هل الدخان حرام ؟


احمد مصارع
2006 / 4 / 7 - 10:34     

بيان لسخافة الأمم المتحدة ؟
الغريب في الأمر أن مثل هذا التساؤل السمج , حولته الأمم المتحدة , ومنظمة الصحة العالمية , كقضية تناضل من أجلها , وكأن في الأمر بقايا متعلقة بالحرب الباردة سيئة الذكر ,فهي من نشر على علب الدخان الجميلة عبارة : تحذير , المنتج الفاخر والعريق موسوم ببشاعة الدمغة النارية لرعاة الأبقار على فخذ الحيوان البريء , التدخين يضر بالصحة , حذار من انفجار اللغم والسرطان , وكأن الكلمة الأولى في هذا العالم مازالت لأطباء يتغنون بأفضال الحجامة وشرب السوائل الساخنة , بل النوم باكرا والصحو باكرا , كنوع من الثقافة الصحية المثالية , في واقع غير مثالي بوجه عام , وبخاصة حين تهاجم البشرية أمراض خطيرة وليس بمقدور العلم الآن , فك خطوطها وفهم نصوصها في المرحلة الراهنة كالإيدز والايبولا وأنفلونزا الطيور ,وغيرها مما قد يتألف من الأمراض الفيروسية الفتاكة .
قيل لأعرابي : اترك الدخان .
سأل مستنكرا : لماذا ؟!.
قالوا له بثقة وبكل برود : سيضرك .
رد عليهم مستغربا باستهجان : يضرني فقط , يا ليته يقتلني ..
الحرية في الاستهلاك , والاستهلاك من الحرية , والحكم للعقل في النظرية الاقتصادية , باسم إشباع الرغبات والحاجات ,من خلال قانون المنفعة الحدية للاستهلاك , وهي دالة مفسرة بدقة بالغة , لفكرة الزائد كالناقص , أو فكرة ما زاد عن حده انقلب ضده ,وقبل الشروع في مناقشة المسألة , فلا بد من بيان أهمية التكافؤ بين الإشباع المادي والمعنوي كذلك , وباعتبار الدخان كان قد اخترع أصلا للإشباع النفسي والمعنوي , والصحة النفسية كالصحة الجسمانية ,فالتوازن الصحي محكوم هو الآخر بالتوازن النفسي , ومن أقوال أحدهم , الصحة للبغل , لأنه أقوى من أقوانا صحة جسما نية ؟
شرب عشرات الكؤوس من مياه شلال طبيعي أو نبع صاف في جبل بعيد عن تلوث البيئة , والتهام صندوق فاكهة , وسرط قالب حلوى من أحجام موسوعة غينيس , لا يختلف رد الفعل فيه , من تحمل الألم , كوصية الشيخ المجذوب للعبد الصالح , أن لا يلتهم أكثر من عشر خوخات , لأنه سيمضي ليله شاعرا بالهلاك ؟
قانون المنفعة الحدية , هو التعبير عن السلوكية المنطقية لمستهلك , ليس شرها ولا لقاما , حيث يصعب على الدارس توقع نقطة إشباعه وتحوله عن الاستمرار فيما يضره أو ينفعه , ولكن الشراهة المادية في الاستهلاك يقابلها من الجهة الأخرى شراهة في الاستهلاك المعنوي , لكائن إنساني مفكر أو مجرد متوتر , يرى في منفضته العامرة بالسجائر المحترقة , كمقبرة لأفكاره وأحاسيسه ومشاعره , فحين يورث الدخان يطلق العنان لنفسه الجياشة لتتوازن من خلال الدخان وسيجاره , في حياة غير بهيمة ؟
لحظات التصالح مع ألذات والصفاء مع النفس , بل والتوحد والاسترخاء , هذا إذا لم نجازف بالقول ما هذا الطبل الأجوف , والوتر المشدود على الدوام ؟
الحلال والحرام , غير بائن كما الخير والشر , ومن هنا ندخل للتفريق بين الاستهلاك المعلن والاستهلاك السري ؟
يمكن لنا أن نصنع أقيسة فاسدة من نوع ,ما أضر كثيره فقليله حرام , على نمط ما أسكر كثيره فقليله حرام ,وقس على ذلك ؟
إن أظرف النتائج التي يمكن أن تصدر عن المنطق السابق , هو من نوع , من حرم القليل بحجة ضرر الكثير , أن يصبح هو نفسه عرضة للنفي من لغم القاعدة ذاتها ؟
فعلى سبيل المثال من غير حصر , فان الإكثار من التدين , وحيث لا فرق بين دين ودين , هو عمل خائب , لاخير فيه , من نوع الاعتدال خير احتفال , لنعود من جديد إلى النظرية الاقتصادية , في إقرارها للمنطقية السلوكية الاستهلاكية , لبلوغ المنفعة الحدية المتناقصة ؟
إنني أطالب الهيئات الأممية المختصة بالأمم المتحدة , بتعميم قوانينها بالاستناد على تناقص المنفعة الحدية لكل أشكال الاستهلاك , ولتطالب كل وزارات الصحة العالمية , بتحذير العالم بأسره من خطر تجاوز المنفعة الحدية للحوم والألبان , والخضار والفاكهة , والماء , وكل أشكال الاستهلاك , وذلك بوضع دمغة رعاة الأبقار , على شكل : تحذير ؟
أي نفاق يجري في المنتظم الدولي ؟ !.
