مفاهيم ملتبسة حول الأيديولوجيا........ القسم الثاني


سعدون هليل
2018 / 7 / 7 - 17:58     

مفاهيم ملتبسة حول الأيديولوجيا........ القسم الثاني
أن الأفكار المهيمنة في اَي عصر إنما هي أفكار الطبقه المهيمنة....ماركس

قلنا في القسم الاول ، ان الايديوحيا في المفهوم الماركسي ، هي إنعكاس مشوه للواقع ، بمعنى ان علاقات البشر وافكارهم عندما تصاغ في قوالب ايديولوجية تظهر كالصورة المقلوبة .
اَي ان الأيديولوجيا تتجه الى عرض الأفكار ذاتها كأنها قوى متحكمة وقادرة على تجديد العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية .
وقد نوقشت هذه النقطة بوضوح في ( الأيديولوجية الألمانية )
ويحق لنا ان نقول ، لقد هاجم ماركس وانجلس الفلسفة ألمانية والمثالية ، لانها انطلقت من التصورات والمفاهيم الفكرية دون الالتفات الى ظروفها الموضوعية وجذورها الواقعية .

وهذا وهم لان الايدلوجيا ليست الانعكاسا لقوى اخرى ، معادية تقوم بأحداث اَي تغيير اجتماعي حقيقي .

ويرى كارل مانهايم Karl Mannheim ,ان للإيديولوجيا تصورين اما جزئي وأما كلي ، ويصف التصور الجزئي بانه مجموعة التهم التي يقدمها فكر معين في وصف اجزاء او بعض من أفكار الآخرين . والتصور الكلي يقوم في المقابل ، على تعميم النقد على طبقة او مرحلة تاريخية معينة بأنها ايديولوجيا ذات طابع خاص ، تبرز هذه الخصوصية حسب مانهايم عند الماركسيين بشكل ساطع ويتفق اغلب الباحثين الاجتماعيين وجود علاقة مستمرة بين النظرية السوسيولوجيّة والأيديولوجيا .لان هذه النظريات هي انعكاس لواقع سوسيو ثقافي الذي برزت في هذه النظريات.

وهكذا نرى ان الأيديولوجيا من وجهة نظر ماركس،وانجلس تعتمد المنهج المادي للتاريخ ، ويعتبر المفكر الماركسي جورج لوكاش في كتابه ( التاريخ والوعي الطبقي)، اذ يرى ان المفهوم الماركسي السليم لهذه المقولة ينبع من الفهم التدخل مابين مفهومي الوعي الزائف والوعي الطبقي , اذ انه يعتبر ان كل وعي حتى لو كان على المستوى الحزبي او السياسي لاينتمي الى وعي الطبقة لمصالحها وأهدافها الطبقية ككل ، لا يمكن ان يكون الأوعيا زاىفا .
لكن نجد الفيلسوف التوسير ، والبناءون الفرنسيون لا يعترفون بوجود ايديولوجيا للطبقة العاملة ، بل يقولون ان العلم الماركسي هو علم دائم للطبقة العاملة ، حيث يحدد التوسير ( ليس الايدلوجيا تاريخ ) , لان الأيديولوجيا بالنسبة لماركس هي عبارة عبارة خيالية او حلم فارغ وبدون جدوى ، ويعتمد التوسير على ان ماركس قد انتقل من الفلسفة الى العلم ، وقد عبر ما اسماه التوسير بالقطيعة (الابستمولوجية) وهو يعتبر ان للايدلوجيا وجودا ماديا ، حيث توجد في الجهاز الممارسي لأداء المهمة كجهاز الدولة مثلا
.
وايضاً عند أنجلس نرى نفس التعريف فهو يقول ( كل ايديولوجيا ما ان تنشأ حتى تتطور بالارتباط مع جميع التصورات القاىمة تخضعها للتعديل المتواصل ).
وهنا يشير ماركس قائلاً :
( ليس هناك فوارق نوعية تفصل المثالية الألمانية ، عن ايديولوجية جميع الشعوب الاخرى فهذه الايديوجية ، ترى هي الاخرى ان العالم تسوده الأفكار وان الأفكار والمفاهيم هي المبادئ المقررة ، وان المقررة هي لغز العالم المادي الذي هو في متناول الفلاسفة ). فان الايدلوجيا في مجتمع طبقي سمة طبقية ، وهي ( أفكار الطبقة المسيطرة في كل الأفكار السائدة ، اَي ان الطبقة ذات القوة المادية السائدة في المجتمع .

والسؤال إذن هل الايدلوجيا من وجهة نظر ماركس تعتمد الروية العلمية للفلسفة الماركسية ؟هنا يعتمد ماركس وانجلس ان تاريخ الطبيعة وتاريخ البشر يشترطان بعظهما بعضا ، ما وجد البشر .
وان تاريخ الطبيعة ، المسمى العلوم الطبيعية لا يعنينا هنا ، ولكنه لابد لنا ان ندرس تاريخ البشر ، مادامت الأيديولوجيا بكاملها على وجه التقريب ترشد اما الى تفسير خاطىء وأما تودي الى تعليقة ، فليست الأيديولوجيا بالذات الا مظهر واحدا من مظاهر هذا التاريخ .

لهذا نرى ان مؤسسي الماركسية ، اعتبرا النظرة المثالية للتاريخ كإيديولوجيا وناضلا ضد الأيديولوجيا البرجوازية الا إنهما لم يقفا ضد المواقف الطبقية في علم المجتمع بشكل عام .
وإذا رجعنا الى كتاب أنجلس ( لودفيغ فويرباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية ), دون ان يكون في ذهنه ، باي حال من الأحوال إعطاء هذا التعبير سمة سلبية . ولما كان الامر كذلك ايضا بالنسبة لماركس فقد كانت الأيديولوجيا بالنسبة اليه حلقة ضرورية في التطور التاريخي للوعي المجتمعي والمعرفة المجتمعية . لان الظاهرة التاريخية من خلال المستوى الذي وصل اليه المجتمع في الانتاج والعلم والثقافة .

وهنا يشير إنجلس ( ان كل الايديولوجيات تتطور عندما توجد بالارتباط مع ماهو موجود من تصورات ومع تطورها وإلا لما كانت ايديولوجيا تتعامل مع الأفكار وليس مع الأشياء الجوهرية المستقلة التي تتطور بصورة مستقلة وتخضع لقوانينها الخاصة فقط . ولما كانت الشروط المادية لحياة الناس الذين تجري في رؤوسهم هذه العملية . هي التي تحدد في نهاية الامر سير هذه العملية فانه يبقى بالنسبة لهولاء الناس با لضرورة غير مدرك وإلا لا نتهت كل الأيديولوجيات) .
إذن الأيديولوجيا هي وعي مجتمع معين او وعي طبقه او فئه أجتماعيه معينه محدد من خلال الشروط المادية لوجودها ويعكس الاتجاهات والمبادئ والاهداف الاساسية لنشاطها العلمي . ويمكن القول بان مثل هذا الفهم للإيديولوجيا بالمعنى الضيق ، يساعد على توضيح نوعية هذه الظواهر المجتمعية دون فصلها عن الأشكال النظرية الاخرى للوعي المجتمعي ودون اعتبارها مرادفة لها .
أن الأفكار المهيمنة في اَي عصر إنما هي أفكار الطبقه المهيمنة