-دون قصد- الرياء و النفاق -التروتسكي- يكشف عن خلفيات التحريفية


خالد المهدي
2006 / 4 / 15 - 12:14     

"دافعوا عن عقولكم كما لو تدافعون عن حصون مدينتكم" هيراقليطس

"طبقوا الماركسية و ليس التحريفية؛ اعملوا من أجل الوحدة و ليس الانشقاق، كونوا صرحاء و نزهاء، لا تحبكوا لا مكائد و لا مؤامرات" ماو تسي تونغ – تقرير حول مراجعة أنظمة الحزب الشيوعي الصيني مقدم للمؤتمر العاشر



إن إحدى الصفات الأساسية التي تميز الانتهازية هي انعدام المبادئ أي تبني اللامبدأ فكرا وممارسة. غير أن انعدام المبادئ ليست صفة مقتصرة على الانتهازيين وحدهم، بل يتقاسمها معهم من هم العن منهم. وهذا الوجه من التروتسكيين هو نموذج ساطع على ذلك.

ولكي نبرهن على هذا الكلام حتى لا يكون كلاما مجانيا وحتى نخرجه من دائرة الادعاءات الحقيرة التي يبدع في ترويجها هؤلاء التروتسكيون نجد أنفسنا مجبرين على معالجة الأمر جديا.

إن ضرورة معالجة هذا الموضوع لا تستمد فقط من اجل البرهنة على لا مبدئية هذا الوجه من التروتسكية الذي لا يقل قبحا عن باقي الأقنعة الأخرى وسط التروتسكية، بل إن ضرورة هذه المعالجة تستمد أيضا من اجل الكشف عن مضمون الخطوط والنزعات السياسية( سواء عبر عنها مناضلون او فرق أو أحزاب) التي ترفع شعار وحدة الحركة الشيوعية عن طريق التحالف مع هؤلاء اللامبدئيين* وبالتالي إظهار مضمون تلك الوحدة التي ينادون بها وكشف أهدافها الحقيقية، وهكذا فتقديم البرهان والدليل النظري والسياسي على لا مبدئية هذا الوجه من التروتسكية يكشف لنا أيضا، وفي الوقت ذاته حقيقة مضمون العديد من الخطوط السياسية الأخرى. وهو بذلك (أي تقديم الدلائل) يدخل كعمل ملموس في بناء المزيد من التقدم نحو بناء الخط الفكري والسياسي للحملم[1].

إن ما سوف يأتي من هذا المقال هو تقديم هذا الدليل.

إن البرهان الذي يضعه هؤلاء التروتسكيون أمام أعينهم إن كانوا يبصرون أو الذي يعبرون عنه ويجسدونه إن كانوا ضريري البصيرة، إنما هو رهان أثبتت التجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية إفلاسه التام ووضعت إبانه لينين صقرا للثورات وتروتسكي "يهوذا الصغير" وها هي التجربة الملموسة للحركة الماركسية اللينينية المغربية أيضا تضع اليوم كلا في مكانه وسوف توضح مستقبلا أيضا المكان الذي سوف يشغله الكل بدون استثناء. سوف يحدد التاريخ أي موقع يحتله الصامتون وأي موقع سوف يشغله كل المتصارعين.

ولأن التاريخ لن يجد مستقبلا ما يقوله عن الصامتين سوى أنهم كانوا صامتين* كما يقول لنا اليوم عن البارحة، فصامتوا الأمس لم يتركوا أي بصمات على الحركة( فهم على كل حال كانوا خارج دائرة التأثير) سوى ما قاله الآخرون عنهم. غير أن المتصارعين تركوا ما نقيمهم، ونحاكمهم به تركوا مادة من اجل تطوير الحركة الشيوعية بغض النظر عن من كان يمثل الاتجاه الصحيح الثوري ومن كان يمثل الاتجاه الانتهازي.لم يترك المتصارعون السابقون المجلدات ( من البيان إلى ما شاء البعض من المجلدات !!) والكتب لنحاكمهم على أرضيتها؛ بل إنهم وضعوا لمساتهم في التاريخ، وبهم عبرت مختلف الطبقات عن ذاتها ولو أنها أخذت أسماء مختلفة بلاشفة مقابل مناشفة، الخط الثوري مقابل الخط الانتهازي، وتارة صقر الثورات مقابل يهوذا الصغير، وتارة أخرى لينين أمام "المرتد كاوتسكي". وهذا التغيير في التقابل إنما يعبر عن مدى تطور الخطوط السياسية الناتج طبعا عن تغير وضع وموازين الطبقات في صراعها على النطاق العالمي أو المحلي.

