أزمة وفشل الإسلام السياسي في العراق


محمد قاسم نصيف
2018 / 8 / 24 - 22:44     

لا يتعارض خطاب رأس المال الليبرالي للعولمة مع خطاب الإسلام السياسي، بل هما في الواقع يكمل أحدهما الآخر تمامًا. فالإيديولوجية "الجماعية" على الطريقة الأمريكية، التي يجري الترويج لها حاليًا، تعمل على إخفاء الوعي والصراع الطبقي لتحل محلهما "توافقات" جماعية مزعومة تتجاهل هذا الصراع. واستراتيجية سيطرة رأس المال تستخدم لهذه الإيديولوجية لأنها تنقل الصراع من مجال التناقضات الاجتماعية الحقيقية إلى مكان اخر بعيدا عن الواقع الحالي وهناك شواهد كثيرة ملموسة على ارض الواقع
اولا .. غياب الخبرة السياسية بمعناها العام والشامل، وانعدام الخبرة في إدارة شؤون الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها المختلفة، فقد دخلت الأحزاب الإسلامية معترك السياسة اعتمادا على شعارات الدينية الفضفاضة ، دغدغت بها عقول قواعدها الشعبية
ثانيا .. يبدو أن مصالح أمريكا اليوم تتسع وحضورها كما نلحظ أكثر فاعلية، لا سيما في إيهامنا بمحاربتها للإسلام الراديكالي، وفي الوقت نفسه نجده أكثر دعما في دول اخرى، وبالفعل فقد صار للإسلاميين المتطرفين في عراق ما بعد صدام تأثيرهم الفاعل بعد ان جلبت قوات الاحتلال الامريكي ما يسمى بالمعارضة العراقية والذين تمكنوا من السيطرة على المجتمع بفعل سيناريوهات طائفية وقومية قذرة .. ان إسقاط النظام السابق عام 2003 من قبل الدول الرأسمالية العالمية واستبدالها بأحزاب الاسلام السياسي وجلبهم الى موقع السلطة كان بفعل سيناريو مظلم وسوداوي معد مسبقا، وبإسناد من قوى إقليمية .
ان ما موجود اليوم من دمار وخراب وقتل وتهجير ملايين البشر من جراء الحروب التي تدبرها قوى الرأسمال العالمي وعلى راسها امريكا وبريطانيا و فرنسا لديمومة مصالحهم واستمرارية صناعة الصواريخ والدبابات والاسلحة الثقيلة وبيعها الى مناطق الصراع المفتعلة.
وهناك مسالة يجب توضيحها هي ان هؤلاء السياسيين الذي اتت بهم امريكا بحجة التحرير من الانظمة الدكتاتورية وتغيير الأنظمة الى الديمقراطية وحرية الفرد في الانتخاب الشخصي وحرية الاختيار السياسي, ما هي الا ترهات وهراءات كشفها المجتمع, وان المستفيد الاكبر من ذلك هو راس المال العالمي لأنه عندما يدخل مليارات الدولارات الى دوران راس المال العالمي بدون فوائد بحجة الحفاظ عليها في البنوك العالمية ولمدة عشرات السنين بدون اي حساب ولا رقيب, يعني ان هذه الانظمة التبعية هي جدا صالحه للأنظمة البرجوازية العالمية .
ثالثا.. ان انعكاس نتاجات فشل الإسلام السياسي بعد خمسة عشر عامًا من السلطة، بدا واضحًا في الوعي الشعبي العام، بتعبيره عن ميل كبير والمطالبة بتغير النظام وليس ( الاصلاح ) من حكم الأحزاب الدينية، في التظاهرات الشعبية التي لا تزال تشهدها البلاد منذ العام 2011، حيث اختلطت الهموم المعيشية الطبقية بالسياسية، وأنتجت تعبيرات هتف بها الشارع العراقي تربط بشكل عفوي، الفشل الاقتصادي والأمني بالطبيعة الدينية للأحزاب الحاكمة، التي لا تمتلك سوى الخطاب الطائفي والغيبي المقيت والقذر، لتغطية فشلها وفسادها وتبعيتها ...
محمد الاسمر