نقمة نفط العراق بحث قدم في مؤتمر لندن 2005


كريم الزكي
2018 / 7 / 2 - 08:28     

بسبب النفط تآمروا على جمهورية تموز 1958 . وجرى تدمير كل تطلعات الشعب بالعيش الحر الكريم . وبدلاً في أن يكون النفط نعمة للشعب العراقي أصبح نقمـــــــــــــة , وعلى الشعب العراقي أن ينتظر يوم نفاذ النفط من أرضه حتى يستعيد كرامته وحريته

بدأ النشاط البترولي في العراق في العام 1888 وذلك عندما حصلت شركة سكك حديد الأناضول والتي كان يملك أسهمها البنك الألماني على حق الأفضلية في الحصول على أمتياز للبحث والتنقيب عن البترول في الأراضي الواقعة على جانبي خطوط سكك الحديد في الأراضي العراقية . وبعد أن أثبتت الاستطلاعات الأولية غزارة وضخامة الثروات البترولية فيه، تميز العراق ومنذ بداية القرن العشرين من بين أجزاء الإمبراطورية العثمانية بموضع اهتمام الدول الاستعمارية الكبرى هي ألمانيا ممثلة بالبنك الألماني ، وانكلترة ممثلة بشركة وليم دراسي والتي كانت تمتلك امتيازات في إيران ، أميركا ممثلة بمؤسسة أمريكان سينديكيت ، وهولندة ممثلة بشركة شل . وائتلاف هذه الشركات عرف بشركة البترول التركية . وقام بدور الوساطة الارمني المعروف كولبنكيان ، وحصل نتيجة وساطته على نسبة 5% من الارباح . وبعد سقوط الدولة العثمانية وبموجب اتفاقية الخط الأحمر المعقودة بين الشركات الاحتكارية تبدل الاسم الى شركة نفط العراق ، ومنذ ذلك الحين بدأ الصراع بين المالك الحقيقي وهو الشعب العراقي وبين الاحتكارات النفطية وكذلك بين الشعب العراقي وبين الحكومات المتعاقبة على حكم العراق بكل مسمياتها ( ملكية او جمهورية وأخر هذا الصراع جرى بين حكومة صدام وشعبنا العراقي ) ودفع الشعب ملايين الضحايا من اجل حريته وامتلاك خيراته ( التي جلبت له النقمة بدل السعادة ) . حتى تستمر حكومة صدام بالبقاء عملت على تخزين هائل للموارد المالية والتي كانت تحصل عليها من خلال بيع النفط بالسوق السوداء وتجارة المافيا البحرية في الخليج ، في ثاني سنة للحصار اعتمد صدام على تجار البحر اللبنانيين في عملية تهريب النفط السرية والغير معروفة وكانت دولة الإمارات على علم بذلك لأن البواخر المحملة بالنفط العراقي المهرب كانت ترسو بالموانئ الإماراتية الى أن تضررت الإمارات نتيجة لغرق بانطون حمولة عشرة ألاف طن غير صالح للتحميل امام سواحل هذه الدولة وعطل محطات تحليه المياه مما اضطر دولة الأمارات على إصدار مرسوم ملكي يمنع البواخر العراقية بالدخول الى موانئها . فقامت بواخر تهريب النفط بالعمل في عرض البحر او منطقة كيش الإيرانية والقيام بعمليات التفريغ والبيع في وسط البحر أما المشترين فهم مافيا اخرى ، من الصومال والباكستان والهند وجنوب أسيا وكذلك سماسرة لشراء الكاز أويل الى البحرية العسكرية الأمريكية والبحرية العسكرية التي تطبق الحظر الدولي على العراق في الخليج . وكانت عملية تفريغ النفط تجري بعيداّ أيضا في عرض بحر عمان. وتجنباّ لكشف العملية ، وبعد نجاح هذه التجارة ، قامت حكومة صدام ببيع البانطونات