انتفاضة السودان: شبح الثورة يرعب طغاة العرب

الاشتراكيون الثوريون
2018 / 12 / 23 - 10:14     



29 عامًا من الحكم العسكري.. 29 عامًا من بيوت الأشباح وأقبية التعذيب.. 29 عامًا من إرهاب المواطنين والمعارضين بالميليشيات التي تخطف وتحرق وتقتل وتغتصب.. 29 عامًا من الإعلام المُوجَّه الذي يصف أيَّ حراك شبابي بـ”مظاهرات الشواذ والعاهرات” على الصفحات الأولى للجرائد.

اليوم يقف عمر البشير، ديكتاتور السودان في مهب رياح الثورة، وسط اقتصاد متهاوٍ، وعزلة دولية حاول مرارًا كسرها بدون نجاح: تارة بإرسال آلاف من جنوده للمشاركة في تحالف العدوان على اليمن، وتارة بالتقرُّب من تركيا، وأخيرًا بالتقرُّب من بشار الأسد سفاح سوريا.

اشتعلت شرارة الانتفاضة السودانية الحالية بخروج أطفال مدارس عطبرة في مظاهراتٍ احتجاجًا على غلاء العيش، لتُقابَل مظاهراتهم بوحشية النظام المعتادة. ولكن سرعان ما انتشرت المظاهرات في مختلف الولايات حتى وصلت للعاصمة نفسها.

وبشجاعةٍ منقطعة النظير، واجه السودانيون قوات الأمن وميليشيات البشير التي استخدمت قنابل الغاز والرصاص الحي والرشاشات الثقيلة “الدوشكا” لتفريق المظاهرات، وخرج مدير المخابرات السودانية بتصريحاتٍ عن وقوف الموساد الإسرائيلي خلف المظاهرات، وحجب النظام وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة، وسط حملة مداهمات واعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين والنشطاء، وتقديرات متفاوتة لعدد الشهداء من 15 إلى 30، نظرًا للتعتيم الإعلامي المُطبِق.

ولكن المظاهرات لم تهدأ حتى اللحظة ويستمر السودانيون في ثورتهم، وأعلن الأطباء الإضراب العام مع استثناء حالات الطوارئ، ومن المُتوقَّع أن يدخل على خط الإضراب باقي القطاعات المهنية سريعًا. وأحرق المتظاهرون في عدة مدن مقرات الحزب الحاكم وأمن الدولة، في مشاهد أعادت للأذهان جمعة الغضب في مصر 28 يناير 2011.

ينتفض السودان وسط تعتيمٍ إعلامي إقليمي، فرغم أيِّ خلافٍ سياسي لا يرغب أي حاكم عربي في حدوث ثورة بأيِّ بلد بالمنطقة قد تطوله أعاصيرها بتأثير الدومينو، وعلى الإنترنت بدأ هجومٌ كاسح للجان الإلكترونية السعودية والمصرية على الحراك السوداني وتحذيرات بـ”خراب الربيع العربي”. مازال شبح الثورة يرعبهم. وفي المقابل يلاقي الحراك السوداني ترحيبًا هائلًا من المصريين وغيرهم من أبناء المنطقة المكلومة بالهزائم، على أمل أن ينجح الحراك السوداني في تغيير دفة الأمور لصالح التغيير السياسي مرة أخرى.

وكعادة كل ثورة، يحاول الانتهازيون الركوب عليها وخطفها. فها هو الصادق المهدي يعود للبلاد مرة أخرى بعد منفاه الاختياري، ويحاول آخرون الترويج لوقوف الجيش السوداني في صفِّ المتظاهرين، وكأن العسكر لا يحكم السودان، وكأن الجيش يسمح بوجود عناصر معارضة أو غير فاسدة في الرتب الكبيرة. نعم قد يجد ثوار السودان حلفاءً لهم بين الجنود وصغار الضباط، ولكن المؤسسة العسكرية السودانية فاسدة حتى النخاع وقياداتها ذراعٌ ضاربة لصالح البشير، ولكن في حالة تصاعد الانتفاضة قد تختار التضحية بالبشير لإنقاذ النظام، مثلما فعل نظرائهم بالمجلس العسكري في مصر في 11 فبراير 2011.

كل التضامن والتأييد للشعب السوداني.. المجد للشهداء.. والسلطة والثروة للشعب

الاشتراكيون الثوريون
22 ديسمبر 2018