قاتل سميرة مليان...من وكيف ولماذا؟


طارق المهدوي
2018 / 12 / 30 - 16:23     

عمل الكاتب الصحفي مرسي سعدالدين حمدي كعضو في المكتب الإعلامي والثقافي المصري بالعاصمة البريطانية لندن منذ سنة 1945 حتى سنة 1957، ثم عاد إلى القاهرة ليعمل كنائب أمين عام منظمة التضامن الأفرو آسيوي التابعة لوزارة الخارجية المصرية إلى جانب عمله كرئيس قسم المطبوعات الإنجليزية في مكتب الرقابة على المطبوعات الأجنبية التابع لهيئة الاستعلامات برئاسة الجمهورية، ثم أصبح مستشاراً إعلامياً وثقافياً لمصر في ألمانيا الشرقية وبولندا وتشيكوسلوفاكيا ثم رئيساً لهيئة الاستعلامات المصرية ومتحدثاً رسمياً باسم رئيس الجمهورية منذ سنة 1974 حتى نقله منها الرئيس أنور السادات إلى المجالس القومية المتخصصة برئاسة الجمهورية سنة 1979، على ضوء وشاية من نائبه ضابط المخابرات السابق صفوت الشريف الذي حل محله في موقعي رئاسة الهيئة والمتحدث الرسمي تتعلق بعدم تعاونه في استفتاء وانتخابات سنة 1979 مع الحزب الحاكم الذي كان السادات قد أنشأه برئاسته سنة 1978، دون أن يفوت صفوت الشريف التلميح في وشايته إلى احتمال أن يكون عدم تعاون مرسي سعدالدين حمدي ناجماً عن تأثره بالليبراليين الذين عمل وسطهم في بريطانيا أو بالشيوعيين الذين عمل وسطهم في شرق أوروبا، وعقب اغتيال السادات يوم 6/10/1981 خلال توليه لرئاستي الجمهورية والوزراء معاً خلفه في رئاسة الجمهورية نائبه حسني مبارك الذي عين على عجل رئيساً جديداً للوزراء هو فؤاد محيي الدين آخر وزراء إعلام السادات، فقام فؤاد محيي الدين على عجل أيضاً باختيار وزير إعلام جديد ليحل محله هو صفوت الشريف الذي كانت وشايته قد أحلته محل مرسي سعدالدين حمدي كرئيس للاستعلامات ومتحدث رسمي باسم السادات، ولما كان من الطبيعي بالنسبة لنظام الحكم المصري أن يشرع مبارك في إعادة ترتيب الأوضاع داخل مؤسسات الدولة وأجهزتها على قياسه الشخصي المختلف عن قياس سلفه السادات من خلال تسكين رجاله تدريجياً وبهدوء في مفاصلها، فقد اقترح عليه محمد عبدالحليم أبوغزالة شريكه في صفقات السلاح وفي التحالف العالمي لمكافحة الشيوعية وآخر وزراء دفاع السادات اسم صديقه مرسي سعدالدين حمدي كوزير إعلام ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة، وبالفعل شكل حسني مبارك عدة حكومات متتالية في 31/8/1982 برئاسة فؤاد محيي الدين ثم في 5/6/1984 برئاسة كمال حسن علي ثم في 5/9/1985 برئاسة علي لطفي ثم في 11/11/1986 برئاسة عاطف صدقي، وهي الحكومة التي شهدت إقصاء أبوغزالة عن وزارة الدفاع في 16/4/1989 وتعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية وعضواً بالمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية كي يزامل صديقه مرسي سعدالدين حمدي بدلاً من مزاملة الأخير له كوزير في الحكومة، ويمكن فهم كيفية حدوث الحيلولة دون تولي مرسي سعدالدين حمدي وزارة الإعلام وهوية القائمين بتلك الحيلولة وماهية أدواتهم عبر استعراض بعض الأحداث التي تطورت على النحو التالي:-
1- لم يكن مرسي سعدالدين حمدي خالياً من العيوب والأخطاء لكنه كان كرجل دولة مخضرم قادراً على تغطية عيوبه وأخطائه كيلا يطعنه فيها خصومه بعكس شقيقه الأصغر الموسيقار بليغ حمدي الذي كانت حياته مليئة بالثقوب والثغرات الصالحة كي ينفذ منها خصومه وخصوم شقيقه الأكبر أيضاً.