التي تملكها الدولة إلى التجار العراقيين وهؤلاء لهم صلاتهم القوية بدائرة المخابرات العراقية ، وأعطت الدولة جميع البانطونات الغارقة في شط العرب والشبه غارقة الى هؤلاء التجار مجاناّ ، فجرت عملية تصليح هائلة وسريعة لهذه القطع التي تحمل النفط ، وبعد ذلك قام صدام ببيع البواخر الخاصة بنقل حبوب الحنطة الى سايلو البصرة وتم تحويرها الى ناقلات للنفط ، وأيضا قام التجار ببناء بانطونات كبيرة لاتقل حمولتها عن عشرة ألاف طن ، وكذلك تم شراء بواخر نقل بضائع خارجة عن الخدمة وتصليحها مع تحويرها الى ناقلة نفط مع الإبقاء على شكلها الخارجي كناقلة بضائع للتمويه ولكن أنفضح الامر بعدما قام ربان إحدى البواخر من جنوب شرق أسيا بتسليم باخرته مع حمولتها من النفط المهرب الى القوات الأمريكية في الخليج ، وبذلك أصبح التهريب علني واخذ شكل التحدي ، فقامت حكومة صدام بالتفاهم مع الحكومة الإيرانية على تسهيل عملية التهريب بمرور البواخر المحملة بالنفط , من خلال المياه الإقليمية الإيرانية وتزويد البواخر العراقية بفواتير إيرانية على أساس ان النفط الذي تحمله هو إيراني ، مقابل ذلك تحصل إيران عمولة مرور او تجويز ( رسوم ) عن كل طن نفط 50 دولار أمريكي ، علماّ ان طن النفط يباع للتاجر العراقي بسعر 34 دولار أمريكي من قبل شركة التبادل التجاري العراقية التابعة لوزارة التجارة العراقية ، وفيما بعد انتقلت عملية البيع الى شركة سومو التابعة لوزارة النفط ، وبعد ذلك فتح مكتب في عمان الأردن للدفع بالدولار للحمولات السريعة ولتسهيل العملية لسلطة صدام حسين , واستلام المبالغ خارج العراق ، ومن خلال هذه العملية التجارية تكونت مافيا تهريب النفط العراقية ، بحيث أصبحت لها شركاتها ومكاتبها الخاصة وإمكانياتها المالية الهائلة لأنها كانت تربح اكثر من ضعف ما تدفعه من عملية شراء النفط وتجويزه لإيران وكذلك رواتب البحارة وصيانة البواخر .
واخذ التاجر العراقي يحاول الاستيلاء على النفط وبدون علم حكومة صدام , ومن خلال رشوة العاملين على عملية التحميل حتى يستطيع زيادة كمية حصته من النفط مجاناّ بدفع بضعة مئات من الدولارات لهؤلاء العاملين ومدرائهم في شركة سومو ودائرة الموانئ في البصرة . ووصل الحال الى سرقة الخزين الإستراتيجي للعراق في البصرة والبالغ قيمته اكثر من مليارين دولار واشترك في هذه العملية التي كشفت بشكل غير مقصود بعد أن قام المفتش المالي بالتفتيش على سجلات بيع النفط في مديرية الموانئ في البصرة فأنهار المدير المالي للموانئ وأعترف بمشاركته بعملية سرقة الخزين الستراتيجي للعراق وبيعه للتجار بأسعار بخسه !!!.
في حينها أشترك في هذه السرقة اكثر من ستة تجار وكبار موظفي الموانئ وجرى الحكم عليهم غيابياّ لأنهم غادروا العراق طريق البحر, لعلمهم المسبق من خلال دوائر المخابرات وصلاتهم المشعبة بالحكومة ، وجرى العفو عنهم كغيرهم من المجرمين الذين اطلق سراحهم صدام قبل الحرب الأخيرة والتي تم أحتلال العراق من قبل الجيش الأمريكي والبريطاني وحلفائهم في 2003.
