معركة منع تعديل الدستور: سننتصر رغم آلاف المعتقلين


محمد حسام
2018 / 10 / 19 - 17:29     

الاغتيالات والاعتقالات والتعذيب وسياسات القمع عامة لن ترهب او تكسر الثورة والثوار بل تزيدهم كراهية واصرارا على اسقاط النظام. ومهما بلغ الديكتاتور من قوة، سيثور عليه الشعب، وستأتي الانتفاضة الجماهيرية من تجميع النضالات لتكنسه. القذافي ومبارك وبشار كانوا اعتى جبابرة المنطقة ومع ذلك كنستهم انتفاضات الشعوب. علينا طرد كل ملامح الاحباط واللامبالاة فالشعوب لا تعرف المستحيل، وما دمنا على قيد الحياة، علينا ان نخطط للانتقام والانتصار لشهداءنا ومصابينا ومعتقلينا.

المصريون ضحايا لرصاص واعتقالات الديكتاتورية العسكرية منذ عقود. الشيخ "امام عيسى" في مطلع اغنية "البشاير" يعبر عن هذه الحقيقة بالكلمات التالية (كل ما تهل البشاير من يناير كل عام... يدخل النور الزنازن يطرد الخوف والظلام) في هذه الاغنية يتحدث "الشيخ امام" عن شهداء ومعتقلين انتفاضة 18 يناير 1977.

اعتقلت الديكتاتورية العسكرية الناصرية "الشيخ امام" عقب نكسة 67 وحكمت عليه بالسجن المؤبد، ورفض "ناصر" الديكتاتور العديد من الوساطات التي تطالب بإخلاء سبيل امام، لكن على اي حال خرج "امام" من المعتقل بعد موت عبدالناصر. ثم اعاده السادات الى المعتقل ليخرج منه بعد اكتوبر 1973 ليُعتقل من جديد اثر اعتراضه عبر الغناء السياسي على سياسات الانفتاح الاقتصادي (الخصخصة والتطبيع..الخ) وبعد اغتيال السادات افرج عنه الديكتاتور مبارك. "امام" لم يتوقف عن الاحتجاج بالغناء الا في عقده السادس.

كان "احمد فؤاد نجم" مؤلف اغانيه وزميله بالمعتقلات، ولما كان كل منهما في زنزانة مستقلة، كان الشيخ إمام يسير بالقرب من زنزانة نجم في ”فرصة التنفس“ ويسمع ما ألفه الشاعر ويردده حتى يحفظه، ثم يذهب إلى زنزانته ويبدأ بتلحينه. هكذا لم تستطع الديكتاتورية العسكرية على مدار عقود ان تمنع المناضلين والمقاومين من الاحتجاج حتى وهم داخل المعتقلات (الموت للديكتاتورية العسكرية والاعدام لطغمة الاستبداد والنهب والفساد) وكذلك يفعل السجناء المصريين داخل السجون في 2018 (هتافات ومعارض ..الخ)

هذا الرابط يحوي بيانات شهداء ومعتقلين الثورة منذ يناير 2011. في عهد طنطاوي قتلت الشرطة 438 واعتقلت ما يقرب من 12 الف معتقل. اما مرسي زعيم الاخوان فقُتل في عهده 470 شهيد واعتقلت الشرطة 4800 مواطن من احتجاجات متفرقة.
ارقام الشهداء والمعتقلين تؤكد أن السيسي اقوى قادة الثورة المضادة حتى الآن، وبينما قام جنوده بقتل ما يزيد عن 3200 مواطن واعتقال أكثر من 21 ألف مواطن على الأقل، فأنهم كانوا يكتسبون اسم (قوات حماية المواطنين)

على مدار الثورة المصرية، فان اغلب القادة السياسيين والاعلاميين - المختلفين ايدلوجيا لكن يوحدهم دعم النظام الراسمالي - (الديمقراطيين والقوميين والجمهوريين..الخ) دعموا وساندوا حكومات الثورة المضادة المتعاقبة على غرار اجدادهم من حقراء السياسة الذين دعموا و"طبلوا" للزعماء(ناصر،السادات،مبارك) أكد هؤلاء مرارا على ضرورة أن تستمر الاعتقالات والاغتيالات ل"حماية المواطنين" من "الارهاب" والارهابيين! واليوم يزعق هؤلاء في كل المحافل (ضباط الشرطة والجيش هم الوحيدين المسموح لهم بالحديث باسم الثورة) هذا هو لسان حال عناصر الثورة المضادة منذ 2013 وحتى الآن.