2- كان بليغ حمدي يسكن في شقة واسعة بأحد الأدوار العلوية في عمارة كائنة بحي الزمالك القاهري وقد اعتاد كغيره من الفنانين على استضافة أصدقائه وغير أصدقائه من الفنانين وغير الفنانين سواء بمواعيد مسبقة أو من غير مواعيد لإقامة سهرات فنية وغير فنية داخل شقته سواء كان هو موجوداً أو غير موجود وسواء كان هو يقظاً أو نائماً.
3- في ليلة 20/1/1984 قام رجل الأعمال المجهول السعودي من أصل فلسطيني عبدالمجيد تودري باصطحاب المطربة المغمورة الفرنسية من أصل مغربي سميرة مليان إلى شقة بليغ حمدي بعد أن وعدها بإنتاج ألبوم غنائي لها من تلحين بليغ الذي قام تودري بتقديم سميرة له باعتبارها أخت زوجته.
4- استقبلهما بليغ حمدي كما اعتاد أن يستقبل ضيوفه وجالسهما بعض الوقت في وجود ضيوفه الآخرين الذين انصرفوا تباعاً باستثناء تودري ومليان اللذان بقيا إلى ما بعد منتصف الليل مما اضطر معه بليغ إلى تركهما في بهو الاستقبال ودخول غرفة نومه كي ينام ليستطيع اللحاق بأشغاله الصباحية.
5- عقب نوم بليغ حمدي عثر جيرانه على جثة سميرة مليان عارية أسفل شرفة شقته فأيقظوه من نومه ليتصل فوراً بمحاميه اللواء مصطفى كامل الصباحي شقيق الممثلة ماجدة الصباحي زوجة اللواء إيهاب نافع حيث طلب منه المحامي أن يتريث في إبلاغ الشرطة لحين حضوره كي يقوم هو بالإبلاغ على نحو قانوني سليم وعندما حضر كان تودري قد غادر مصر إلى السعودية بجواز سفر دبلوماسي ليختفي نهائياً حتى اليوم كأنه لم يكن.
6- وجه القضاء المصري إلى بليغ حمدي تهمتي القوادة وإدارة شقته للدعارة وأصدر عليه حكماً ابتدائياً بالسجن ثلاث سنوات وهو الحكم الذي تم تخفيفه استئنافياً إلى سنة واحدة فهرب بليغ إلى فرنسا سنة 1985 مطارداً بحكم قضائي في جريمتين مخلتين بالشرف الأمر الكفيل بالقضاء على أي صعود محتمل لشقيقه مرسي سعدالدين حمدي.
7- ضاعت بشكل نهائي على مرسي سعد الدين حمدي فرصة الصعود المحتمل كوزير إعلام عقب الإطاحة في إبريل سنة 1989 بصديقه وزير الدفاع أبوغزالة الذي كان قد رشحه وتمسك به فلم يعد هناك احتياج إلى الحكم القضائي المخل بالشرف ضد شقيقه بليغ حمدي لتصدر محكمة النقض المصرية في نوفمبر سنة 1989 حكماً نهائياً ببرائته من تهمتي القوادة وإدارة شقته للدعارة.
8- لكونه رجل دولة مخضرم فقد تحمل مرسي سعدالدين حمدي تلك اللعبة القذرة حتى توفى سنة 2013 عن عمر 95 عاماً أما شقيقه الأصغر بليغ حمدي فلم يتحملها حيث أصابته باكتئاب حاد تسبب في وفاته سنة 1993 عن عمر 61 عاماً بعد أن كانت تلك اللعبة القذرة قد قتلت المطربة سميرة مليان في سنة 1984 عن عمر 24 عاماً فقط!!.