إن الإقرار بالانتماء إلى ماركس يكمن أساسا في الإقرار بان تطور الصراع الطبقي هو محرك التاريخ( وإن كان هذا الشرط غير كاف للانتماء إلى ماركس فإنه شرط لازم لذلك) وهذا وحده يجعل الماركسيين ( إن هم كانوا حقا ماركسيين) مقتنعون بلينين و ماو كاستمرارية لماركس أي كاستمرارية لأنضج تعبير للبروليتاريا عن ذاتها فكرا وممارسة، فالخط الفكري والسياسي الذي تعبر به البروليتاريا عن ذاتها عرف هو الآخر تطورا بمقدار ما عرفت البروليتاريا من النضج النظري ومراكمة الخبرات من تطور. وهكذا، فتطور الصراع الطبقي يفرز ويحدد اتجاهات تطور الخطوط المتصارعة والأفكار المتصارعة والنزعات المتصارعة.

" إن عمومية التناقض أو صفته المطلقة ذات معنى مزدوج. فأولا توجد التناقضات في عملية تطور جميع الأشياء ، وثانيا توجد حركة التناقض في عملية تطور كل شيء منذ البداية حتى النهاية"[2]

لقد أصبح ماركس اسمه لينين وقد درسنا في عمل سابق ماذا أصبح صقر الثورات: هل هو المشيد والحديدي ستالين، وبعده أسد الجبال الجدلي ماو أم أحد آخر. وما يهمنا هنا ليس تأكيد صحة تلك الحجج النظرية التي قدمتها سابقا * بل ما يهمنا هو أن نتساءل عن كيف أصبحت سحنة "يهوذا الصغير تروتسكي". هل كما يذكرنا التاريخ على لسان ستالين بوصفها " ليست تيارا سياسيا ضمن الطبقة العاملة لكنها عصابة، لا مبادئ لها. ولا ايديولوجية من المخربين وعملاء التضليل ونقل المعلومات والتجسس والقتلة، عصابة من الأعداء الألداء للطبقة العاملة"[3] او كما يقول عنها التاريخ على لسان ماو الذي برهن أن نظرية" الثورة الدائمة" هي بالضبط نظرية عدم القيام بالثورة " وهذا كل ما يهم في الأمر بالفعل.أم أن تيار التروتسكيين الذي احتل موقع " يهوذا الصغير" أمام صقر الثورات تطور وأصبح " الوريث الحقيقي لكل الثرات البلشفي" (!!)، و"أصبح أشرس مدافع على نظرية التنظيم اللينينية" (!!)

وهل يعقل أن يتطور النفاق والرياء بعد أن توفرت له شروط النمو إلى غير ما هو افضع؟ لكن قبل الإجابة على هذا السؤال لنجعل كل الرفاق غبر المطلعين أو المهملين لدروس التاريخ أن يعرفوا من هو " يهوذا الصغير"، وأي نفاق ورياء هذا الذي نبحث عن تحديد اتجاهات تطوره وكشف سحنته الراهنة.