أوبئة وأسلحة , بل وإرهاب وتقييد معنوي ,بل وإنقاص من سقف الحرية , ومعادلاتها الشفافة والمنطقية , فحيث إن صندوق النقد الدولي , لا يهمه أبدا صحتنا الجسدية أو المعنوية ,بل كل ما يهمه ما تخرجه جيوبنا , فلسنا مشمولين كبشرية بتأميناته التي تتيح لنا البقاء بكرامة مادية ومعنوية لائقة , وقد يصعب عليه أن يسعفنا من جيبه حتى في أوقات الكوارث الإنسانية ؟ والعالم لم يصبح بعد مجرد جمعية خيرية , بحيث يوزع الدخان الفاخر , في أبهى حلله مجانا على الشعوب والأمم ؟ وكأنه ملك مشاع لجميع البشرية , من نوع الناس شركاء على الأقل بالدخان ؟
ينبغي إظهار نسبة السمية التي يحدثها للكون غير المتفكر من وجهة نظر دولية , لمدخني العالم , قياسا لأتفه مصانع الكيماويات غير القابلة للتحلل , ومن الذي يهلك البيئة الإنسانية ,وألا فعليهم اعتبار أشكال الموت تدخينا من الحالات الايجابية المهملة ,والالتفات إلى ماهو أعظم ضررا , وأشد فتكا كالحروب الوحشية , وأسلحة الدمار الشامل , وثقب الأوزون , والكوارث الطبيعية بكل أشكالها , وضرورة احترام الحدود التي شرحها القس توماس مالثوس ؟ أم أن شعار الهيئة الدولية من نوع : خطوة للأمام ثم خطوات للوراء ؟!.
انه من الغريب أن تصب طاحونة الأمم المتحدة , في مجرى الأمم المنفصلة , من حيث الحلال والحرام , والخير والشر بدون كفاءة حدية لقانون المنفعة المتناقصة المحكومة سلوكيا بمنطق داخلي ميتافيزيقي , تبقي سقفا للحرية اصليا هو من ضرورات بقاء الهيكل العظمي أو ألشبحي المقيت لكائن منافق ومشوه اسمه الأمم المتحد ه ؟
من يقود الآخر ومن سينقاد له ؟
سؤال يبحث عن إجابة ؟ ولكن مالا يمكن فهمه وإقراره بالنسبة لأي عقل سليم , كيف يمكن للأمم المتحدة أن تشرع للإرهاب العالمي ؟!. كيف ذلك ؟ هذا ما يمكن اكتشافه من قائمة الممنوعات الساذجة , لا تدخن كي لاتقتل نفسك , بينما يمكن لك أن تقتل جميع البشرية ؟!.
أكثر إرهابي العالم كانوا قد أخضعوا لتوجيهات المنتظم الدولي في عقليته الراهنة , لا تدخنوا , ولا تقر أو كيفما كان , حلال حرام , خير وشر , بدون الاعتماد على قانون الكفاءة الحدية المتناقصة وفي السلوك المنطقي , لمستهلك حر أكثر بكثير من قدرة السفاهة في المنتظم الدولي على الإدراك والوعي بضرورات المستقبل الأفضل للبشرية ؟ لعالم بدون حروب ابادة , عالم للسلم والحياة بدون إرهاب , من الطبيعة أو المجتمع , فكيف بالتافه الساذج والمصطنع ؟
وكل احترام مزعوم إن وجد , فلن يكون سوى للإنسان المنطقي في معرفة حدوده السلوكية مع الأسف مابين الخير والشر , أو بين حياة الإرهاب والسلام ؟!.