الربيع الفرنسي والصراع الطبقي وموت البرلمانية...


قاسم محمد حنون
2018 / 12 / 2 - 01:34     

الربيع الفرنسي والصراع الطبقي وموت البرلمانية....
هل ستفجر فرنسا المعروفة بتاريخها الاشتراكي السياسي ثورة ماركسية بارادة جماهيرية طبقية. وخاصة نحن نمر بالذكرى الاولى بعد المئة لثورة اكتوبر والمراجعات النظرية لواقع مغترب اكثر وبربرية اكثر وانقسامات اكثر: وفتح ابواب للمستقبل. وعاد الصراع بين الراسمالية والاثرياء وقوانينهم وبين العمال والطلاب ودعاة البيئة والتحرر. هل نحن؟ امام ثورة اجتماعية امتداد لقرائة جديدة لماركس فرضها الوجود الاجتماعي والوعي بتلك الضرورة بارادة الجماهير. بعد ان افرغت البرجوازيات وبرلماناتها المتعددة واولها الاشتراكيات والامميات الديمقراطية والفاشية في اوربا وشرقها. ان نظال الشوارع في باريس بسبب الفجوة والتناقضات بين البرجوازية والعمال.... وبسبب الضرائب والتبريرات الغير مجدية والتي لاتنطلي على تاريخ سياسي عمالي واعي. ان الوعي فوق الانتاج: وبعد ان اصبح الجمهور الفرنسي مغتربا اكثر ومنفصلا اكثر عن العالم وتابع للانتاج ولم يجد ذاته رغم كل الحريات التي اكتسبها بارادته. الا انه لم يتحرر كليا وطبقيا رغم كل التغييرات بالبنى الفوقية والحقوقية والتي لاتتناسب مع حجم البؤس والضرائب الثقيلة التي يرزح تحتها المواطن الفقير الفرنسي وذووي الاجورالقليلة والعاطليين .لم تنطلي تلك الدعوات امام التغييرات ولتحولات الاقتصادية الجارية . حتى هبت الجماهير العفوية عبر التراكم والانتظار بقسوة سريعه فاجئت البرجوازيين وسلطتهم الراسمالية والمالكيين والشركات والسنديكات المتعددة. ليس النقابات التعددية البيروقراطية او صنميات اخرى هي التي كانت المحرك للجماهير. بل الواقع التجويعي والضريبي والموت البطيء والعنف الناعم والاغتراب المحطم لمشاعر الفرنسيين. هو المحرك الاول والمتراكم. ان التاريخ يعيد نفسه. فها هي الجماهير التي مرت بالنمو المدني والديمقراطي والتعددي والحريات العامة والخاصة بعد ان دفعت دماء وزمن لتكون علمانية جماهيرية متحررة بقلب اوربا. لكنها لاتصمد امام كل هذا التراث الديمقراطي امام زيادة وغلاء الوقود وقانون العمل الذي يحافظ على الفوراق الاجتماعية ونهب الفائض. وباتت الدولة ليست كما هي وسيط بين راس المال والعمال. بل فعليا هي اداة بيد الراسماليين والصيرفيين والمرابيين والتجارة الدولية والصندوق الدولي ونادي باريس . وكل المؤسسات التي نشات من اجل نهب فائض قوة عمل العمال ومستقبلها. لقد تحركت الجماهير عفويا بعيدا عن اي حزب يميني او ديمقراطي برلماني وخاصة بعد ان غاصت تلك الاحزاب في مستنقع الانتهازية والاقتصادية. لقد اتهمت الجماهير حكومة ماكرون بانها حكومة للاثرياء وارتدت سترات صفراء( حيث قالت نحن هنا ولايمكن تجاهلنا هذه المرة للاخير)هل هو ربيع ثوري ضد البطالة والضرائب وسيتحول الى اضراب جماهيري عفوي سياسي سيسقط الحكومة؟ خاصة بعد ان طالبت الجماهير برحيل الحكومة. هل؟ ستتاهب الجماهير لخلق بديل انتاجي من الاسفل اذا حصل الانهيار بدون حزب بروليتاري. وهل ستنجح دون تدخل الجماهير الاوربية الاخرى التي تعاني هي الاخرى من نفس المشاكل الاقتصادية. هل دقت الساعة لاقامة نظام اجتماعي جديد مدروس وحذر من دورة التاريخ. ان الهدف الاشتراكي كما تقول روزا الذي ينبغي الوصول اليه يكمن في ان تكف جمهرة العمال الكبيرة عن ان تكون جمهرة مقودة كما يحصل الان بباريس ام العكس؟ وهل على الجماهير ان تحرك بنفسها كل الحياة السياسية والاقتصادية من اسفل للحيلولة دون الوقوع بنخبة بيروقراطية تهيمن على نظالات الجماهير وتوضفها لمصالح وسياسات غريبة عن مصالح الجماهير بالمساواة الاقتصادية والعيش الكريم. تقول روزا لوكسمبورغ....