عندما اعلن السيسي حربه على الاخوان- التي اسماها "الحرب على الارهاب" - كان يعلن الحرب على الشعب باكمله ليس الاخوان فقط. لانه لا يتوقف اثبات عدم الانتماء لهذه الفئة او تلك على مدى فصاحة الكلمات أو وجاهة وصحة الدفاع بقدر ما يعتمد على نزاهة الجهة التي سيُثبت لها. وفي حالة قضاء مصر (صاحب مهرجان البراءة لجميع فاسدين مبارك) فاني لا أحتاج لسرد دلائل عن خضوعه - كقاعدة دون الاستثناءات القليلة - لاعتبارات واغراض السلطة السياسية في قمع وتكميم المصريين.

بعيدا عن الارقام ، فان افضل دليل على هذا الاستنتاج،، ان الاعتقالات العشوائية التي نظمها حكم السيسي، طالت جميع فئات المصريين بما فيهم من حرضوا ضد مرسي والاخوان. الرفيق (لؤي القهوجي) على سبيل المثال اتم ثلاثة سنوات في السجن وكذلك ماهينور المصري واسماء عديدة كانت من اوائل من شاركوا في التحضير والتحريض لجميع موجات الثورة المصرية بما فيها 30 يونيو ، هؤلاء السجناء بالضبط هم الدليل على حقارة وكذب ادعاءات الحرب على الاخوان والارهاب، انها حرب على الثورة والثوار.

حرب السيسي على "الارهاب" رفضتها عديد من المنظمات في بيانات علنية منذ لحظتها الاولى واعلنوا انها ستتحول الى (مهرجان لاضطهاد الجميع) لكن هل يكفي شعب مصر المظلوم مجرد الرفض ؟ يجب ان تنظم بكل همة حملات الدعم وتنبيه الرأي العام لقضية المعتقلين لحين خروج كافة (الطلاب والعمال) المعتقلين

الخونة والحقراء فقط هم من يستطيعون ان يدافعوا ويبرروا اعتقالات وانتهاكات بوليس النظام. هذا الرابط يحوي تقريرا من منظمة انجليزية - مرصد حقوق الانسان - عن بعض حالات التعذيب للنساء والاطفال بمصر، هذا التقرير يحاول ان يُثبت ان التعذيب هو الدستور الحاكم للسجون المصرية."تتعرض الغالبية الكاسحة من المُحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة دون أن يكون هناك رادع أو آلية للمحاسبة على هذه الجريمة التي انتشرت وأصبحت واقعا يعيشه عشرات الآلاف من الشباب في سجون مصر، فقد أصدرت المحاكم مئات من أحكام الإعدام والسجن لفترات طويلة إثر محاكمات جماعية فادحة الجور.. فقد رصدت المنظمة تعرض المعتقلين إلى معاملاتٍ قاسية، فضلًًا عن الضرب المبرح والتعذيب الممارس بحقهم، لمحاولة انتزاع اعترافات، أو لمجرد أهواء شخصية لدى ضباط الشرطة للانتقام منهم على خلفية معارضتهم للسلطة، وذلك بخلاف حالات وفاة لمعتقلين آخرين لديهم أمراض كالقلب والسرطان وأمراض أخرى خطيرة وسط إهمال طبي ورفض إدارات السجون علاجهم، وتردي الخدمات الصحية المقدمة داخل السجون، وكذلك تزايد العنف الشرطي المستخدم بحقهم، وذلك دون مسائلة عادلة لإيٍ من الضالعين في تلك الانتهاكات، وتتنوع أشكال المعاناة داخل السجون بين ما يطلق عليها "حفلات" التعذيب، والإكراه على الاعتراف بتهمة ملفقة، ووضع المعتقلين السياسيين في زنازين مشتركة مع السجناء الجنائيين، والحبس الانفرادي، ومنع الزيارة وإدخال الطعام والأدوية، فتمنع إدارة السجن لفترات طويلة دخول الأدوية والطعام والشراب والملابس للمعتقلين، ومن يعترض على ذلك تلغى عنه الزيارات ويعاقب بالضرب والحبس الانفرادي لأيام أو أسابيع عدة"

