح أنا خائف جدا وأرتجف خوفا ففي عام 2017م, وعدوني بالحب ولكن لم أشتم الا رائحة الدماء, وهذا يا سيدي هو الشيء الوحيد الذي يتقنه العرب, الحرب القتل الاغتصاب, وأنا رجل عندي فقر دم في هذه الأمور جميعا فلو رأيت قطرة دم واحدة أثناء فحصي للسكري أرتعب من نفسي خوفا, تخيل يا سيدي المسيح أنني حين أفحص السكر تنتابني قشعريرة وأرتجف كثيرا من رؤية قطرة دماء واحدة, فكيف لي أن أحمل السلاح وأقتل الأبرياء, أنا الآن متهم وتهمتي هي الدعوة للسلام, لقد سرحت في شوارع القرية والمدينة بشكل سخيف وأنا أبحث كل يوم عن أي فرصة جديدة للحب, لقد أضاعوا كثيرا من فرص الحب والسلام, في عام 2016م وعدوني بالسلام ولكني لم ألمس ألا رائحة البارود والحروب الأهلية, بقيت طوال الليل وأنا أنظر مرة من ثقب الباب ومرة من الشباك المطل على الشارع بانتظار أن يأتي لي رسول محملٌ بالسلام, كل الرسل الذين جائوا كانوا مزيفون ودجالون, فأين أنا الآن؟ أنا لا أعلم لقد أضاعوني تجار الحروب وسماسرة السلاح, رجوتهم أن يمنحوني قمحا وشعيرا ولكنهم لم يقدموا لي ألا السلاح لأقاتل به أناسا لا أعرفهم ولا يعرفوني, ماذا فعلنا في عام 2018, وماذا سنفعل في عام 2019؟

يا سيدي المسيح: يا صانع السلام, يا متوج ملوك السلام, يا زارع حقولنا بالسلام, يا باني السلام ويا معطي السلام من السماء ماذا أقول لأبي فراس الحمداني ولسيف الدولة ولأبي الطيب المتنبي لو جائوا وسألوني عن منبج وعن حلب؟ كيف جعلنا من القصيدة قنابل موقوتة!! نحن لم نحافظ على الوحدة العضوية في القصيدة التي أوصانا عليها المتنبي, ولم ندافع عن منبج وعن حلب كما غمرها المتنبي وسيف الدولة شعرا ونثرا, نحن نعيش في العصر العباسي الثالث عصر انحطاط العرب.

يا سيدي المسيح كل الذين وعدوني بالمحبة لم يمنحوني منها شيئا, بكيت على قارعة الطريق لم تحتمل أعصابي مزيدا من التوتر صرت أراقب عقارب الساعة لأنام مبكرا من شدة الخوف وعدم قدرتي على مواجهة الليل كثيرا, لم أنم بما فيه الكفاية رغم أنني أول رجل ينام بالبيت وبالحارة كلها وأول رجل يصحو مبكرا للبحث عن المحبة التي وعدتني بها وسائل الاعلام ووسائل الاعدام, أنا رجل مقهور جدا, قهرني الدجالون وتجار الحروب الأهلية والسماسرة والعرصات والقوادون الذين يحكمون عالمنا هذا بدون هوادة.

يا سيدي المسيح أنا لجأت اليك في بداية هذا العام لتمنحني بعض الراحة ولأشعر بالأمن وبالأمان فكل الذين وعدوني بمرجوحة عيد فقدتهم ليلة العيد ففي ليلة العيد ارتجفت كثيرا من شدة البرد لم أسمع في عام2018 خبرا واحدا يجعلني أشعر بالدفء, كل الأخبار باردة وكل وجبات الطعام باردة حتى أباريق الشاي كانت وما زالت باردة, تُهت,أحبابي هربوا فمنهم من ترك الوطن وغادر من شدة غدر الوطن به, نحن شعوب نتقن فن الغدر تقهرنا أوطاننا وتأكلنا أمهاتنا ويسجننا آباؤنا, نحن شعوب نموت ونحيا على أنغام البواريد والمدافع وننام ونصحو على صوت الارهاب في كل مكان.
أين الذين وعدوني بالسلام وبوردة الحب في عيد الحب, أنا أعرف أنهم سيعيدون الكرة ثانية وسيعدونني بالسلام وأنا على علمٍ بأنني سأبكي في عيد الأم وستجرح يدي في عيد العمال.