استعمار مصر تأليف تيموثى ميتشل وترجمة بشير السباعى واحمد حسان 1


خالد محمد جوشن
2018 / 7 / 29 - 03:29     

استعمار مصر هو أسم لكتاب تاليف تأليف تيموثى ميتشل وهى ترجمة ل
Colonising Egypt
والكتاب ترجمه الاستاذان بشير السباعى واحمد حسان عن دار سينا للنشر وطبع عام 1990

والمؤلف هو انجليزى المولد فى العام 1955 حاصل على الدكتوراه من جامعة برينستون فى السياسة ودراسات الشرق الاوسط وقضى ثلاث سنوات من العام 1979 الى 1982 يدرس العربية ويجرى ابحاثا تمهيدا لهذا المؤلف

والكتاب يقع فى ستة فصول وسنعرضه له بايجاز شديد لانه يوضح كيف ان اوربا وانجلترا تحديدا عندما استعمرت مصر فانها قد رتبت للامر جيدا وبشكل علمى ومؤطر ، بحيث انها نقلت احياء شبه كاملة بالمحاكاة لتبدو والواقع المصرى تماما

وانجلترا والممالك الاوربية عندما قامت بفعل ذلك فانها كانت تمهد لاستعمار العالم القديم وليس لاستعماره فقط ولكن لحكمه ايضا

و قد اعلن ذلك رئيس مؤتمر المستشرقين الذى عقد فى عام 1892 بعد عشر سنوات من احتلال مصر عندما قال ان انجلترا تعد فى الوقت الحاضر اعظم امبروطورية عرفها التاريخ حتى الان ، وهى تعرف ليس فقط كيف تستولى على البلدان ولكن كيف تحكمها

وربما كان ما يحدث فى مصر ومن طرف خفى من استيلاء محمد على- على السلطة فى مصر وهزيمته للاتراك له مسار فى ربط مصر بالاقتصاد الاوربى

فبعد ان كانت مصر واحد من اهم المحاور فى تجارة العالم العثمانى تنتج وتصدر موادها الغذائية الخاصة ومنسوجاتها تحولت الى بلد يهيمن على اقتصادها انتاج سلعة واحدة وهى القطن الخام من اجل صناعة النسيج الاوربية

وعشية الحرب العالمية الاولى كان القطن المصرى يختص بنسبة تزيد على 92 فى المائة من القيمة الاجمالية لصادرات مصر مقابل نمو هائل فى الواردات تتمثل اساسا فى منتجات النسيج الذى كان قد صدر قطن خام من قبل وكذلك المواد الغذائية

وفى سبيل ذلك الترتيب تمت شبكة من الطرق ومكاتب البرق واقسام الشرطة والسكة الحديد والموانى وقنوات الرى

وعلاقة جديدة حيث اصبحت كامل الارض المصرية فى يد طبقة اجتماعية صغيرة قويه وثرية بصورة لاتصدق فضلا عن تدفق الاف الهاجرين الاوربين الساعين الى تحقيق ثروات او العثور على عمل

وهكذا فان اعادة بناء القاهرة وفق مبدأ المعرض كان من شأنه ايجاد تحولات سياسية واقتصادية تخدم الاستعمار الاوربى الجديد

فى رسالة من القاهرة فى يناير 1850 كتب جوستاف فلوبير يصف القاهرة بانها فوضى الوان محيرة

من عندى --- ربما كانت هذه الفوضى وغياب النظام سببا لفشل الاستعمار الفرنسى وخروجه من مصر – خلافا لانجلترا التى رتبت للغزو والاستيلاء على مصر من خلال صنع سلطة منظمة وفى الاغلب ربما لم يكن محمد على منغمسا فى هذه الصورة الاستعمارية بشكل واعى

كتب ميلفل عن زيارة للقاهرة واسطنبول ليس هناك خطة للشوارع – تيه تام – طرق ضيقة مسدودة – لا اسماء للشوارع ولا ارقام ولا اى شيء

وكانت فكرة وضع نظام لمصر مثار رغبة الاوربين وقد كتب جيرمى بنتام الى الباشا محمد على فى عام 1928 لقد حزتم سلطة عظيمة الا انه يتعين تحديد الخطة

ولاستعمار مصر وانشاء نوع حديث من السلطة كان من الضرورى وضع خطة لكيان يمكن السيطرة عليه ووضع البلاد فى مساحة مقروأة وفى متناول الحساب السياسى والاقتصادى

وتحقق للسلطة الاستعمارية ما ارادت وبدلا من ان تكون مصر كما هو فى المعرض العالمى عبارة عن جناح متسم بالفوضى على شكل شارع عشوائى مزدحم بالحوانيت والاكشاك بل وبه خمسون حمار بالاضافة الى قائديهم ويكون ركوب الحمير ذهابا وايابا مما احدث هرجا ومرجا مماثلين لما يحدث فى الواقع المصرى
فقد صارت مصر كتابا منظما ومفتوحا ومقروأ للاستعمار البريطانى والى مقال قادم حول هذا الكتاب المثير