جميل بشير وتراثه الموسيقي الخالد


وليد يوسف عطو
2018 / 10 / 25 - 17:44     

جميل بشير وتراثه الموسيقي الخالد

ولد الموسيقار جميل بشير في مدينة الموصل عام 1921 ,ومنذ طفولته وحتى وفاته في 27 ايلول 1977 في لندن ظلت الموسيقى هاجسه الاول .وقد كانت الموصل مركزا رئيسا للموسيقى في الشرق الاوسط حيث الاتصال والتفاعل بين الموسيقى المحلية العراقية والعربية والموسيقى الشرقية بملامحها التركية والكردية والايرانية .

عندماغادر جميل بشير مدينة الموصل للدراسة في بغداد ,كان قد غادرها عازفاماهرا ,لكن بغداد لعبت دورا حاسما في تطوره اللاحق .فقد تعلم الكثير من الدراسة في معهد الفنون الجميلة ببغداد يوم كان المعهد ورشة فنية ومعرفية وثقافية .

ومن تلك المعرفة انطلقت الحداثة في المسرح والموسيقى والتشكيل . ويوم كانت تلك الورشة المعرفية الهائلة يديرها الموسيقار الشريف محي الدين حيدر مؤسس المعهد ومديره ,ظل جميل بشير يكن الجميل والاعتراف بالفضل له حتى عندما اصبح جميل بشير الموسيقار العراقي الاكثر شهرة . وعبر عن امتنانه هذا بنشره عدة مؤلفات موسيقية مجهولة لاستاذه الموسيقار الشريف محي الدين حيدر .

يقول الناقد الموسيقي علي عبد الامير في كتابه :
(رقصة الفستان الاحمر الاخيرة : ستة عقود من تاريخ العراق المعاصر عبر الغناء والموسيقى )- ط1 – 2017 – منشورات المتوسط – ميلانو – ايطاليا ,انه بعد تخرج جميل بشير من معهد الفنون الجميلة عمل مراقبا للاناشيدالمدرسية في وزارة المعارف , وقام بوضع عشرات الالحان للاطفال والتلاميذ , مالبثت ام عممت على مدارس العراق ,وانتشرت بسرعة ,لما تتميز به من اصالة موسيقية وروحية جديدة .

وقد جمعها مع النوتة فيما بعد , ونشرها في كتاب بعنوان :
(مجموعة اناشيدالمدرسة الحديثة )صدر عام 1949 عن مطبعة التفيض ببغداد .واصل جميل بشير التالق والابداع في العزف على التي العود والكمان ,وعلى البيانو فيما بعد ,وحينما جرى تاسيس الفرقة الموسيقية الجديدة في العام 1948 ,اختير ليكون اهم عناصر هذه الفرقة التي ضمت ابضا عازف الناي المشهور والكبير خضر الياس وعددا من العازفين الاخرين .

عمل الموسيقار جميل بشير على تطوير مهاراته في الارتجال بالاضافة الى تجربته الكبيرة في العمل الجماعي اهلته للقيادة الموسيقية . وقد قام بتدوين اصعب الالحان القديمة ,لاسيما في مجال المقام العراقي , كما عمل على حفظ التراث الموسيقي والغنائي من الضياع, بالاضافة الى الحانه المبتكرة .

كما عمل جميل بشيرعلى اضافة مقدمات موسيقية لعدد كبير من الاغاني الشعبية والتراثية لتغدو جزءا لايتجزا منها .كما رفد الموسيقى بعدد من الالحان الجديدة والمبتكرة .

عمل جميل بشير استاذا للموسيقى ,ولتدريس الة العود في معهدالفنون الجميلة طوال فترة تجاوزت العشرين عاما .ساهم خلالها في تدريب وتكوين نخبة من الموسيقيين لمعوا فيما بعد .يقول الموسيقار العراقي سالم حسين :
(بشير واحد من الاساتذة المبدعين في المسيرة الموسيقية العراقية , والذي ترك بصمات كثيرة وكبيرة فيها, واحدث تطورا جديدا في الة العود).

