-اعتذار شجاع لمقاتل- ام لاسترداد ماء الوجه والبقاء!


فارس محمود
2018 / 7 / 21 - 15:19     

(كلمة حول اعتذار هادي العامري للشعب العراقي)
خطاب العامري واعتذاره للشعب العراقي هو حديث الساعة. ما اهمية ومكانة هذا الخطاب والاعتذار؟! انقضت 15 عاما مليئة بما لايتصوره الانسان من مصائب وويلات على المجتمع في العراق. لقد كان العامري وتياره السياسي جزء اساسي في خلق هذه الماسي والمصائب. لقد قتل مئات الالاف، تشردت الملايين داخل العراق وخارجه، مورس التمييز الطائفي والعرقي، القتل على الهوية، فرض التراجع المادي والمعنوي، اوتيت بقوى ظلامية للهيمنة على المجتمع، نهب وسلب مئات المليارات، رهنوا المجتمع بالديون وباعو ثرواته بسعر التراب للمنظمات الراسمالية العالمية من امثال صندوق النقد الدولي وكبلوه لعقود مديدة بالاتفاقيات الظالمة، لاخدمات لا كهرباء لاماء صالح للشرب، بطالة، داعش، الانفلات الامني، عيث المليشيات واطلاق اياديها في اعمال القتل، تدمير مدنية المجتمع، التلويث الفكري والعقلي المنظم و.... الخ. باختصار سلبوا من المجتمع كل مقومات مجتمع عصري ومتعارف.
اما فيما يخص العامري نفسه، فان مئات الشباب في المنطقة الغربية لحد الان لا احد يعرف لهم اثر، بعد اعتقالهم من قبل قوات الحشد والعصائب وبدر وغيرها، التطهير الطائفي الذي قام به في ديالي وتغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة وتدمير العشرات من القرى والاعتقالات التعسفية والتهجير الطائفي وغير ذلك. للاسف لم يكن سجل العامري يخرج عن سجل اي تاجر حرب. لو توفرت ادنى اشكال العدالة، لكان يجب تقديمه الى محاكم دولية بوصفه مجرم حرب ومجرم بحق الانسانية، حاله حال الميلوسوفوتشيين و...
لحد الامس كان يستهزء ويقول "فقر؟! اين هو الفقر في العراق، ماكو فقر في العراق! الكهرباء ببلاش (مجانية)، الماء ببلاش، الصحة ببلاش، التعليم ببلاش، والحصة التمونينية ببلاش و.... ؟! اين هو الفقر في العراق؟!" يتندر باستعلاء غير لائق على مصائب الاغلبية الساحقة للمجتمع.
ها ياتي اليوم، وبجرة قلم، ويقول "نعتذر، اخطئنا!" و"ماصار شيء" و"نبقى في السلطة ونتعهد نكون افضل"! من يقبل بهذا؟ اعتذر وانتهى الامر؟! هكذا ببساطة؟! وكان شيء لم يكن؟! ان هدف الاعتذار هو محاول تخديرية للحركة الاحتجاجية وامتصاص الغضب الجماهيري وسعي فاشل لاعادة ماء الوجه لمجرم حرب ولطبقة سياسية برجوازية طفيلية نتنة. ها هي انتخاباتكم لم تجلب سوى 19% نظرا لسقوط اقنعة هذه العملية المتهالكة التي اسمها "الانتخابات" و"الديمقراطية" و"صوتك من يقرر". لقد راى العامري ومجمل الطبقة السياسية بام اعينهم مدى حنق وسخط المجتمع عليهم، راوا مدى عزلتهم السياسية والاجتماعية، ومدى النبذ الاجتماعي لهم (اذ انهم باقون لا بفضل وجودهم الاجتماعي، بل بفضل مليشياتهم الاجرامية والمال المنهوب وشراء ذمم شيوخ العشائر، لا اكثر!)، كما يدركون ان بلغ السيل الزبى ولايستطيعون ان يستمروا كما لو ان شيء لم يكن. ولهذا لابد من التراجع قليلاً، لا بد من صرف بعض الدهاء، لابد من الالتفاف والقول "نعتذر اننا اخطئنا!" ليس هذا بدهاء. لاتنطلي لعبة سمجة على مجتمع من مايقارب 40 مليون انسان. وبعد كل هذه المصائب، ماذا نعمل باعتذاركم؟! ماهي قيمة اعتذاركم؟! انها 15 عاما ارتكبت احط الاشياء فيه بحق المجتمع، 15 عام من الاجرام المنظم على جميع الاصعدة من النفسية والمعنوية الى الاجتماعية والسياسية الواسعة! ايعرفون ماذا عملوا؟! ليس كل شيء يمكن الاعتذار عنه، ثمة اشياء لايقبل احد بها بالاعتذار!