بعد هزيمة الثورة البرجوازية الديمقراطية الروسية الأولى سنة 1905 وظهور الخط التصفوي داخل حزب ع إ د ر كتب لينين نازعا قناع تروتسكي الكلمات التالية، ليوضح فيها أي رياء يمتاز به تروتسكي فليتمعن الرفاق جيدا في ذلك:

" يهوذا الصغير تروتسكي" اكثر الكلام في الدورة أي) دورة اللجنة المركزية (ضد التصفوية والانسحابية، اقسم وحلف انه مخلص للحزب، نال إعانة مالية. بعد الدورة، ضعفت اللجنة المركزية وتقوي الفبريديون- حصلوا على نقود. تعزز التصفويون الذين بصقوا في " ناشازاريا" أمام ستوليين في وجه الحزب السري. فاخرج" يهوذا الصغير" ممثل اللجنة المركزية في " الفرابدا" وشرع يكتب في Vorwàrts مقالات تصفوية. خلافا للقرار الصريح من اللجنة المدرسية التي عينتها الدورة، والتي اقرت أنه ينبغي ان لا يذهب أي محاضر حزبي الى مدرسة الفبريوديين الكتلوية، راح يهوذا الصغير تروتسكي إلى هناك وبحث خطة الكنفرانس مع الفبرديين. وهذه الخطة نشرتها الان فرقة " فبريود" في منشور. و يهوذا الصغير هذا يقرع على صدره ويزعق بحزبيته، مؤكدا انه لم ينزلق البتة إلى الفبرديين والتصفويين.

هكذا هي صبغة الحياء عند يهوذا الصغير"[4]

هذا هو رياء " يهوذا الصغير"، إن تحديد تطور هذا الرياء سوف نقدمه ليس من خلال محاكمة أو تدعيم حجج ستالين أو ماو أو مانديل وغيرهم بل سوف نحدده من خلال الواقع الملموس الحالي، فماذا يقول لنا الواقع الحالي؟

قبل الإجابة على ذلك، نود التأكيد على أن الماركسيين لا يحاكموا الناس على ما يقولونه على أنفسهم. فإسم " الماركسيين الثوريين" مهما بدا براقا ولامعا فإنه لا يخدع إلا من نسي دروس التاريخ. لقد سخر لينين من المرتد كاوتسكي عندما وضع هذا الأخير الصراع بين البلاشفة والمناشفة على انه "صراع بين طريقتين متضادتين مختلفيتين جذريا: الطريقة الديمقراطية والطريقة الديكتاتورية" وكتب قائلا: "إن كاوتسكي إذ يسمي غير البلاشفة في روسيا، أي المناشفة والاشتراكيين الثوريين بالاشتراكيين، إنما يستند إلى اسمهم أي إلى الكلمة، لا الى المكان الذي يشغلونه فعلا في نضال البروليتاريا ضد البرجوازية، فيا لها من طريقة رائعة لفهم الماركسية وتطبيقها"[5]

إن تطورات الصراع الطبقي هي التي جعلت لينين يصارع، في ، في مرحلة ما المناشفة و" الاشتراكيين الثوريين" بوصفهم اشتراكيين أي بوصفهم تيارا عماليان وتطور نضال الطبقات ذاته هو الذي جعل أيضا لينين إبان صراعه ضد كاوتسكي من الإقرار بان المناشفة والاشتراكيين الثوريين لم يبقوا بعد تيارا اشتراكيا بل أصبحوا يشغلون مكانا آخر. ورغم ان التروتسكية حاولت الاختباء وارتداء قناع اللينينية إلا أنها برزت كتعبير عن مكان أحط من المكان الذي سوف يشغله المناشفة و" الاش الثوريون" في صيرورة تطور نضال البروليتاريا ضد البرجوازية. وهكذا، فإن استحضارنا لنقد لينين إلى تروتسكي وأساسا تعاطي لينين مع التروتسكية ليس هو ما نحتاج إلى استخلاصه من تلك الدروس بل ما يحتاجه الماركسيون إنما هو استخلاص طريقة لينينن. فالمناشفة لم يبقوا هم المناشفة وتروتسكية العشرينات لم تعد هي تروتسكية الثلاثينيات وما بعدها. إن من لا دليل لديهم سوى الأسماء وما يقوله الناس عن أنفسهم لتصنيف التيارات السياسية طبقيا، إنما يستحقون كل ما قاله لينين في حق كاوتسكي سنة 1918، فماذا تقول إذن الوقائع الحالية؟

وضع المسألة في سياقــها التاريخي.

