صدام مهزوما رغم ضحكته المدوية


وليد يوسف عطو
2018 / 8 / 21 - 18:42     

صدام مهزوما رغم ضحكته المدوية

من سمات الدكتاتورية عند صدام حسين هي العناد وعدم التنازل ثم المواجهة .تاثر صدام بشخصية هتلر وستالين وقرا عنهما ,خصوصا عن ستالين ,رغم ان رياض رمزي مؤلف كتاب (الدكتاتور بطلا )لم يشير الى تاثره بهاتين الشخصيتين المؤثرتين في احداث العالم في القرن الماضي.

لقد تم تاسيس حزب البعث على طراز الحزب النازي الالماني .
وقام صدام بنفس الافعال التي قام بها ستالين ..

لقد قام هتلر بقتل القائد روهم الذي راكم سلطاته وبدا يتصرف بموجبها .اراد هتلر تشريع عرف يؤكد انه يحق له ممارسة القتل دون محاكمة قانونية .دخل هتلر على روهم وقال له :
( انت معتقل ياخنزير ).طلب من احد الضباط ان يسلمه مسدسا كي يقتل نفسه . ظل هتلر واقفا قرب الباب ينتظر دوي الرصاصة .

عندما تاخر روهم في الانتحار اشار هتلر الى احد الضباط بان يساعد روهم في الانتحار .خرجت الصحافة في اليوم التالي تعلن حماية البلاد من مؤامرة .كانت تلك القتلة كافية لكي يعلن كل من غورنغ والامة الالمانية الموافقة على كل افعال الفوهرر.الخلاصة انه تمت تربية الجمهور وفق عقلية القطيع , اي ان الحياة من هذا الوقت تحكمها قوانين جديدة , بما يعني نبذ الاعتقادات السابقة عن الطاعة والاخلاص والعقاب والصواب والخطا .كذلك فعل ستالين في مسرحية اكثر اتقانا مع كيروف الذي قتل قتلة جعلت ستالين يقوم باكبر عملية تطهير في صفوف الحزب ثارا لقتل كيروف الذي حصل خلال الانتخابات الحزبية على 1059 صوتا مقابل 1056 صوتا لصالح ستالين . هي ليست ثلاثة اصوات , بل كيف يتجرا شخص ان يكون محبوبا اكثر من الزعيم .

هكذا كان حال حزب البعث وصدام عند وصولهم الى السلطة في تموز 1968 .قامت قيادة الحزب باعدام اشخاص اتهمتهم بانهم شبكة تجسس اسرائيلية دون محاكمة علنية وقانونية , وعلقت جثثهم في ساحة التحرير في مركز بغداد.

تلك كانت رسالة جديدة ببدء عصر جديد يعتمد على الافراط في استخدام العنف والقتل .بدات بعدها حملة المطاردات والاعتقالات والاغتيالات للذين يعارضون حكم البعث .واخذ نجم صدام بالصعود تدريجيا الى ان قام بتصفية قيادة الحزب في اجتماع قاعة الخلد الشهير في عام 1979 بما يمكن ان نطلق عليه تسمية :
( مصيدة الفئران ).وهكذا صعد صدام الى قمة السلطة في العراق .

ان زيادة الارهاب من قبل السلطة وهلع الجمهور يصيب عامة الناس بالبلادة في الوعي واللامبالاة .وستختفي روح الوطنية وروح الامة والشعارات الثورية وستصبح الفوضى هي القانون السائد.ان الاختبارات القاسية التي اجريت على الفرد العراقي جعلت جلده سميكا وقلبه لامباليا ازاء الاحداث:
الاحتلال , الحواسم ,السرقات او الفرهود ,الاستباحة من قبل المليشيات .

كان صدام يقوم بتوليد شعارات جديدة لكي يبقي لبطولاته سمة لاتفتر او تزول .هو على استعداد لاعتلاء اي منصة لاظهار بطولاته . وكان الشعب يمثل بالنسبة اليه قطيع مخصص للاضاحي في سبيل مجده .

في حرب ايران كان يضع منديلا يحتوي على غاز النشادر لكي تنهمر دموعه,نفس الامر فعله عندما قام باعدام قيادة الحزب . احاط نفسه بمجموعة اشخاص يفكرون بنفس طريقة تفكيره هو ,كي تزيده ايمانا بما يقوم به.كان يعجب ان اتهمه احد بانه دكتاتور ,لان الافكارالتي تظهر في عقله سبقته زبانيته في الوصول اليها ,دون ان يدرك ان التوافق في التفكير كان مقصودا وسبب في استفحال ثقته بنفسه .فان وجد تباطؤ لدى اتباعه وضعهم موضع الشك والريبة وقام بالتنكيل بهم .

صدام حول المحيطين به الى مرايا وجد فيهم انعكاسا لافكاره ,حيث استمتع بخيالاته .بهذه الطريقة تحولت البلاد الى ارض يزرع فيها صدام ارادته التي تخلق واقعا موجودا في مخياله فحسب .من هنا كان قرار شن الحرب ينبع من هذا الفهم لدوره كبطل يسجل هدفا كي ينعش الجمهور المحتشد .

لقد افقده هذا التصور شعوره بالواقع فراح رجل الصورة يتفوق على رجل الشخصية الاصلية التي انصاعت لسطوته .ان رجل الصورة سيجد نفسه في كل مكان وعليه ان يكون قادرا على شغل كل الا مكنة , ويصعب عليه رؤية مكان لايتواجد فيه , هنا يكون مقتله.
سيجد صدام نفسه مندفعا في كل الاتجاهات , وسيجد صعوبة في التوقف في منطقة وسطى بين الاندفاع والتعقل , بين التهور وضبط النفس.

هذا هو حال المصاب بالنرجسية والفصام النفسي والسلوكي .انه لايتطور عقليا , فذاته تنقاد فقط لانجازات مفترضة تزداد انتفاخا دون اعتبار لاية كلفة مادية او بشرية .لقد عانى صدام من طفولته البائسة ومن صراع حضاري بين الريف والمدينة وصراع مناطقي تكون النتيجة تسليم العراق الى السياسيين الجدد .