اعذرني أيُّها الجمالُ


مرام عطية
2018 / 9 / 15 - 23:17     

في مدينتي غابَ الرجاءُ، و ضاقَ قميصُ الأملِ عن أحلام الطفولةِ ، لبسَ الَّليلُ النهارَ ، وامتطى جوادُ الشَّمسِ اللئامَ ، نجومُ الفكر تحتضرُ على شفا العتمةِ العميقِ ، الخداعُ طاووسٌ يختالُ ، يتهادى كالعروسِ، يجرُّ ثوبَ الحقيقةِ الأبيضَ ، الرذيلةُ تطلقُ رصاصَ عهرها ، تصيبُ قلبَ كلِّ من يهتفُ للجمالِ ، و يرشِّحُ اسماً ناصعاً لعرشِ الإنسانيةِ ، أو يرفعُ علماً لخدمةِ الفقراءِ و إشادةِ صرحِ السَّلامِ ، عربةُ الوقتِ بطيئةٌ كالسلحفاةِ مثقلةٌ بالخيباتِ ترميها على صدرٍ أمٍّ حنونٍ تلوكُ الحزنَ ، تجترُّ المحنَ ، و تنامُ كالغريبِ بلا وطنٍ .
اعذرني أيها الجمالُ النقيُّ ، الطريقُ إليكَ طويلةٌ وعرةٌ ، أمضي بعريمةِ الشبابِ ، تنمو الحفرُ أمامي ، تتناسلُ بسرعة الضوءِ، كنملةٍ لاتعرف اليأسَ أتجشَّمُ الصعابَ كلَّما سقطت من أعلى قمةٍ أعودُ من جديدٍ ؛ لأرتقي درجكَ المزروعُ بالأشواكِ والإبرِ ، أملأُ خزائني بوقودِ الحبِّ كلَّما نفذتْ ، بمعولِ الجدًّ الحادِ أجتثُّ متاريسَ الظلام كلَّما صعدتْ أمامي ، وكم مرَّةٍ خاتَلَتنِي ذئابُ العتمةِ !! وصعدَ الجهلُ إلى سدةِ السلطة !
أيها البهاءُ المسروقُ من أقاليمي ، في قمقمٍ حديديٍّ باتتْ
زهوري بعدَ أن سوَّرها فاقدو الرحمةِ بالفتاوى السوداءِ، و كبَّلوها بالموبقاتِ و سلاسلِ الغدرِ
اعذرني ياعقيقَ أحلامي ، مرتْ مراكبُكَ الجميلةُ بمدائني والسلاسلُ تنحتُ ذراعيَّ ، و تحفرُ خنادقها على خصري ، أنا لم أخترِ البؤسَ والانحدارَ، و لكنَّ فتاوى الظلامِ زجتْ بعصافيري و نخلي في سجنٍ مظلمٍ . بطاقةُ السَّفرِ العتيدةِ التي منحتني إياها إلى مراقي العالمِ المتحضرِ ، اعترضتها مفارزُ الحسدِ وشبكاتُ القبحِ المدججةُ بأساطيلِ الغيرةِ والعدوانِ الرديفةِ ، طبعتْ وشمها على يديَّ و وجهي ، فكيفَ الوصولُ إليكَ وقد حجزوا لي جوازَ السَّفرِ ؟!
_________