شكلت بداية التسعينات من القرن الماضي بحق انعطافا تاريخيا حقيقيا في صيرورة تطور نضال الطبقات عالميا، ومحليا، فالأحداث التي عشناها مع مطلع التسعينات وما بعدها كانت بمثابة زلزال وصلت ذبذباته إلى ابعد قرية نائية على سطح الأرض مدشنا بذلك إعلان انطلاق حملة شرسة للرأسمال المالي لازلنا نعيش أطوارها إلى يومنا هذا. ولم تكن الحملم بمعزل عن هذه الأحداث بل كانت في قلبها. بل إن تلك الأحداث قد شكلت عاملا أساسيا مَباشرا في إبراز واقع الحركة الماركسية وسماتها التي تميزت بـ:

I. اتساع نطاق الردة داخل الحركة واتسامها بطابع يميني حاد تارة وبطابع "يسراوي" صبياني تارة اخرى..

II. اتساع رقعة واتجاهات الانقضاض على تجربة الحملم ككل وعلى أهدافها ومنطلقاتها.

III. إن تلك الأحداث ذاتها وفي نفس الوقت قدمت البرهان والدليل على إفلاس الخط الانتهازي الذي ساد داخل الحركة بعد نهاية الثمانينات. ذاك الخط الذي ناضل ضده باستماتة وقتالية الشهيد عبد اللطيف زروال والشهيدة سعيدة المنبهي مند السبعينات و على طول مسيرتهما النضالية.

في هذه الشروط التاريخية انبثق التروتسكيون ببلادنا وعلى قاعدة الهجوم السافر و ( السافل) ذو النفحة المنشفية على كل تجربة الحملم في محاولة لتصفية كل المهام والأهداف التي نادت بها الحركة مع بداية السبعينات.غن موضوعة لينين حول ظهور اليسراوية قد تحققت بجلاء على طول تجربة الحركة الشيوعية ببلادنا بشكل عام وفي فترة التسعينات بشكل خاص. ففعلا "غالبا ما كانت الفوضويـة نوعا من العقاب على الذنوب الانتهازية في حركة العمال و كلا هدين المسخين(الفوضوية و الانتهازية) مكمل لبعضهما"[6] لكن صيرورة تطور هذا التيار ستعرف أيضا تحولات وانعطافات كثيرة كان ربما أهم ما يهمنا فيها الآن، هو الصراع الحاد الذي عرفه هذا التيار خلال نهاية التسعينات خصوصا بعد اغتيال الشهيــد " موناصير" على يد أجهزة الاستخبارات وحسم الصراع مع بداية القرن الحالي لصالح دعاة "حان الوقت لإزالة الأقنعة القديمة وارتياد أقنعة جديدة".

ونود هنا بالمناسبة أن نشير إلى حادث له دلالته الخاصة. فقد قام هؤلاء الذين يروجون " لنبــد العنف" و"الحوار الديمقراطي" بالهجوم على مناضلين متعاطفين مع الطلبة القاعديين بموقع مراكش سنة 2002. لم يكن ذلك الهجوم الجبان متعلقا باحتداد الصراع او بـ" بالدفاع عن النفس" كما يدعون اليوم بأكادير، فشروط الساحة الجامعية في تلك الفترة لم تكن تأشر على أي احتقان للوضع (وهو الشيء الذي استغرب له العديد من الطلاب). عن ذلك الهجوم الجبان كان في حقيقة الأمر بمثابة تصفية الحسابات بين الاتجاهات المتصارعة داخل هذا التيار. فكل المتتبعين لنضال الطبقات بالمغرب يعرف أي حجم وصله الصراع بين الإخوة العداء، خصوصا عندما أصر البعض منهم على إصدار جريدة "المنافقة"** والتقدم نحو خلق مستلزمات "الجبهة الاجتماعية". فقد عمل المناهضون آنذاك لهذه الخطوات، بعد انسداد أفق النقاش الداخلي واحتداده، إلى خلق الشروط المضادة لذلك من خلال الهجوم على القاعديين لأن في ذلك استحالة للتواجد المادي لهم داخل الجامعة وبالتالي فرض المر الواقع بالانسحاب وعرقلة خطوات " رفاقهم" . هكذا كان يحل هؤلاء حتى صراعاتهم الداخلية ويسقطوها على الشرفاء بشكل جبان وحقير.

