فلاديمير لينين-الطبقة العاملة والمالتوسية الجديدة


عمرو عاشور
2018 / 9 / 28 - 01:35     

الطبقة العاملة والمالتوسية الجديدة
فلاديمير لينين
ترجمة:عمرو عاشور

أُثير الكثير من الأهتمام وإنعقدت النقاشات المطولة حول مسألة الإجهاض، في مؤتمر بيروجوف للأطباء.
وأُعد تقرير بواسطة ليكخيوس، الذي أورد أرقاماً حول عادة تدمير الجنين المنتشرة إلي حد بعيد في ما يسمي اليوم بالدول المتحضرة.
فتم إجراء 80000 عملية إجهاض في نيويورك في سنة واحدة، وهناك 36000 عملية إجهاض تحدث كل شهر في فرنسا، وفي سانت بطرسبيرج زادت النسبة المئوية لعمليات الإجهاض عن الضعف خلال خمس سنوات.
تبني مؤتمر بيروجوف للأطباء قراراً ينص علي عدم تجريم ممارسة الإجهاض بواسطة الأم، فقط الأطباء من يعاقبوا في حالة إجراء الإجهاض لغرض الربح.
إتفقت الاغلبية علي عدم تجريم الإجهاض، وتم بالطبع التطرق لمسألة ما يدعي المالتوسية الجديدة(إستخدام موانع الحمل) كما تم التطرق للجانب الإجتماعي من المسألة.
علي سبيل المثال، طبقاً للتقرير في روسكوي سلوفو، طالب السيد فيجدورشيك بضرورة تشجيع وسائل منع الحمل. وهتف السيد أستراخان،وسط تصفيق مدوي، قائلاً:
"يجب إقناع الأمهات بولادة الاطفال، حتي يشوهوا في المؤسسات التربوية. حتي تُجري القرعة عليهم. حتي يقادوا للإنتحار."
لو صح التقريرعن إستقبال هتاف السيد أستراخان بالحفاوة، فذلك لم يفاجئني. فالجمهور مكون من البرجوازية والبرجوازية المتوسطة والصغيرة ممن يمتلكون عقلية البرجوازي الصغير. ماذا تتوقع منهم سوي الليبرالية الأكثر إبتذالاً؟
أما من وجهة نظر الطبقة العاملة، سيكون بالكاد ممكناً إيجاد عبارة في محلها تعبر عن القبح والطبيعة الرجعية الكاملة للمالتوسية الجديدة الإجتماعية أكثر من عبارة السيد استراخان المذكورة انفاً.
"ولادة الأطفال حتي يشوهوا".. لأجل ذلك فقط سيولودوا؟ لما لا يولدوا ليكافحوا بشكل أفضل؟ وبشكل موحد وحازم وواعي أفضل مما نكافح نحن اليوم ضد شروط الحياة التي تشوهنا وتدمر جيلنا؟
ذلك هو الإختلاف الجذري بين عقلية الطبقة العاملة وبين الفلاحين والحرفيين والمثقفين والبرجوازية الصغيرة بشكل عام. يري البرجوازي الصغير إتجاهه للخراب، ويشعر بصعوبة حياته المتزايدة، وصراعه للبقاء يصبح أكثر قسوة، ووضعه هو وعائلته يصبح أكثر فأكثر ميئوس منه. تلك حقيقة مفروغ منها، والبرجوازي الصغير يعترض عليها.
ولكن كيف يعترض عليها البرجوازي الصغير؟
يعترض كممثل طبقة تندثر بيأس وتختفي من المستقبل، طبقة يائسة وخائرة.
بالنسبة له، لا يوجد شئ لعمله إلا اذا وجد بعض الأطفال ليقاسوا عذابنا وشقائنا وفقرنا وإذلالنا. ذلك هو إعتراض البرجوازي الصغير.
العامل الواعي طبقياً بعيد عن حمل مثل وجهات النظر تلك. فلن يسمح لوعيه بالضعف أمام ذلك الصراخ مهما كا صادقاً وحاراً.
فنعم، نحن العمال وجماهير الملاك الصغارنحيا حياة شديدة الوطأة والمعاناة والأمور أصعب لجيلنا مما كان عليه الأمر لأباءنا. ولكن من ناحية اخري، نحن أكثر حظاً من أباءنا. فقد بدأنا بالتعلم ونتعلم القتال بسرعة شديدة، ليس كأفراد كما قاتل أفضل أباءنا، وليس لشعارات خطباء البرجوازية الدخيلة علينا ذهنياً، ولكن لشعاراتنا، شعارات طبقتنا. نحن نحارب أفضل مما فعل أباءنا، وسيحارب أطفالنا أفضل مما نحارب، وسينتصرون.
الطبقة العاملة تنمو لا تندثر، وتقوي وتكتسب الشجاعة، وتترسخ وتعلم نفسها، وتُصقل في المعركة. فما يهتم به الإقطاع والرأسمالية والانتاج الصغير نتشائم بشانه، ولكننا متفائلين بحماسة فيما يخص حركة الطبقة العاملة وأهدافها. ونحن بالفعل نرسي الأن صرحاً جديداً وأطفالنا سيكملون ذلك البناء.
ذلك هو السبب الوحيد لعدائنا الغير مشروط للمالتوسية الجديدة، المناسبة فقط للمتبلدين المغرورين، للأزواج من البرجوازية الصغيرة، من يهمسون بأصوات مذعورة قائلين "منحنا الله نعمة تدبر أمرنا بطريقة ما، لذلك أفضل لنا بكثير أن لا نحصل علي أطفال."
لا يعني ذلك بأي طريقة منعنا من المطالبة الغير مشروطة بإلغاء كل القوانين المعادية للإجهاض أو النشرات الطبية حول وسائل منع الحمل، إلخ. مثل تلك القوانين لا شئ سوي نفاق الطبقة الحاكمة. فتلك القوانين لا تعالج قرحات الرأسمالية، بل تجعلها خبيثة، تضر فقط مصالح الجماهير المقموعة.
حرية الدعاية الطبية وحماية الحقوق الديموقراطية الأولية للمدنيين من رجال ونساء شي. والنظرية الإجتماعية للمالتوسية الجديدة شئ أخر.
لذلك سيشن العمال الواعون طبقياً صراعاً ضارياً ضد محاولات فرض تلك النظرية الرجعية والوضيعة علي أكثر طبقات المجتمع الحديث تقدمية وقوة، الطبقة الأفضل تجهيزاً للتغيرات العظيمة.
------------------------------------------------------------------------------------------
لينك المقال: https://www.marxists.org/archive/lenin/works/1913/jun/29.htm