ان هذه التفافة غرضها البقاء لا اكثر. ولكن السؤال، لماذا هذا التصور لديه بانه باق للابد جاثما على رقاب المجتمع؟! لماذا يتصور انه على هذا المجتمع ان تحكمه نفس الوجوه الكالحة للابد؟! هل عقد معهم المجتمع صفقة للابد بان يكونوا هذه الطغمة السياسية التي هم يقولون عن انفسهم بالف شكل وشكل وفي الف مناسبة ومناسبة "فاشلين"! لماذا؟أ الم ينجب المجتمع غير العامري، العبادي، المهندس، الخزعلي، المالكي، الجعفري والصدر والحكيم وعلاوي و المطلك وغيرهم؟! هل هم قدر ازلي، هبط من السماء لايد للعراقيين فيه وفي تغييره؟!
والادهى من هذا راحت بعض الابواق الماجورة والتابعة والذليلة تنفخ في هذا الاعتذار وتصفه بانه "شجاعة محارب"، "اعتذار مقاتل، وصمت رجالات المكتب!" سؤال: محارب ومقاتل ماذا؟! حارب داعش؟! من اجل ماذا حارب داعش؟! انه وامثاله والمرجعية شكلوا الحشد، لتاسيس مليشيا بحجة داعش مستغلين اوهام المجتمع وجوعه وفقره وبالاخص العاطلين، من اجل تشكيل سلطة جديدة موازية للحكومة وهدفها الظاهري دحر داعش، ولكن اصل القضية، هو محاربة داعش لفرض نفسها على المجتمع بالدرجة الاولى. ودفع ثمن ذلك لا ابناء هذه السلطة والقوى نفسها، بل الشباب الموهومة بالطائفية ومشاريع القوى الطائفية، شباب ساقهم الجوع والحرمات لللانخراط في صفوف الحشد. انه محارب لداعش وغير داعش من اجل نيل حصة اكبر من السلطة، من اجل الهيمنة على الساحة السياسية، ووفرت داعش والغضب الانساني العالمي من داعش له ولامثاله هذه الفرصة. ولكن مقاتل داعش هو ذات مقاتل اعمال التطهير العرقي والطائفي وتدمير القرى في ديالي. انه مجرم حرب ليس اليوم، بل من ايام الحرب العراقية الايرانية، من ايام تعذيب وقتل الاسرى العراقيين دفاعا عن نظام خميني والجمهورية الاسلامية، اي من قبل 40 عام!
العامري وسائر الطغمة الحاكمة يجب ان تتنحى فوراً من حياة الجماهير، ويجب تقديم كل الطبقة "غير السياسية" المليشياتية للمحاكم وذلك للجرائم التي ارتكبوها بحق المجتمع على امتداد 15 عام ومصادرة كل ثرواتهم وكل اموالهم. يجب ازاحة هذه السلطة، بالاخرى قل السلطات، عن حياة المجتمع. اذ هي لاتتنحى.
ان الاسلام السياسي في العراق وقواه قد بينت عن فشلها التام، وانها لاتملك اكثر مما بينت عنه خلال هذه السنين. الاناء ينضح بما فيه. واناء الاسلام السياسي هو ليس سوى النهب، المليشيات، الاغتيالات والقتل، مصادرة الحريات السياسية، تبليه وتحميق المجتمع بالطائفية والاحقاد الطائفية البالية، الاستهتار بكل القيم المدنية والانسانية الراقية والمتمدنة. ليس للطفولة معنى في قاموس الاسلام السياسي. انه معادي وكاره للمراة والفرح والضحك والانسانية. ليس لدى الاسلام السياسي اكثر من هذا. يجب ازاحته وانهاء هذا الكابوس من حياة المجتمع عبر الارادة المليونية للجماهير التواقة للحرية والمساواة.