هذا جزء من تاريخ هذا القناع من التروتسكية بالمغرب، فحجم هجومهم على تجربة الحملم وعلى الطلبة القاعديين( بل حتى على من يقول ويدعي بأنه قاعدي) بشكل خاص يعرفه الكل بدون استثناء. ولن نحتاج هنا من اجل تبيان ذلك الدخول في جدال حول ما يقولونه في شأن " أسباب انحطاط القاعديين" أو مختلف الأفكار الانتهازية والتصفوية التي يروجون لها في أوراق أخرى. بل سوف نكتفي فقط ( من اجل تبيان ذلك) إلى استحضار هجوماتهم الأخيرة حول أحداث جامعتي مراكش واكادير.

ففي البيانات الصادرة عن طلبتهم " الثوريين" والمنشورة في جريدة المنافقة ينعتون النهج الديمقراطي القاعدي بأبشع الصفات ويشنون هجوما حقيرا شكلا ومضمونا على الطلبة القاعديين بشكل عام وعلى القاعديين بكل من مراكش و اكادير بشكل خاص. وهكذا نجد بيان تحت عنوان " دفاعا عن الديمقراطية... ضد العنف السياسي داخل الجامعة" يذكرنا بهجومهم الحقير على الطلبة القاعديين بموقع فاس سنة 2001 في ورقة ( لم يتم تداولها إلا في أكادير) تحت عنوان " دفاعا عن الديمقراطية" ونجد أيضا بنفس التاريخ 19/12/2005 بيانا آخر معنون بـــ"عصابات مايدعى "النهج الديمقراطي" تسفك الدماء في مراكش" يعتبرون فيه النهج الديمقراطي القاعدي "تيارا مفلسا" ويسمون القاعديين بمراكش بـــ"عصابة البرنامج المرحلي"، وبعد يوم من ذلك 20/12/2005 يكثفون من حملتهم الدعائية الرخيصة ويصدرون بيانا يحمل عنوان" الدولة تجد من ينوب عنها في قمع المناضلين" حيث يصفون " النهج الديمقراطي القاعدي" "تيارا عصبويا" "اجتمعت فيه كل صفات العصبوية". وبعد أربعة أيام تصدر جريدة " المنافقة" بيانا آخر يحمل عنوان " شرذمة البرنامج المرحلـــي تداهم بيوت المناضلين" وهنا سوف تتغير نغمة هؤلاء المنعدمي المبادئ وسوف تتلون كالحرباء اتجاهات هجومهم.فقد حاول هؤلاء الظهور بمظهر المحنك السياسي الذي يعرف كيف يعزل الأعداء، لكنهم لم ينتبهوا الى ان ذلك سيجعلهم ينزعون العديد من أقنعتهم. وهكذا حاول هؤلاء الأغبياء والجبناء الهجوم على القاعديين بمراكش واكادير ووصفهم بأنهم " شرذمة" محسوبة على " البرنامج المرحلي" و" ينتسبون زورا للبرنامج المرحلي" و" مترامين على الإرث القاعدي بكل من مراكش واكادير" ...الخ. عن هذا الهجوم الخسيس ليس هو ما يثير في الأمر وليس هو ما نود أن نثيره ونقدمه كبرهان على لا مبدئية هذا الوجه من التروتسكية الذي لا يقل قبحا عن باقي أقنعتها الأخرى. فالصفة التي حددها لينين لتروتسكي أي " صبغة الحياء عند يهوذا الصغير " هي التي سوف تتطور لتعطينا ما أبدع الرفيق ستالين في التعبير عنه عندما قال عن التروتسكيين بأنهم "أصبحوا منذ عهد طويل عصابة من قطاع الطرق القادرين على ارتكاب جميع الأعمال الدنيئة، وجميع القذرات حتى التجسس والخيانة المباشرة لوطنهم"[7]

