قصف غزة عدوان ولكنه مفاوضات ساخنة


محمود فنون
2018 / 8 / 9 - 17:16     

قصف غزة عدوان ولكنه مفاوضات ساخنة
محمود فنون
9/8/2018م
في سياق المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل الوصول إلى الهدنة والتي تديرها المخابرات المصرية والقطرية ومبعوث دولي ، شنت القوات الإسرائيلية المعتدية غارات على قطاع غزة وقتلت شخصين ، ثم تجدد القصف وكما ""قال المتحدث باسم جيش الاحتلال إنه تم قصف أكثر من مائة هدف في قطاع غزة. وبحسبه، فقد تم قصف عشرة مواقع عسكرية لحركة حماس على طول قطاع غزة، بينها "مواقع إنتاج، ومواقع أخرى لتعزيز قوة حركة حماس، ووسائل قتالية متطورة، وقدرات خاصة"
كما جاء أنه بين المواقع التي استهدفتها الطائرات الحربية التابعة لجيش الاحتلال "مقرات قيادية وعسكرية ومواقع تدريب ومواقع إنتاج وتخزين وسائل قتالية وأنفاق، وذلك في جباليا وشمال مدينة غزة، وشمالي ووسط القطاع، ودير البلح، ومواقع إنتاج أخرى ذات صلة بإقامة الأنفاق تحت الأرض" عن سما الإخبارية في 8/9/2018م
هذا ولا زالت أوساط الجيش الإسرائيلي تتحدث عن استعدادات لعمليات أخرى ، وكانت المقاومة الفلسطينية قد اطلقت 150 صاروخا كما رصدت قيادة الجيش الإسرائيلي في بيانها أعلاه واوقعت بعض الإصابات وتم اعتراض 25 منها .
ما معنى هذا ؟
أولا إن السياسة الإسرائيلية عدوانية باستمرار على شعبنا ويطال عدوانها كل الوجود الفلسطيني بالقصف والقتل واستهداف أشخاص واعتقالات واستيلاء على أراضي مع كل أشكال المضايقات الفردية والجماعية والإجراءات الجماعية تحت عنوان العقاب .
ويأتي القصف على قطاع غزة كإحدى ترجمات هذه السياسة الهادفة والدائمة.
ثانيا : وبشكل مخصوص هذه المرة يأتي القصف كجزء من المفاوضات الجارية من أجل إخضاع الفلسطيني مهما كانت هويته السياسية .
لقد حددت إسرائيل إهدافها مرات عدية تجاه القطاع ، فهي بالإضافة إلى سياستها العامة ، تريد أيضا إخماد المقاومة في القطاع مع استمرار ذات النهج العام كله . وهي تريد إملاء شروطها على المقاومة والقوى السياسية الفلسطينية بما فيها إطلاق سراح أسراهم كحالة خاصة . هذا جوهر الأمر الخاص، في السياق العام. ولا تغيير في ذلك مهما كانت التدخلات المحيطة بالموضوع.
هناك أمرين :
أريد أن اتحدث فلسطينيا وبما هو واقع القوى الفلسطينية السائدة حاليا وبعد تثمين كل محاولات المقاومة في الضفة والقطاع.
أولا : القوى الفلسطينية لتحرير فلسطين لا تخضع لشروط إسرائيل في كل الأحوال . أما القوى الفلسطينية للتسويات والمساومات ، فإن هذا القصف هو جزء من الحوار وهي تتفهمه هكذا وتتعاطى معه هكذا كما الحصار وكل الممنوعات .
القوى الفلسطينية لتحرير فلسطين تضع شروطاَ تهم المسألة الفلسطينية وتتعلق بها ، أما القوى الفلسطينية للمساومات فإنها تكتفي بشروط تتعلق بتحسين المعيشة وسلامة القيادة مع بقاء كل شيء على حاله .
الأمر الثاني : أن المفاوضات هذه المرة عنوانها الفلسطيني حركة حماس وهي التي عليها أن تقرر ما إذا كانت حماس لتحرير فلسطين أو حماس التسوية والبقاء.
وهي تريد أن تصل إلى المواقف بغطاء الكل الفلسطيني وعلى الأغلب هذا أيسر الأمور .
إسرائيل لا تتراجع عن هدفها النهائي لتعلق الأمر باستمرار وجودها في فلسطين وحماية هذا الوجود وتمكينه أكثر فأكثر، إنها هي هكذا ، وهي تريد إخضاع الفلسطينيين قوى وأفراد ومؤسسات إخضاعا تاما مع معرفتها بصعوبة الأمر . وهي على أية حال حققت وتحقق نتائج ملموسة على هذه الصعد . وهي من جانبها فعنوانها الأبرز الآن وبصورة غير مباشرة هو حماس دون إهمال الباقي .
الهدنة بتحديد زمني وبغير تحديد هي المطلب الأول ولا قيمة للتحديد الزمني حيث أن المطلوب هو إلزام المقاومة بالهدنة وأن تقوم المقاومة نفسها بحماية هذه الهدنة وبضمانات من حماس بشكل خاص. وحماس أعلنت بشكل متكرر رغبتها في الهدنة وتبحث عن شروط ومطالب .وكرست هذه المطالب في تحسين المعيشة بترجمات منشورة في الصحف بما فيها تغيير شكل الحصار وفتح المعابر بشكل أكبر وتسهيل دخول السلع والخدمات وكل ما يتعلق بالإستيراد والتصدير . وبرأيي فإن إسرائيل مستعدة لإدارة هذا الأمر في حدود نهجها كاحتلال مسيطر على قطاع غزة .ولكنها في الأمور الرسمية لا توافق على التقابل مع ممثلي حماس ، فإما ممثلين مجتمعيين مثل التجار والحالات الإنسانية أو ممثلي سلطة رام الله .
والهدف النهائي هو تجريد القطاع من سبل المقاومة وتجريد حماس والقوى الأخرى من أي دور مقاوم .
ملاحظة : مادامت حماس تضع بيضها في سلة المخابرات المصرية والنظام المصري ومعه قطر والدول العربية الرجعية ، وما دامت لا سنيد لها في هذا الوضع فإن "حماس المقاومة" في مأزق وهي تخضع للضغوط وينقلوا لها الضغوط الإسرائيلية والتهديدات الإسرائيلية والأمريكية بالإضافة لكل الضغوط التي نتجت عن حالة الحصار وحالة الإنقسام بين الضفة والقطاع .ومن المهم الإنتباه للضغوط الناتجة عن إغلاق معبر رفح بواسطة قوات مصرية والتي تلتزم بإرادة العدو الإسرائيلي .
إنني مع حماس المقاومة وضد حماس المساومة بوضوح لا لبس فيه وإنني أخشى على حماس المقاومة من حماس المساومة التي بداخلها وأخشى من الدرجة الكبيرة التي وصلتها حماس في سياق إعادة التأهيل لتصبح جزءا من المنظمة ومن النظام العربي الرجعي الداعم لإسرائيل، وهذه القيادة التي أصبحت أقرب إلى التدجين هي التي ستقرر النتائج ولا ألتفت للعبارات الجوفاء التي ستقال إحاطة بالموقف الهابط موقف أن حماس" تتعامل مع الوساطة المصرية بعقل وقلب مفتوحين " وهناك تركيا تضغط على حماس وحماس تسلم نفسها لهم . فلم تعلن حماس رفضها لهذه الوساطات وشروطها .
ليظل في بالنا ما حصل للمنظمة وكيف تساوقت قيادتها حتى تركت القضية وذهبت إلى أوسلو فالقيادتين الحاليتين من نفس الطينة .