?الماركسية والدين ؟!.والدين ليس أفيون


احمد مصارع
2006 / 3 / 30 - 09:44     

الجواب الخاطئ ليس كافيا لتسفيه السؤال ؟
قد يتمظهر الدين على شكل سلطة رجعية , وهذا وارد لأن معظم أشكال ممارسته عتيقة للغاية , ولكن عملية تجاوزه بسذاجة , دون مناظرة عقلية صميمية , من نوع برهاني , ستكون عملا فاشلا , في النظرية والتطبيق , فما يساء في الواقع مظهره , فمن غير المعقول تحميل ذلك لجوهره الذي سيبقى متغيرا على الدوام تبعا للارتقاء الجدلي في الوعي الفلسفي .
أليس مفهوما رائعا اليوم في بعض الأحيان هو الديمقراطية يعود إلى الفيلسوف الحقوقي والقانوني من العهد الإغريقي - سولون - ؟
المثال أفلاطونيا , والمادية أريسطالية , والعقلانية المتوسطة ابن رشدية , والتاريخانية المجتمعية السلطانية ابن خلدونية , والتعاقدية روسوية ...الخ .
لقد قرأ كلا من ماركس وانجلز الأديان السماوية بإمعان , ولكن عملية انفكاك مابينهم من قران , مصدره العلمانية , من ضرورة العداء التحرري الثوري مع كل أشكال السلطة , ومن تسلط الدول , ذات النمط ( التوكيل الرباني ) غير المعقول , بل المعادي للعقل , وما كلمة دين , سوى ديون باللغات القديمة كالآرامية والعبرية , مفادها أن يدين الإنسان , وأن يدفع مرغما بحكم الواجب وبالرغم , ثمن مجرد وجوده ككائن حي , يتنفس ويشعر بالصحة والقدرة على الحركة , ولعدة مستويات من الارتباط , والوفاء لرد الدين , ولكن أسوأها على الإطلاق , الممثل الزائف لذلك الشعور الحدسي , بلا عبثية الحياة وهدفيتها المحسوسة , لمجرد ذلك لقبول كل تبعات أشكال أنظمة الحكم , وفوضى الحظوظ , بدون انتخاب عقلاني , ومعظم تاريخ السلطة والدولة والدين عشوائي للغاية , والى يومنا هذا رغم ادعاء قدرة العقل الهيغلي على إحداث الأثر الميتافيزيقي ما فوق الالكتروني , نحس به ولانعيه تماما بل من الخطأ الجسيم أن نحاول التطاول , ومد الأعناق للقفز فوق حقيقتنا المتماهية مع جدلية الوعي والفناء .
فما زال وسيبقى الوقت مبكرا لامكان وجود عقل يضاهي في امكان الإدراك لحقائق هذا الكون الذي من المفيد أن يبقى استعلائيا ومتساميا يهزأ من كل قوننة .
الدين كما يظهر وبالاتفاق بين كل القراء بعمق , بحثا عن الذات الضائعة ضياعا أكشرا في حياة تفتقد لأبسط ضرورات المعنى الأخلاقي ؟
بحثا عن المفقود الأبدي لابد من حياة المعنى وأين في وهم الدين والوفاء لمجرد ( نظام ) , وهذا ما أكدته النجاحات الباهرة للأنظمة الملكية المتطورة وفقا لحاجات الأعصر المتعاقبة , لتخفيف وطأة الدين العام والخاص , وفي الابتعاد عن الضرائبية الباهظة المتمثلة في عصر كارل ماركس بالدين الرأسمالي الذي يمجد فائض القيمة , ويعتبرها المحدد الأول والأخير بل ونهاية العالم القسرية , متناسيا أن المعنى الديوني والدائن هو ميتافيزقيا الإنسان في رد فعله , بل وفي حيرة بحثه عن معان سامية ولو لمجرد الوجود ؟!.
الدين يحمل في طياته أسئلة جمعوية , فمن أنا سؤال أحمق وهبنقي , بينما السؤال لماذا لم أكن أنا لولا جبروت صبر الآخرين لصناعة وجودي واستمراري أهم بما لا يقاس أخلاقيا من السؤال السابق المنعزل وفي لحظة وعي شاردة عن المنطق ؟
الساعاتي السامي واليهودي سبينوزا أدرك بشكل مبكر عمق الوحدانية الألوهية , من نوع ( الاهي أنا مخلص لك ولخلقي بشكل عجيب ومثير أنا ممتن لك ومدين ) ؟
رياضيات كل العصور تثبت أن العبث ليس دينا , ولو كان من يحيا على سطح الأرض مجرد إنسان واحد متفكر , مصاب بوباء البحث عن الحقيقة ؟!.
حقيقة ماذا ؟!.
صدفة الوجود أم وجود الصدفة , فلمن أدين ؟!.
لأي شكل من أشكال الحكم سيرضى الواحد الأحد صاحب هذا الكون بلا حدود ولا قواعد ؟!.
بل ماهو الدين الذي يحبه ويرضاه , ويحب من معرفتنا الفائقة وبعد أن نموت سوف نلقاه , أم أن مجرد زهور دستويفسكية ستنمو فوق قبورنا ذات ربيع طائش ؟.
حكمة الدين أم دين الحكمة ؟!.
أسئلة ستبقى دائما تحرض من يبقى كل منا ليس على التقدم العلمي والفلسفي فحسب , بل بحثا عن المعنى في الحقائق , وفي حياة تمر بؤسا في ثوان أو دقائق ؟!.
الدين هو الآخر , الدين هو مصادفة غير مجردة تتطلب التساؤل بلا حدود عن سر هذا الوجود ؟
وحين تختلط الفلسفة بالدين , فأي معنى لفيلسوف لا يدين ؟ !.
فإلى من ندين ؟..
انه من غير المعقول أن يتسامى , أمام المستغلق الأبدي عن الأفهام , بإتباع السطحية سبيلا لتجاوز ماهوأعمق بكثير من التحكم والتسلط لمجرد قابلية البشر على الحب والإطاعة , وذلك بحثا دائبا عن ابسط قناعة , ولذا من غير المعقول أو المقبول الوقوع في فخ المأزوم شوبنهاور أو نيتشه , بالاستسلام لسهولة جريان التيار : الدين أفيون الشعوب ؟!.
التحرر من ربقة الاستغلال البشري وكل قيود الجهل المستعمرة للحقيقة , فلن تتحرر أبدا من ربقة الأسئلة التي حيرت فلاسفة وأنبياء الحياة في الماضي والحاضر وربما المستقبل ؟!.
الوقف من الدين والتدين , من الأعمال الطائشة والطيش حمق بالغ , ولامكان لثورة بدون نظرية علمية تفسر وتبرر بل وتغير في آن واحد معا ؟

هل هو مجرد ألم أو مجرد فرح ؟
هل هو حكمة ظاهرة أو خفية وحيث تعجز العلوم أم هو حياة الانفراد ازاء واجبات الاجتماع ولو كان ذلك لمجرد الاجتماع ؟!.