لاتذكر مدرسة العود العراقية الا وكان الراحل جميل بشير احد اركانها الرئيسة . يتميز عزفه بالرقة والعذوبة , واتذكر وانا صغير , اي كاتب المقال ,وانا اشاهد عزفه على العود من خلال حفلات موسيقية كان يبثها التلفزيون العراقي انه كان لايرفع عينيه عن العود وكثيرا ماكانت دموعه تنهمر من عينيه ,ولا يرفع عينية الا بعد الانتهاء من عزف مقطوعته الموسيقية .

عزف جميل بشير البشارف والسماعيات واللونجات والتقاسيم والدولاب والتحميلة , وبذلك صارت طريقته الاقرب الى الوجدان العراقي .اي اننا نستطيع القول انه مؤسس المدرسة العراقية في العود , مؤسسا لمدرسة ثالثة بين المدرستين التركية والمصرية .

يقول الناقد الموسيقي علي عبد الامير انه لم تتم دراسة الارث الكبير للعازف والمؤلف والملحن جميل بشيربوصفه فكرة في الحداثة الموسيقية من قبل الاجيال التالية من العازفين والمؤلفين العراقيين الا ماندر ,حيث تميز جميل بشير بالتجديد مع المحافظة على الاصالة والتي ورثها اثنان من المؤلفين والعازفين الموسيقيين وهما : نصير شمة وخالد محمد علي ,فهما لم يتعاملا مع التراث بوصفه مقدسا , بل بصفته مسالة فنية قابلة للنقاش.

التقى الناقد الموسيقي والاذاعي العراقي الشهير الراحل سعادالهرمزي بجميل بشير اخر مرة وهو ذاهب في رحلته الى لندن, وقال جميل بشير ان غيبته لن تطول لانه على موعد مع موسيقار ايطالي ,كان قد اتفق معه على صياغة معزوفة من نوع جديد , تجمع بين سحر العود الشرقي ذو الاصل السومري ,والاكورديون الغربي , وانه سيتقن عزفها في لندن

رسم سعاد الهرمزي صورة جميلة للراحل جميل بشير :
(كان عوده الطروب يتوسط صندوقه وهو يحمله بانتظار صعودالطائرة,فقرات في عينيه فرحة غامرة لم ارها فيه من قبل ..فقلت له :هل انت مهتم بهذه المعزوفة الى هذا الحد ؟فقال :انها تمثل قصة حياتي , وعبرت عنها بالنغم ,وسيعزفها معي حوالي عشرون عازفا , ولكن زميلي الايطالي مهم جدا , ودور العود سيكون رئيسا ,ثم يليه الاكورديون في الاهمية.

قلت له ) يسعدني ان احضر التسجيل ), قال : ستحضر , وسترى اول عمل تعبيري حقيقي لي . وذهب جميل بشير الى لندن ,ولم يعد من هناك ابدا . ولم تسجل المعزوفة .كان جميل بشير يعزف على الكمان لكن بصفته عازف كمان في فرقة الاذاعة الموسيقية , لكن هوايته كانت العزف على العود .وكان يريداثبات اهمية العود في الموسيقى الشرقية وان يجعل دور العود اكبر بالفرقة الموسيقية ,وان يثير اهتمام العالم كله .

مشروع الموسيقار جميل بشير الذي لم يكتمل بسبب وفاته في لندن , اكمله وباقتدارعال الموسيقار نصير شمة !.

روابط ذات صلة:

معزوفة شلالات للموسيقار الكبير جميل بشير :

https://www.youtube.com/watch?v=ZSVxMBYPus8

تقاسيم على الكمان للموسيقار العراقي الكبير جميل بشير :

https://www.youtube.com/watch?v=FJUlZO9rT1o