محرومي المجتمع والسلطة السياسية


قاسم محمد حنون
2018 / 7 / 30 - 00:12     

ان ما يسمى بالدول النامية هي تابعة للامبريالية الراسمالية، وكي تأمن صف لها في سوق المنافسة العالمي، تعمل على تشديد طروف العمل والبطالة وفرض قوانين تتطابق مع ازمة البرجوازية لتعويض فائضها والسيطرة على الميل المعدل للارباح، الذي يتهاوى بفعل التنافس بين البائعيين والمشتريين العالميين والتجارة الدولية.
ان احدى عوامل البطالة هي نتاج لذلك التنافس بين الدول الراسمالية الشركاتية العابرة للوطنية. البطالة هي تقليل اجور العمال من جانب وتشديد ساعات العمل وتدفق الهجرة للبلدان الصناعية من جانب. ومن جانب اخر تجنيدهم بالحروب الحتمية الداخلية بسبب نفس الازمة الاقتصادية. تعجز البرجوازيات خلال هذه المنافسة الشديدة وفي الوقت الذي تضيق الاسواق، عن جني الارباح وتقذف باخواتها الى خارج الساحة ومعها عمالها. ان الذين يرمون بالطرقات والسوق لمنافسة اشقائهم العمال فتقل بذلك القدرة الشرائية للعمال ويشتد النظال الطبقي. اذ يتطلب الامر ان يكون العاطلين وخاصة الشباب مهيئون سياسيا لشن نضال ضد البرجوازية وفصائلها السياسية المختلفة المتناحرة والمتصارعة، تبعا لنفس طبيعة الازمة الراسمالية لانها تعبير عن الاقتصادي باطار سياسي مختلف كانعكاس للازمة.
لقد باتت الجماهير بحيز اخر ومنفصل عن الحكومة بكل فصائلها ونظرياتها ووعودها الكاذبة. وبات هناك شعبان؟ شعب عامل ووشعب عاطل، ووطنية برجوازية وطغم مالية وجنرالات واعلام ماجور ومقاوليين وشركات تبعية للسياسات البرجوازية المتصارعة. ليس هنالك سبيل وسطي لحل الازمة اذ لم تعرض ذات الملكية الخاصة لوسائل الانتاج للتساؤل من قبل الطبقة العاملة عبر حزبها الثوري. وهذا النضال يتطلب اما الاستيلاء على السلطة السياسية، او الرضوخ لانحطاط مستوى معيشة الطبقة العاملة كما يقول منصور حكمت..
ان القيادات مازالت تعتقد ان الجماهير لعبة ودمية واداة بيدها تتحكم بها وتوجهها كما تريد. لقد تحركت كجسد واحد منهك يحمل اثار الاهات والعلل الاجتماعية ليكون شاهدا على العذابات والبؤس والشقاء. ان المجاعة والعوز وغياب الامن والسكن والماء وبقية الحاجت الاساسية والترفيهية لم يسرقها شخص ما فاسد او شرير، بل هو نظام راسمالي بتلافيف وايدلوجيات واحزاب برجوازية دينية قومية مدنية ووطنية من منطلق الملكية الخاصة.
اننا في مفترق طرق وعلى المتظاهرين وعي ايدلوجيتهم والانخراط بحزبهم الثوري وعقلهم السياسي، كي لاتنفرد بهم برجوازيات متصارعة لاعادة نفس العذاب والتهميش. انه صراع طبقي بلبوس متغير لاينتهي. يتطلب الامر ان ننتظم بشكل سياسي وموجه ومدروس لمواجهة هؤلاء النهابيين الذين يتربصون بنا كطبقة وليس كشعب او قوم. يجب ان لانتزاحم كعاطليين مع العمال الذين تقل اجورهم وكذلك لاعلاقة للعمال من الجنسيات الاخرى بماساتنا. بل يجب ان نوجه سهام نضالنا ضد طبيعة النظام السياسي واقتصاده السياسي وهنا يكمن الحل واللغز. اذ بدون ان ننتظم بحزب العمال والحفاة والعاطلين، ستقسمنا البرجوازيات وتحولنا الى اثنية طائفيات وقوميات مبعثرة كي يسهل انقضاضها علينا.. فالتاربخ يعاد مرتيين للمرة الاولى كمأساة والثانية مهزلة وملهاة كما يقول ماركس في الثامن عشر من برومير..
ان الجلاديين والمستهتريين اللذين يعيدون انتاج التاريخ، يصرخون بنا جرذان اعداء الامة وغوغاء ومندسيين ومخربيين واجندات؟ ومازال التاريخ المستغل للمستغليين وعقلياتهم ومؤسساتهم وتربيتهم السلطوية والفوقية تعيد وتكرر ان لم تكن معي فانت ضدي, وتلك حتمية للعقلية المستبدة والمتسلطة, والخطابات من اجل البقاء والهيمنة والربح.
ان قصة حياة العمال والحفاة هي تامين العيش والحرية والامان. وقصة حياة النهابيين والمرضى البرجوازيين هو الاستعباد والسيطرة والنهب بدون رادع. قصتين وبطليين متصارعين. صراع طبقي لاينتهي الا بنهاية احدهم .
ان السكوت من قبل الجماهير هو الابقاء على الذل والخوف والعوز والاختباء والتمحور حول الذات والاوهام. والنضال والتظاهر الراديكالي هو الامل والقوة وعودة الكرامة. ان الصرخة الثورية التي دفنت باللاوعي وتراكمت... انفجرت بسبب نفس الاسباب التي اسقطت الطغاة والملوك والاثرياء والحكومات البرجوازية, مهما كانت شعاراتها والفاظها من الوطنية والقومية والديمقراطية والالفاظ والاكاذيب التي تدعي المساواة والحرية. ان تحقيق العدالة من خلال التوزيع العادل للثروات وتثبيت الحقوق المدنية والاجتماعية هي بتحقيق سلطة طبقية للعمال والملتفين حولهم، من المعدمين والحفاة وربات البيوت والعاطلين عن العمل بل وكل محرومي المجتمع.
لقد ادرك الشباب العاطل بفعل الممارسة وذوب الكلمات والافكار بالاشياء وليس العكس. وانطلق طبقيا ضد سياسة التجويع مهما تغلفت بجلباب ديني مدني ديمقراطي برجوازي. يقول ماركس العالم مفسر والمهمة تتطلب تغييره. ونحن معنيوون بهذا التغيير لاننا ادواته التي انهكتها وحطمت احلامها البرجوازيات المتناحرة والمختلفة. نحن لانطالب باقالة وزير او حرق مقر لحزب اسلامي او بعثي او قومي. نحن نطالب بانهاء الطبقة البرجوازية والنهابة المتمثلة بتلك الاحزاب المختلفة والمتشابهه بنهبنا، واستخدامنا ادوات لسلطتها ورفاهها ضد بعضها بعض للسيطرة النهائية على الفائض المطلق.