هاكم مثال بسيط عن التعذيب ! هذا الرابط يحوي تقريرا للصحفية شيماء حمدي عن المواطنة "اماني حسن" اعتقلت قرابة 7 شهور في سجون السيسي، اصيبت بالشلل الرباعي جراء التعذيب داخل قسم شرطة حدائق القبة. على تحريضاتنا ومقاومتنا وثورتنا ان تظل دائمة لحين الانتصار. وستنتصر الثورة عبر الغاء نفوذ القادة السياسيين العملاء الذين يبذلون كل طاقتهم لاقناع جماهير شعبنا الفقير بان "اماني" والمعتقلين عامة يستحقون السجن والتعذيب، بينما القتلة والفاسدين يستحقون القرى السياحية. عبر المقارنة "بيننا وبينهم" - بين الفقراء المظلومين والاغنياء الفاسدين- سنستطيع ان نكسب الجماهير المخدوعة والمضطهدة لدعم نضالنا ووقضيتنا. هذا هو الطريق لتحرير المعتقلين : ان تدعم الاغلبية قضيتهم.

بينما كانت ديكتاتورية عبدالناصر والسادات تعتقل طلاب الجامعات بالمئات والالاف، فان نقاشات الطلبة المعتقلين كانت تنتتهي بهذا الامل (الانتفاضة الشعبية كمان سنة ..اثنين ثلاثة ، الانتفاضة جاية لو في السنة المية) وفي نهايات حياته، ردد الثوري الروسي تروتسكي الشعار(الثورات تظل دائمة) ليعبر عن وجود روح الثورة والاحتجاج في المجتمع بشكل دائم، الى ان تتشكل انتفاضة جماهيرية شعبية تهدد النظام الراسمالي وتجبر دولته الاستبدادية على التراجع. ويشرح الثوري الاممي ارنست مندل هذه الحقيقة بالكلمات التالية (الثورات حتمية بمرور الزمن .. الثورة هي ما يجعل تاريخ البشرية يتقدم، لم تزل العبودية بإصلاحات ولم تُلغ ملكية النظام الإقطاعي بإصلاحات، لم يكن لإلغائهما طريق إلا بالثورة .. الثورات لا يستحدثها أو يطلقها بشكل مصطنع مجموعات "متمردة أو متآمرة" أو أحزاب، الثورات تطلقها الجماهير بملايينها في أزمات النظام بكلمة واحدة، عندما تفلس الانظمة عن الحكم.) ونجاح الانتفاضة الشعبية هو ما يجب ان نضعه نحن الثورييين كهدفا نهائيا لنا.

ان الانتفاضة الشعبية التي ستزيح دولة السيسي وتجبر النظام على التراجع تختمر وتتكون في مجتمعنا لاشك في ذلك.

السيسي نفسه يفهم هذا وكل محاولات ديكتاتوريته العسكرية لقمع شعبنا ومنع وتأخير الانتفاضة لن تفعل سوى تسريع غضب وكراهية الجماهير الشعبية التي ستنتفض لتدافع عن مطالبها دائما، فالثورة المصرية ولدت احلاما بمجتمعا جديدا يخلو من الظلم والفساد سيظل الثوريون يدافعون عنه طالما كانوا على قيد الحياة.

من سوء حظ الدكتاتورية العسكرية أنها مجبرة على إشعال معركة قادمة معركة تعديل الدستور الحالي على الأقل في أذهان المجتمع المصري في البداية، أقصد عن طريق استدعاء الشعب للاستفتاء للسماح للدكتاتور عبدالفتاح السيسي بالبقاء على سدة الحكم. أقول أنه من سوء حظها لأن دعوة الحكومة سيتمخض عنها فتح نقاش عام حول الوضع العام ومستقبل البلاد بين جميع الجماهير المصرية، وفي ظل الأحوال المتردية للمعيشة وتحميل الطبقات الشعبية فاتورة القروض من المؤسسات المالية الدولية والسياسات النيوليبرالية المتوحشة، في ظل هذه الأحوال يبحث المواطن المصري العادي عن حل لمشاكله وهو يعلم أن الحكومة وسياساتها الاقتصادية هي السبب في بؤسه وعوزه وجوعه، وفي ظل غلق المجال العام وقتل واعتقال الآلاف والتنكيل بهم يصبح من الصعب رؤية حل لأزمة المجتمع المصري، ولأن الجماهير المصرية شهدت هزيمة ثورتها والمجازر المُرتكبة بسلاح القوات الحكومية لهزيمة نهائية للثورة مع خيانة كل الأحزاب السياسية لهم، لهذا ابتعدت الجماهير عن تقاليد الثورة مع انتصار الثورة المضادة لينجوا بحياتهم، لكن مع استدعاء الحكومة للجماهير للاستفتاء علي استمرار الديكتاتور العسكري عبدالفتاح السيسي وسياساته الاقتصادية والسياسية بالتأكيد سُيقابل بالرفض من قِبل الجماهير المصرية المظلومة والمنهوبة.

