إزدواج عربي وإسلامي- صهيوني إزاء العنصرية


المنصور جعفر
2018 / 12 / 18 - 10:06     

يرفض متكلمو العالم العربي والإسلامي وإسرائيل الحوادث والسياسات العنصرية في الخارج بينما تمارسها دولهم في الداخل ما يقدم حالة إزدواج إزاء قضايا التمييز العنصري، الإستعمار الداخلي، التهميش، وتقرير المصير.


تعطل إسرائيل -بتخديمها الكثيف للقوة العسكرية ومنطق القهر والإجبار- حق الفلسطينيين في تكوين دولة مستقلة لهم، وقد أنتج هذا الجبروت المستمر منذ أواخر الأربعينيات ملايين الضحايا. لكن في نفس تلك الأربعينيات تعرض للعنصرية أفراد من قوات (المتطوعين) السودانية التي تقدمت لتحرير أو حماية الفلسطينيين من عنصرية إسرائيل.

في تركيا ولدت حملة القمع الاولى ضد ثورة الأكراد على هضم حقهم في تقرير المصير سنة 1925 حوالى مليون ضحية. وأثناء صراع الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني الذي بلغ أوجه في عقد التسعينيات دمر الأتراك حوالى 3000 قرية كردية في تركيا وقتلوا وجرحوا عشرات الألوف وشردوا أكثر من 378 ألفاً.

أما في العراق فبعد عشرات السنين من عمليات التهميش وعمليات تغذية الروح القومية الكردية، بدأت القوات الكردية الحرب ضد العراق سنة 1961 ولم تتوقف إلا في سنة 1991 بالتدخل الأميركي البريطاني والفرنسي مع الأكراد ضد العراق. ثم انتهت الحرب سنة 2003 بغزو الأمريكان والبريطانيين وإحتلالهم للعراق كله بما فيه كردستان. (كانت الفترة بين سنة 1975 وسنة 1980 قد شهدت سلاماً مؤقتاً عرف بإسم بـ"اتفاق الجزائر" بين العراق وإيران رافقه الحكم الذاتي لأكراد العراق) ولكن مع اشتعال حرب الخليج الأولى 1980 الى 1988 حاربت القوات الكردية مع ايران ضد العراق وقتل منها في عمليات الأنفال ما لا يقل عن خمسون ألف إنسان وفي رواية أخرى أكثر من ضعفي هذا العدد كما دمرت ألاف القرى.

في مناطق جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة تجاوزت تقديرات تعداد ضحايا النزاعات المرتبطة بالأسلوب العنصري لتوزيع موارد الدولة ومقاليد الحكم عدد المليون إلى أربعة مليون بين قتيل وجريح ومشرد في المنطقة ونازح منها إلى منطقة أخرى وتختلف التقديرات في ضم أو ترك تعداد ملايين المهاجرين/المهجرين .

في المغرب تم الاعتراف بلغة الامازيغ البربر سنة 2011 وفي الجزائر سنة 2017 رغم أن البربر يشكلون حوالى ثلث السكان أو أكثر. ومنذ 1975 يحارب المغرب حق الصحراويين في الاستقلال.

في ليبيا شهدت مرحلة ما بعد التكسير الليبرالي لأركان الدولة والمجتمع كل أشكل وأنواع الميز والتفريق العنصري بما في ذلك الطرد من المساكن، وتفريغ والأحياء بل أن مدينة تاورغاء بكاملها أخليت من أكثر سكانها الليبيين الأفارقة، وعاني الأفارقة والليبيين الأفارقة كل أنواع الشتم والضرب وكل أنواع القتل النمطية والبشعة والمثلة، والإستعباد والسبي.

في اليمن عانت مجموعات من الحضارمة والحوثيين والعسيرين من اضطهادات شتى بعضها يمني وبعضها سعودي لكن الإضطهاد الأكبر مرزوء على أهل البشرة السوداء قال أحد الشيوخ "الآباء يمنعون أبناءهم من تناول الطعام أو الشراب مع السود أو الاختلاط بهم.

في مصر يعاني الجميع في المدن من الإضطهاد العرقي أو الجهوي أو الديني الساخر أما في الريف في المناطق المزدحمة بالأقباط أو بالنوبيين أو بالعرب (الصعايدة أو السيناويين) فتوجد عنصرية خشنة في توزيع خدمات حقوق التعليم والعلاج والإسكان والمواصلات والأمن إضافة لتوزيع المشروعات والتمويلات.

لا تنس فئة البدون في الكويت وفي دول الخليج. ولا تنس معهم بقية أشكال الإضطهاد العرقي والجهوي والديني والطائفي في باقي المجتمعات العربية والإسلامية.


رغم كل هذه الاوضاع والنتائج المدمرة وملايين الضحايا القتلى بالسلاح أو بالثقافة وتضعضع تمساك المجتمعات والدول منها فإن بعض المتكلمين أو المدونين في هذه الدول غاضبين مع الدعاية الإمبريالية من نشاط حكومة الصين في منطقة من مناطق قومية "يوغور" لأن حكومة الصين تنفذ عملية حديثة وعلمية لخفض أسباب حالة التعصب القومي والتطرف الديني والإرهاب في تلك المنطقة النائية عبر برنامج تنمية شامل للمنطقة مع تدريب مهني وعسكري للشباب، وذلك في اقليم شينغيانج على حدود دول قرغيزستان وطاجيكستان التي تمركزت فيها قوات أميركية منذ اوائل هذا القرن!


في الشرق الأوسط وإمتداداته نحتاج إلى سياسة الحرب الإقتصادية والثقافية لخفض أسباب التطرف والإرهاب.