وأختلط الحابل بالنابل بين تجار المافيا وحكومة المافيا في بغداد المتمثلة بصدام حسين وأقاربه وشلته المافياوية, فجرى التعتيم على الموضوع ولكن أولوياته موجودة في شركة سومو ، عملت المافيا النفطية الصدامية على كسر الحضر التجاري النفطي بأسلوب المراوغة والخداع مع القوات البحرية القائمة على فرض الحضر في الخليج وإيهامهم بأسلوب الهروب واللجوء الى المياه الإقليمية الإيرانية ومن ثم العودة الى عرض البحر ، وهذا الأسلوب في الكر والفر في بحر الخليج, يتم بدون رضا وعلم إيران التي كانت تزود بواخر النفط العراقية بفواتير بيع النفط على أساس أنه أيراني .
ولان بواخر التهريب تماطل الجانب الإيراني ولا تدفع أجور العبور من شط العرب وكذلك خور الزبير ، فقامت إيران بسد منفذ شط العرب الملاحي والسيطرة علية بإنشاء نقطة تفتيش داخل مياه شط العرب العراقية وأمام مرسى أبو فلوس العراقي وفي وسط شط العرب وأخذت تمنع الدخول والخروج بشكل سافر ، ولكن بعد فترة تم الاتفاق من جديد مع إيران من خلال الزيارة التي قام بها احد ابناء رئيس الجمهورية الإيرانية (رفسنجاني ) آنذاك الى بغداد وفتح شط العرب من جديد لعملية النفط لحساب زمرة صدام وبمساعدة إيران ! واخذ التاجر العراقي يخدع قراء حمولة البواخر من الإيرانيين ، حيث قاموا بوضع رفوف تحت مقياس الباخرة ( الساوندك ) ويوهموهم بحقيقة الحمل الحقيقي للباخرة . انكشفت هذه العملية بعد فترة عن طريق البحارة الإيرانيين الذين يعملون على بواخر تجار تهريب النفط العراقيين وعلى أثرها قامت إيران بحجز عدة بواخر عراقية وتغريمها مبالغ كبيرة ، وبعدها وصلت الأمور حيث قامت القوات الإيرانية بإطلاق النار على البواخر العراقية التي تفلت من التجويز (دفع الرسوم) . مما أدى الى قتل عدد كبير من البحارة العراقيين على ظهر البواخر اثناء الإبحار . اخذ صدام وزمرته يحاولون جعل أمر التهريب واقعاّ معترفاّ به وأصبحت الأمور علنية ، واخذ يتفق مع ربابنة البواخر التي تحمل نفط مذكرة التفاهم ( النفط مقابل الغذاء ) بزيادة حمولتهم من النفط لحساب صدام شخصياّ ( لآن الكثير من بواخر نقل النفط تنقل حمولة أقل بكثير من حملاتها الحقيقية ..
ومن ثم اخذ صدام يسلح البواخر النفطية كي ترد على قوات البحرية الإيرانية او قوات فرض الحضر النفطي والتجاري التابعة للقوات المتحالفة في الخليج ، ان العملية برمتها كانت الإبقاء على صدام واستمراره في السلطة وفرض القهر والاستبداد على الشعب العراقي .
أما البحار العراقي الذي تحمل كل هذه الظروف فكان ضحية لكل ما يجرى وايضاً لعدم وجود السلامة والأمان في هذه البواخر ولعدم التزامها بأي قانون ولا بأي شكل من أشكال التأمين لا على البواخر ولا على البحارة البؤساء العاملين على ظهر البواخر العاملة في تهريب النفط العراقي..