لكن هذا الرفض وتطبيقه على أرض الواقع وارغام الدولة على تنفيذ مطالب الجماهير المصرية بالحفاظ على آخر مكتسبات الثورة، أقصد مادة تغيير الديكتاتور كل ثمانِ سنوات علي الأكثر، تنفيذ هذا المطلب يعتمد على دعايا الثوريين بين الجماهير. إقناع الجماهير المصرية بالدفاع عن حقهم في تغيير الدكتاتور كل ثمان سنوات يتطلب ابسط الدعايا لان المواطن البسيط يفهم جيدا ان منع تعديل الدستور سيزيح السيسي، لكن من ناحية اخرى يتطلب ابراز اقصى تكتيكات الكفاح لاننا سنشرح ان النضال لاسقاط السيسي عبر تكتيك منع تعديل الدستور لن يمر سوى بالعصيان المدني وحتى بالانتفاض ، السيسي مجرم حرب ولن يترك السلطة سوى مجبرا بقوة الرصاص ، بالقوة المادية .
(ولازال لم يفهم الاغبياء بان الرصاص طريق الخلاص) على ضباط الجيش المصري الذين اقسموا على حماية الجمهورية ودستورها ان يتدخلوا ليمنعوا آخر مهازل السيسي .. محاولته تعديل الدستور ليبقى الرئيس الابدي لحين موته.

اقصى الدعاوي الثورية هي ما نطلبه .. ان الكفاحات ستهاجمها الحكومة العسكرية بابعد من قانون الطوارئ المطبق اصلا الان .. ستؤول الى حظر التجول الذي ابدا لن يطبق سوى بشكل محدود في اطراف ومراكز المدن ، لكن على جنود الجيش الذين جرى اذلالهم طوال فترة خدمتهم ، عليهم ان يسمعوا ويقرؤا لأول مرة منذ خدمتهم خطبا وبيانات شريفة تشرح الحقيقة وكل الحقيقة ، هذه هي مهمة الثوريين في ساعتنا الحالية.

اذا كان السيسي سيعلن حظر التجول لوقف دعاوينا للاضرابات والتجمهر ضد محاولته لتعديل الدستور ، فان محاولاتنا هذه ضد حظر التجول لن تعني سوى : الانتفاضة .. هذا هو ما نعنيه بان ما نسعى اليه هو اقصى الدعاوي الثورة التي يجب ان تشرح للبسطاء ان باستطاعتهم قلب كل النظام الجمهوري الرأسمالي.

أبسط مواطن في الاقليم المصري والعربي يعلم جيداً بالتجربة أن الأزمة ليست في شخص الرئيس ولكن في ما يمثله من مصالح تتناقض مع مصالح الفقراء .. هذا ما يفهمه رجل الشارع ، وبشكل علمي يتناقض السيسي مع مصالح أغلبية المواطنين من عمال وفلاحين فقراء وطبقات وسطي مُفقرة ولهذا بالضبط على احدهم ان يفنى لصالح تطور الاخر ؛ ان ما نعنيه هنا هو اما ان يتطور السيسي ونظامه من ديكتاتورية عسكرية ربما الى فاشية عسكرية صرفة لا تكتفي باحكام الاعدام ولكن تنفذها ميدانيا بشكل عام ، او ان تتطور الطبقات الشعبية الى ديكتاتورية جماهيرية لا يوقفها اي قانون او نظام او بوليس او حتى قوات الجيش ، فمن المفهوم والطبيعي انهم بنضالهم ضد الحكومة سيناضلوا ضد مسؤوليهم واداراتهم في مصانعهم.. هكذا تتلخص الخيارات في حقيقة : اما الاجهاز على البرجوازية وممثليها او من ناحية اخرى في الاجهاز على الطبقة العاملة وممثليها . هذا سيحصل فقط في حال قررت الطبقات الشعبية النضال لمنع تعديل الدستور ، ومثل هذا التحرك مرهون بعاملين اساسين أ) الظرف الموضوعي وهو مختمر تماما ويكاد يتعفن (ويٌقصد به الازمة الاقتصادية ومدى كراهية الفرد للنظام العام ..الخ) ب) الظرف الذاتي : اي طليعة الطبقات الشعبية ودعاويها ، ولهذا نعلن عن مهامنا من الان.