عن هذه الصفات هي " مميزة" لكل اجنحة التروتسكية. غير ان ما يهمنا هنا ونود تسليط الضوء عليه هو خلفيات ومضمون هذه النقلة في اتجاهات الهجوم على " النهج الديمقراطي القاعدي" بشكل حقير كما كان المر دائما، الى حصر الهجوم على النهج الديمقراطي القاعدي بموقع مراكش و اكادير؟ قد يكون المر مشروعا من الناحية السياسية كمشروعية المناورة لعزل العداء او ما شابه لكن ما يستحق الإشارة هو أن هؤلاء الجبناء وبعد أربعة أيام فقط من صدور بياناتهم التي اشرنا إليها سابقا والتي تأخذ كهدف مباشر لها الانقضاض على النهج الديمقراطي القاعدي كفصيل داخل الحركة الطلابية يكتبون قائلين: " ... نحن نعتقد أن هذه الجماعة مشبوهة ولا علاقة لها بالقاعديين وبالمناضلين الشرفاء !!)) و "مترامين على الإرث القاعدي( !!). هكذا في بحر أربعة أيام فقط أصبح من كانوا ينعتونهم بأحط الشتائم " مناضلين شرفاء". هكذا في اربعة ايام فقط، يغير هؤلاء الجبناء والمنافقين " مواقف"هم كليا. أليس ذلك اكبر برهان ودليل على انعدام المبادئ. فحتى أن أردتم لعب دور المحنك والمناور فعلى الأقل فكروا في صيغة تحافظون بها على " احترام من لم يعرفونكم بعد.

في اربعة ايام يصبح القاعديون - الذين اخذوا ما لم يأخذه النظام القائم ، من الشتائم والهجمات الخسيسة من طرف هؤلاء – شرفاء. ليلاحظ الكل هذا الرياء والنفاق والتزلف للخصوم. صراحة لن أجد أروع وأدق مما قاله ستالين حين كتب يقول: إن التروتسكية..." لا تعتمد على الدعاوة، المكشوفة والشرعية عن وجهات نظرها في قلب الطبقة العاملة، بل تعتمد على التنكر والتزلف الحقير والخضوع لوجهات نظر خصومها، والطريقة المداهنة والرياء في تمريغ وجهات نظرها الخاصة في الوحل"[8].

إن هذه الهجمات القذرة على الطلبة القاعديين الذين يقولون عنهم اليوم بأنهم شرذمة محسوبة على البرنامج المرحلي بكل من مراكش و اكادير وجماعة من "المندسين المنتسبين زورا للتيار القاعدي" تفضح بكل سطوع رياء وتزلف هؤلاء الجبناء لكن لنتساءل لمن يتزلفون؟ ومن المقصود بكل ذلك؟

إننا أمام حقيقتان ساطعتان، الأولى هي تبني هذا الوجه من التروتسكية، الذي قلنا عنه انه لا يقل قبحا عن باقي أقنعتها، للامبدئية فكرا وممارسة أما الحقيقة الثانية فهي خلفيات هذا التزلف وهذه النغمة التي تفوح منها رائحة اليد الممدودة. لنهمس في أذن النعام الذي يخبأ رأسه:

هــاهــم يمــدوا الأيــادي … آمـــــا من ملبـــــي

ولنقل لهم جميعا بصوت عال:

لا تضيعوا الفرصة واعتنقوا أحبابا

لكن إذا صور لكم عقلكم الصغير بأنكم تستطيعون الوصول إلى مراميكم الخسيسة بهذه الطريقة فانتم لستم بلهاء وإنما تقدمون البرهان على الاحتراف في انعدام الحس السياسي الشريف ويحق فيكم ما قاله سميح القاسم في سقوط الأقنعة:

"سقطت أغانيك الحزينة

والأساطير الذليلة

يحالما بالأرض خادمة مطيعة

تعطيك من أختامها ما شئت

تكريسا لشهوتك الوضيعة

سقطت ممزقة على درب الرياح الأربعة

سقطت... جميع ...الأقنعة!

فلأي رب بعد هذا اليوم تلجأ"

إن الأساليب الخسيسة ذات النفحات الاستخباراتية التي يلجا إليها هؤلاء في نعتهم للشرفاء بانهم "مندسون ومنتسبون زورا للتيار القاعدي" إنما هي في جوهر المر التزلف للخصوم والعداء وهي في حقيقة المر تقديم المعونة لكل أولئك الذين يبحثون لهم في مكان ما بالمغرب عن موقع في صفوف القاعديين.