والكثير من البحارة فقد حياته نتيجة لإطلاق النار من قبل القوات الإيرانية والتي هدفها الجري وراء غنيمة التجويز (الرسوم) في بعض المناطق في سواحل إيران تعمل قوات الجيش الأيراني وأن هذه القوات لا تتدخل في عملية فرض الرسوم (التجويز بالأيراني) فقط قوات حرس خميني ( الحرس الأرهابي ) ) .. و المستفيد من فرض الرسوم هو الحرس الثوري الإيراني وبالتعاون مع زمرة صدام من الناحية الأخرى ، ان تجار المافيا النفطية لاتهمهم غرق باخرة فأنهم يعوضونها بأخرى وهذه البواخر الخردة موجودة بكثرة في الخليج وبيروت واليونان وهي خارجة عن الخدمة وتباع بأبخس الأثمان .. جرت هذه اللعبة على مدى ثلاثة عشر عاماّ من الحصار المفروض على شعبنا العراقي من قبل السلطة والأمم المتحدة ، والنتيجة كانت تدميراّ لشعبنا وتحطيم معنوياته وجعله يقبل بأي تغيير ومن اي جهة كانت والحقيقة هي عملية ترويض طويلة وإكراه لشعبنا وجعله يؤمن بالأمر الواقع ، وكما يقال بالعراقي ( اللي يشوف الموت يرضى بالسخونة ) . ان النفط ملكية عامة ( ملك الشعب العراقي ) هو وباقي الثروات الطبيعية الأخرى والحفاظ عليه هو تعزيز دور الشعب في السيطرة على ثرواته وإقامة مجلس من الاختصاصيين وهذه المجلس ينتخب من قبل الشعب العراقي كل سنتين. والسيطرة على ضفاف شط العرب ومنطقة الفاو وخور الوبير والموانئ الموجودة وهي قليلة ومحصورة في محافظة البصرة والسيطرة عليها جداّ سهلة من خلال إنشاء اجهزة نضيفه ونزيهة وحساب إنتاج كل الآبار وكذلك مصافي النفط بشكل يومي ودوري وإخضاع هذه العملية لمجلس الاختصاصيين وطرح كشوفات عن الإنتاج والبيع للشعب العراقي بصورة مستمرة ومن خلال الصحافة .,, أما اليوم وبعد إسقاط صدام فأن عمليات التهريب مستمرة ، فيقوم المهربون بثقب أنبوب النفط المتتد في المناطق القريبة من شط العرب بطريقة فنية وبأسلوب الضغط الهيدروليكي وبدون استخدام اجهزة حرارية ويوصلون الثقب بأنبوب أخر الى ضفاف شط العرب مدفون في الأرض الى برك وخزانات خاصة فولاذية أيضا مدفونة تحت الأرض ومن هناك يتم التحميل باللنجات وزوارق الصيد او البانطونات الراسية بكثرة في شط العرب ، وطبعاّ هذا النفط مجاني للمهربين !! وهناك عملية سرقة مادة البنزين والكاز ومن حصة المواطنين في محطات الوقود ويقومون بتفريغ هذه السرقة داخل بيوت بالقرب من نهر شط العرب أيضا ومن ثم تهريبها ,, وهذا لايتم إلا من خلال تساهل السلطات او مشاركتها في هذه العملية , أما المخابرات التابعة لدول الجوار فأنها تسرح وتمرح ( الإيرانية على الخصوص ) وأهل البصرة يقولون ان حكومتهم هي ( أطلا عات ).
بعد ثورة تموز 1958 جرى تحرير أرض العراق من سيطرة شركات النفط الأستعمارية ( شركة نفط كركوك ) وغيرها . وبدأت هذه الشركات بالتخطيط والعمل على أيجاد حكومة عراقية موالية لهم .
وبعد 2003 جرى غض الطرف عن السرقات من خلال الموانئ العراقية ( الميناء العميق والبكر )في عرض البحر بعد سيطرة القوات البريطانية والأمريكية عليها. ( فنستطيع أن نقول والواقع يقول أنه يجري سرقة النفط العراق بصورة ممنهجة وعلني وفي وضح النهار من قبل تلك القوات , وكذلك بعد سيطرة قوات الاحتلال على البصرة تم بناء ميناء فولاذي بالقرب من شواطئ مدينة الفاو العراقية مخصص للقوات الأمريكية ..

بحث في ندوة تحت عنوان (مؤتمر لندن حول مستقبل النفط العراقي أواخر شهر حزيران 2005 )
26/6/2005