هذا ما تعنيه حقيقة ان مهمة منع الحكومة من تعديل الدستور مرتبطة بشكل جدلي مع مهمة تغيير المجتمع وقلبه رأساً على عقب، تغيير كامل النظام السياسي والإقتصادي الرأسمالي، وهدم دولته المتمثلة بشكل رئيسي في رجالها المسلحين(الشرطة والجيش) حماة نظام الاستغلال الرأسمالي.

معركة تعديل الدستور هي معركة فاصلة بالنسبة لنا نحن الثوريين، معركة ستحدد الخط الذي ستسير عليه البلاد في السنين القادمة. على الأقل إذا استطعنا فقط منع الحكومة من تعديل الدستور حتى في ظل النظام الرأسمالي فستكون خطوة كبيرة للأمام، ستكون المرة الأولي في تاريخ مصرنا المنهوبة التي يتمتع فيها الشعب بحق تغير الدكتاتور كل ثمان سنوات علي الأكثر، سيصبح هناك موسم سياسي مفتوح كل أربع وثمان سنوات. الحق أقول أننا سنكتب تاريخ جديد للإقليم، فقط لو استطعنا فعل ذلك سُيكتب مستقبل البلاد وتطورها بشكل مختلف تماماً عن السابق.

معركة مثل تلك تتطلب أوسع جبهة ممكنة التكوين بين الثوريين والحالمين بالتغيير في البلاد، تتطلب خطة ثورية محكمة تستدعي الجماهير المصرية وتقاليد نضال الثورة الاخيرة من الإضراب والعصيان المدني إلى الانتفاض.

تغيير عميق في المجتمع مثل ذلك يتطلب أقصى درجات الثورية والتخطيط والوحدة من الثوريين، مرة اخرى لاشك لدينا ان الحكومة العسكرية ستواجه كل من يهدد سلطتها بأقصى درجات القمع. لكن حقيقي ان عواقب الانتفاض والتمرد متساوية مع عواقب المهادنة والتماهي مع النظام ، ومن ناحية اخرى وإذا كنا نظن في أنفسنا أننا ثوريين حقاً فلنكن علي قدر المسؤولية، لا ينبغي أن نفقد ثقتنا في جماهير الثورة المصرية وذخيرتها الحية من عمال وفلاحين فقراء وطبقات وسطي مُفقرة وثوريين حقيقيين، جميع من أعطتهم الثورة يوماً أملاً يجب أن يتم إستدعائهم لتلك المعركة التي ستشتعل بفعل الحكومة نفسها. ولن تخذلنا الجماهير ابدا.. فقط ان انتفضوا.

الجماهير المصرية مُنهكة بفعل السياسات الاقتصادية للحكومة العسكرية العميلة، ومُكممة بفعل السياسات القمعية للحكومة، ولكن عاجلاً وليس آجلاً ستنتفض الجماهير على حكومة العميل عبدالفتاح السيسي. لقد شرح الثوري الروسي فلاديمير لينين أن شروط قيام الانتفاضة هي، أولاً عدم قدرة الجماهير على العيش بنفس الطريقة، وثانياً عدم قدرة الحكومة على الحكم والسيطرة على المجتمع بنفس القوة السابقة. الشرط الأول الآن مُحقق فالجماهير المصرية لم تعد تستطيع التحمل أكثر من ذلك تحت وطأة الفقر والبؤس والحاجة، ومن المؤكد أن القادم أسوأ بكثير، والشرط الثاني المتعلق بضعف قبضة الحكومة فهو ما سيحدث عاجلاً أم آجلاً بفعل أزماتها الداخلية، مهمتنا الآن أن نحقق الشرط الثالث المتعلق بإنتصار الثورة وليس قيامها وهو الحزب الثوري الذى يقود الجماهير وفي مقدمتها الطبقة العاملة للاستيلاء على السلطة لندشن بداية مجتمع جديد، مجتمع يُدار لمصلحة الأغلبية الكادحة وليس لجني الأرباح، مجتمع يتخلص من سيطرة رجال الأعمال والقوات المسلحة عليه.