إن شروط التحالفات الميدانية اللامبدئية ناضجة بما فيه الكفاية ولا تحتاج إلى خلق " عدو مشترك" ولا تحتاج إلى كل هذه الضجة الغبية ولا إلى هذه الحملة الرخيصة إلا في حالة واحدة: هي حبك المؤامرات ضد الجماهير وضد الحركة الماركسية ومناضليها. ولن نذهب لتأكيد ذلك الآن بل سوف نترك الأحداث المستقبلية تتكفل بذلك. وتقول كلمتها لترينا حقيقة الكـــــــــــــــــل[9].

صراحة لم أتصور أن عمي البصر والبصيرة قد يصلوا إلى هكذا حال. أي ما وصل إليه هؤلاء في الوقت الراهن. لقد أخطئتم الهدف و أخطئتم أيضا إطلاق السهم. ولنكررها مرة أخرى:حتى يستوعبون هم وغيرهم الدرس:

إن التاريخ قد برهن على إفلاس التحالفات الميدانية اللامبدئية على فشل الرهان على الحركة الطلابية أو الإطارات الجماهيرية كمنطــــــلق لحل أزمة الحركة الشيوعية لكن الواقع يقول أيضا إن الزمن الذي كان فيه المكان خاليا للانتهازية لتصول وتجول كما تريد وكما تشاء داخل الحركة الجماهيرية قد برهنت الوقائع على نهايته. إن ذلك الزمن قد ولى.

وهذا وحده كاف ليجعل الماركسيين الحقيقيين يدافعون عن كل نضالات الشرفاء أينما كانوا طلبة قاعديين او عمال-فلاحين ثوريين أو معطلين مناضلين... فإذا كنتم لا ترون في الجماهير الطلابية وفي المناضلين الماركسيين من الطلاب سوى قطيعا، فالماركسيون يعتبرونهم ماركسيين. من هذا المنطلق أي بوصفهم مناضلين ماركسيين يدعمونهم في نضالاتهم وينتقدونهم على أخطائهم أيضا.

فلنترك القاعديين يقولون كلمتهم وسوف لن يتردد الماركسيون الحقيقيون في الدفاع عن من يعبر على مصالح الجماهير الشعبية ومصالح الثورة المغربية في أي حقل من الحقول وسوف لن يتردد الماركسيون الحقيقيون في فضح المؤامرات مهما كلفهم الأمر.

يجب أن نعرف كيف نتعلم من الجماهير. إن التعلم من الجماهير هو مبدأ بالنسبة إلى الماركسيين، فمن عمل الجماهير و ممارستها يتعلم الماركسيون ، يستخلصون القوانين والدروس و لا ينسون أبدا موضوعة ماركس: نحن لا نقول للعالم كف عن نضالك فهو باطل- و إنما نوضح له مغزى نضاله إن الماركسيين الحقيقيين لا ينسون في أية لحظة أن يعلموا الجماهير كيف تدافع عن نفسها ضد كل أشكال العنف و الاستغلال و الاضطهاد و الاستفزاز مهما كان مصدرها (إن إحدى مهمات الماركسيين أينما وجدوا و في أي زمن وجدوا إنما هي المساهمة في تعليم الجماهير كيفية الرد على كل الاستفزازات.)

إن التاريخ تصنعه الجماهير، و ليس حفنة من المثقفين[10] المعزولين عن الجماهير (الضالين طبقيا) لكن حتى الارتباط بالجماهير و إن كان مبدأ لازما (و المبدأ يخرج من لا يؤمن به من دائرة الماركسية) فإنه غبر كاف على الإطلاق، فكم هناك من "المرتبطين" بالجماهير لكن كل ما يفعلونه هو "تربيتها" على الاستسلام و الخنوع و عدم تجاوز الخطوط الحمراء، بل حتى للترويج لأضاليل النظام القائم و شعاراته...