ان على الجماهير ان تتعلم ممارسة السلطة , عن طريق ممارسة السلطة فعلا, اذ ليست هناك اي طريقة اخرى تعطيها هذه الممارسة. ان هذا الشعور ينطبق على الجماهير الفرنسية والبصرية بالعراق اذ كلاهما بحاجة الى اداة ثورية لادارة حياتهم السياسية والاقتصادية بعد الفراغ السياسي الهائل وبدائله البرجوازية النهابة. فالحكومات المتعاقبة بادارة البصرة لاتملك سوى تاريخ مهادن وتوفيقي واصلاحي مساوم من قبل اليسار واليمين معا على الصعيد النقابي والحزبي... اما فرنسا فهي جربت التحولات الاشتراكية الديمقراطية والبرلمانية . ولم تنجوا من العوز ومدن البؤس والارهاب والعمل المغرب. وهي صاحبة تجربة تاريخية وسياسية وطليعية وقد اسقطت حكومات فاشية من خلال حراكها واصرارها واضراباتها. ان وجود بطالة واسوار بؤس واكثر من 15بالمئة تحت خط الفقر وممارسة سياسة التقشف حتى بحق رجال الشرطة والمتقاعديين وايضا : انتقال رؤس الاموال بسبب التجارة الدولية , باتت الديمقراطية بيع وشراء بيد الراسماليين وليس حياة وعيش للجماهير. ان العنف والمصادمات التي تضخمها القنوات البرجوازية مثل السي بي سي المصرية وغيرها ماهي الا تشويه للمطالب الطبيعية والواعية للجماهير خاصة بعد كل تلك القوانين وتسريح العمال بجرة قلم من قبل ارباب الشركات. خرجت الجماهير خارج سياق النقابات الفوقية والمهادنة للنظام الاقتصادي الراسمالي واحزابه اليسارية واليمينية. اننا امام تغييرات سياسية انعكاس لنظام اقتصادي قد شاخ وبات قديما وهو ينازع من اجل البقاء ولايترك سلطته وتقاليده بسهولة. ومن هنا سيتدخل الاتحاد الاوربي محاولا تشويه التظاهرات ومحاولة زجهم بالسجون ووصفهم كما يوصف متظاهريي البصرة او ايران بالمندسيين تارة والمخربيين تارة اخرى. ان البرجوازية وتحت اي ايدلوجية تستخدم نفس الادوات والاحقاد ضد عمالها والمعترضيين ما ان تبدأ الجماهير بتوحيد شعاراتها ومطالبها واصرارها واستنهاض روحها ومواجهة كل الاسى والخوف الذي مورس ضدها. لذلك يطالب ماكرون بعدم التفاوض بادعاء ان ليس للمحتجين من عنوان نقابي او حزبي. وهو بذلك يقلل من حراك جماهيري عمالي يشق طريقه لبلورة رؤية ماركسية لم تموت مهما حفروا قبرماركس وارتكبوا باسمه افضع الجرائم وحولوه الى مثقف اكاديمي واجتماعي واقتصادي. وهو القائل. العالم مفسر يجب تغييره. والفلاسفه لم يفعلوا سوى ان فسرو العالم ولم يفكرو بتغييره. ان الوجود الاجتماعي هو الذي يغير الوعي وليس الوعي والتصورات والتخيلات هي من تغير الواقع. وهاهو الواقع يفضي ويعكس تصورات ثورية متطابقة مع التغييرات الحياتية المتغيرة. اننا امام ماركسية اممية وعلمية يجسدها الشعب الفرنسي المتطلع الى نظام اجتماعي اخر بلا استغلال واغتراب يكون فيه الانسان هو الحاكم والمهيمن على عالمه وليس غريبا امامه وامام منتجاته. انهم بحرقهم للمباني التابعة للبلدية لهو تعبير عن السخط الناجم من تلك المؤسسات كما سخطت جماهير البصرة من سطوة واستغلال الاسلام السياسي لهم. والتي تؤسرهم حيث بات الموضفيين البيروقراطيين هم الحاكمون وهم النخبة التي تستولي على الموارد والدخل وهم يتحسرون على هذا العالم الذي هو من صنعهم دون ان يلامسوه بل كانهم غرباء تماما عنهم. ان عدم الشعور بالانتماء والعنف ومسيل الدموع والتشويهات ضدهم وربما تدخل المخابرات الاوربية سيجعلهم اكثر اغترابا بوصفهم مخربيين. انهم يحطمون كل شيء لانهم لايملكون اي شيء. كما هم جماهير البصرة بتظاهراتهم التي لاتنتهي رغم كل القمع والتهديد والدعوات القانونية. ويذكرنا هذا بالانتفاضة على نظام صدام الفاشي حيث راينا كجيل كيف تحرق البنايات الحكومية وحتى اجهزة الكهرباء ظنا منا انها ملك صدام وحاشيته وحده وهي حقيقة. لااحد يستطيع ان يتنبيء بحركة وانتفاضة وثورة الجماهير سواء نخبوي او ثوري او يميني. انها زلزال وبركان تحت الركام والمياه الجامده يتحرك بعنف دون ان نشعر به. ليتموضع بدلا من اسياده ومستغليه. يبحث عن مكان له وعن رفاهه ومساره الطبيعي الذي حرف بالتزييف والوعيد والاوهام. وبالتالي يستمر بقوة نحو مساره اللامتناهي والطبيعي. الورده هنا فالنرقص