إلى طفلتي


مرام عطية
2018 / 7 / 8 - 21:28     

___أخذتُ إجازةً اليومَ من عملي الشَّاقِّ والمضني
لأتفرغَ لجمالكِ القمريِّ ، وأتفرَّدَ بروحكِ السَّماويةِ
لا تلوميني صغيرتي ، كنتُ بعيدةً عنكِ وأنتِ في مقلتيَّ ، سأخرجكِ الآن من بيادرِ حزني سنبلةً تنتظرُ الجنى، أسمعكَ أغنيةَ سوسنِ، ففي صقيعِ الأيامِ وتصحُّر الليالي لا يدفئني أو يروي عطشي إلاَّ غديرُ الفرحِ وضحكاتُ النرجسِ في عينيكِ الفيروزيتينِ .
يا قصيدةَ الوردِ ، كمْ أثناني التَّعبُ عن الاستمتاعِ بهمسكِ والإصغاءِ لموسيقاكِ الشجيةِ ! وكم أبعدتني همومُ الأدبِ عن شذاكِ ! كم منعتني معالجةُ قضايا الإنسانيةِ البائسةِ عن التَّلذذِ بمذاقِ ضحكتكِ السُّنونو ونبيذِ طيبكِ !! اعذريني بنيَّتي، إنَّ البحثَ في مدنِ الفكرِ نزيفٌ للمشاعرِ، و التنقلَ بين الإلهام والمجازِ أو الارتحالَ بينَ المعاني والصورِ رحلةٌ شاقةٌ ، تستنفذُ كلَّ مقدراتِ القلبِ والروحِ ،أغوصُ بحثاً عن لآلىء القوافي في محارِ أوردتي ، لأمنحكِ جزءاً يسيراً مماسلبوهُ منِّي ، أستخرجُ صابونِ الجمالِ ؛ لأغسلَ أدرانِ القبحِ الأنانيةِ والنفاقِ ، التي تلتصقُ بشراييني في أثناءِ عملي القابعِ في سجنٍ مظلمٍ ، لانافذةَ نورٍ تضيئهُ .
ياأميرتي ، إنَّ الغوصَ في خُلْجانِ الحياةِ للوصولِ إلى جزرٍ السَّلامِ الوثيرةِ الزمرُّدِ ، وممالكِ الجمالِ الآسرةِ التي تليقُ بعالمكِ الطفولي وأراجيحِ أحلامِكِ ، قد سرقَ كثيرا من جهدي و وقتي .
تعالي صغيرتي لانجومَ تضيءُ دروبَ ظلمتي سواكِ ، أيقنتُ أنَّني لن أصلحَ هذا العالمَ المعطوبَ ، ولن يكون بمقدوري تقويمَ اعوجاجَهُ وحدي ، يكفيهِ ماسلبهُ من يقظتي و نَضَارتي ، دعيني اليوم أعتني بخميلتي الجميلةِ ، أرويها من نميرِ فؤادي ، وأسرِّحُ أصابعي بين خصلاتٍ غرتهاِ ، أعبثُ بضفائرها الشقراء ؛ لأجدِّدَ العهدَ بالوفاء للجمالِ والأمومةِ

وأنتم ياأحبتي دعوا الطفولةَ تغزلُ لكم قمصانَ الجمالِ الواسعةَ ، فالثيابُ الحريريةُ التي لاتنسجها مغازلُ الطفولةِ قصيرةٌ أكمامها ، أضيقُ من ثقبِ إبرةٍ اتساعها ، لا فراشاتِ حبورٍ تحلِّقُ على صدرها ولا عصافيرَ تزيِّنُ خصرها