إن الارتباط بالجماهير دون العمل على التعلم منها و تعليمها كيفية الرد على كل استفزاز من العدو مهما كان هدا الاستفزاز بسيطا إنما هو الصفة المميزة لأقبح صور الانتهازية

إن هدا العمل المقدم بين أيدي الرفاق إنما هو ما تعلمناه من هزيمة العمال و العاملات بإيمني، هو ما تعلمناه من كفاحية و تضامن العمال و العاملات بإيمني و من قتالية و نضالية الطلاب بالعديد من المواقع الجامعية و من انتفاضات الجماهير الشعبية بإملشيل – تالسينت – بوعرفة – طاطا و الحسيمة و غبرها من المدن المنتفضة. تعلمناه من نضالات الشعب الصحراوي و الفلسطيني و العراقي و تضحياتهم، تعلمناه من دروس نضالات المعطلين و المعطلات. تعلمناه من الخيانات المتكررة و الدائمة للانتهازية و من البطولات المجيدة للشرفاء. لدلك سوف ندافع عن الماركسيين و عن كل الشرفاء أينما وجدوا عمالا و فلاحين ثوريين أو طلبة قاعديين أو معطلين و معطلات مناضلين أو ...

و مرة أخرى: إن الواقع الحالي يكتب صفحات التاريـخ الآتــي






--------------------------------------------------------------------------------

* هناك من يطرح التحالف مع هؤلاء من الناحية التكتيكية، وآخرون يطرحونه كرهان استراتيجي ! ولا يهمنا هنا الفرق فكما قال احد الرفاق "ان تضع الصفر على يمين عدد صحيح كأن تضع الصفر على يسار عدد عشري فكلتا الصفران لا معنى لهما.

[1] . إن هذا العمل وهذه الأحداث هي محطة أخرى لنبرهن من خلالها مرة أخرى على صحة الموضوعات المقدمة حول أزمة الحركة الماركسية اللينينية المغربية ومداخل تجاوزها.

* . و الصمت ليس عن هده الأحداث بعينها كما قد يتخيل بعض الرفاق الضيقي الأفق و إنما الصمت عن أزمة الحركة الماركسية و إجابات الخروج منها. فالصمت لا يعني إرادة الصمت كما يحاول البعض إيهام نفسه و إنها يعني عدم امتلاك أفكار جدية و مسؤولة. إن الإشارة إلى هده المسألة توضح لنا كيف أراد بعض الديماغوحيون بشكل مضحك إدعاء امتلاك أفكار حول أزمة الحملم و كشفوا بأنهم أصغر حتى من دلك. أي من مجرد المعرفة بواقع الحملم. ( وهذا الصمت بالمناسبة هو اصدق تعبير عن الهلع البرجوازي الصغير وعن الخوف الرجعي من تقدم الحركة حتى وإن حاول إخفائه البعض وراء مجمل الأفكار الانتظارية. و بالمناسبة أيضا نقول إن هذا الصمت هو تعبير عن نوع ما من الجبن)

[2] . ماو: في التناقض

* فلم يتجرا إلى اليوم على الأقل أي من الشرفاء على نقد تلك الأطروحات ولا حتى المتكالبين على دحض تلك الموضوعات.

[3] . ستالين: في سبيل تكوين بلشفي

لينين ضد النتهازية اليمينية والانتهازية اليسارية وضد التروتسكية[4]

[5] لينيــــن :

[6] . لينين: مرض الشيوعية الطفولي

** . إسم المنافقة حتى نسمي الأشياء بمسمياتها

[7] ستاليـــن: في سبيل تكوين بلشفي

[8] . ستاليـــن: في سبيل تكوين بلشفي

[9] و هنا نود أن نقول كلمة لؤلئك الدين "يصارعون" التروتسكيين بنفس أساليبهم القدرة: إنك لا تختلفون عنهم مضمونا (إن لم تكونوا ألعن) حتى ولو اختبأتم خلف قناع له رنين أقوى من "الماركسيين الثوريين". نعم إن الكلام عنكم حتى و لو لم يذكر اسمكم.

[10] . و إن كان لهؤلاء دورا مركزيا في تنظير و تنظيم هده الصيرورة التاريخية