خطة ثورية منظمة وضربات استباقية للحكومة وخط سياسي سليم، بجانب خطاب رديكالي حقيقي يستدعي الجماهير الثورية وتقاليدها كفيل بتغيير موازين القوى في المجتمع.

الانتفاضة التي ستزيح السيسي ستندلع في نفس شروط وظروف انتفاضة يناير 2011 (جبروت الديكتاتور مبارك وثقته بتمرير الانتخابات الرئاسية بعد تمرير وتزوير انتخابات البرلمان، انتشار الفساد والنهب وعدم تلبية ابسط مطالب المصريين، هيمنة ضباط الشرطة والامن المركزي على الشارع واي متظاهر، سيادة الاعتقالات العشوائية تحت اسم الحرب على الارهاب - كما اعلنت الشرطة المصرية في نهايات 2010 ردا على تفجيرات كنيسة القديسيين التي بات من المعروف الان انها كانت من تدبير النظام لتشتييت وتفتييت قوى وغضب الشعب - مباحث امن الدولة تنكل بالمعتقلين في السجون حتى تصل الى قتلهم كالشهيد سيد بلال - الذي قتل في سجون امن الدولة بالاسكندرية قبل يناير 2011) بكلمة واحدة، سيكون المحتجين والثوريين اقلية يحاصرهم كردون الامن المركزي من كل الاتجاهات وينظر تجاههم المارة بصمت وترقب، لكن بالامل ايضا.

ستعاد جميع المعارك الثورية من جديد وسنسترد ميدان التحرير لاعلان اعتصاما واسعا يهدف الى اسقاط النظام ، لكن الخبرة التي اكتسبها الثوريون والشعب من الانتفاضات المندلعة خلال الثلاث سنين الاخيرة، لن تختفي وستؤثر حتما على مسار الانتفاضة الشعبية القادمة. لن يهتف المتظاهرون (الجيش والشعب ايد واحدة) ولن يبدوا الحذر والوحدة التي ابدوها لضباط الجيش الذين كان اول ما قاموا به مساء جمعة الغضب 28 يناير هو بداية الاعتقالات، لن يقبل المحتجون والمتظاهرون حكومة مؤقتة يديرها جنرالات الجيش. ولن يكون صوت الثوريين - الرافضيين لاستبدال مبارك بديكتاتورية الجنرالات المجتمعين - خافتا كما كان في بدايات الثورة المصرية. وستخلق النضالات الحالية لكل العاملين بأجر، بديلها السياسي، في مواجهة حكومة "مناضلين" الطبقة الوسطى من دبلوماسيين وسياسيين محنكيين.

عبر تنظيم صفوف الطلاب والعمال سنخرج بانتفاضة شعبية تضع السلطة في يد الجماهير الشعبية وحكومتها العمالية الثورية. حكومة عمال تعلن على رؤوس الاشهاد ان انتمائها وتخطيطها فقط لمصلحة الطبقات الشعبية الفقيرة المظلومة. وستعتق وتحرر هذه الانتفاضة والحكومة العمالية شعبنا ومجتمعنا من سلطة وفساد رجال الاعمال والديكتاتورية العسكرية، فقط بقوة التنظيمات الثورية وبقوة الجماهير التي لن تنضب.

اغنية الشيخ امام لا تنتهي قبل ان تُعلن ( حد فيهم كان يصدق...بعد جهل وبعد موت... ان حس الشعب يسبق اي فكر واي صوت... هي دي مصر العظيمة يا حبيبتي هي مصر اللي فضلت في هواها .. عشها على الف قصر).

المجد للشهداء والشفاء للجرحي والنصر للمعتقلين ولتحيا الثورة
تسقط حكومات رجال الأعمال
لا حل سوي انتصار الثورة الاشتراكية
الثورات تظل دائمة