الشرارة الاولى للشعر العامي العراقي


سعدي جبار مكلف
2018 / 7 / 1 - 16:23     

ريادة الشعر العامي العراقي
للشعر العراقي العامي دور كبير وبارز في نقل التجربة الشعورية والحياتية في العراق وخاصة في الجنوب العراقي وفي الاهوار والاماكن المجاورة لها والمحيطة والمتاخمة وتكون الاهوار الفضاء الواسع لهذا الشعر لقد نقلت لنا اللهجة العامية كل ما يجيش من افكار شريحة واسعة من الناس ومشاعرهم ورسموا صور واضحة المعالم للحياة الاجتماعية والسياسية والعوز والجوع والجمال و العشق بمشاعر واحلام ورؤى وقدمتها لنا في الفاظ مبنية بناءاً شعريا ً موسيقياً يشد السامع والمتلقي ليعيش معه وينسجم وقد كتب عن هذا الشعر كثير من المقالات والاطاريح الجامعية والدراسات والبحوث سواء في الداخل او الخارج او في العالم ونحن في صدد بحث الريادة في الشعر العامي العراقي
اي ثورة في العالم العالم مهما كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية او فكرية لابد من وجود شرارة اولى لأندلاعها وبدايتها وقد حدتث ثورة على الشعر الفصيح على يد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وغيرهم كذلك حدث نفس الشئ للشعر العامي العراقي لقد انطلق وخلع رداء القوالب المعروفة المسيطرة على كافة انواع الشعر وانطلق نحو حرية التعبير وتجاوز وطار الى رحاب الكلمة والتعبير بموسيقة عذبة شجية لنأخذ هنا مقطع من قصيدة النمط القديم وهي قصيدة يكاظم مهجتي الهجران عادمها والتی غناها المطرب داخل حسن :
ذيچ الچانت اتهل الدمع عشرة
لا دمعة بعد منها ولا بشره
اخبرك يا خويي انخانت العشرة
وصبح ذيچ المحبة بگبر ماتمها
يكاظم مهجتي الهجران عادمها
ما چنت اعتقد ياخوية اتغشني
الهه افراش اصيرن خلهه تفرشني
وكت الظهر بوگتهه تكشكشني
وانه تعرفني دعلج عيب اسامرها
يكاظم مهجتي الهجران عادمها
لكل تغير في النمط والسلوك والتعبير بداية كما ذكرنا تسمى الشرارة او القدحة او البداية ، ان الثورة اية ثورة كانت يجب ان تكون لها شرارة فمن هو الشاعر الذي كتب اول قصيدة عامية اطلق فيها سراح القوافي من سجون امتدت عقود طويلة ، هل كانت الشرارة الاولى في الشعر العامي الحديث الذي يحاكي نضال الجماهير والشكوى ويعزف الحان الحزن والشجن والالم على يد الشاعر سعدي يوسف يقول شاعرنا سعدي في قصيدته :
مثل ماتمتلي الانهار
مثل ماتطلع الوردة
مثل ما تشتعل بعد الشرارة الدار
شعبنا تحرر وكسر قيودة وثار
شعبنا لو راد طلعة شمس تطلع
لو راد الصناعة يبني المصنع
كتب سعدي هذه القصيدة عام 1959 بينما مظفر النواب كتب قصيدته المشهورة والتي لم تشتهر اي قصيدة مثلها اي قصيدة للريل وحمد سنة 1956 وكملها عام 1959 تقول في بعض مقاطعها :
ياريل طلعوا دغش والعشگ چذابي
دگ بيه طول العمر ما يطفي عطابي
نتوالم وي الدرب وترابك اترابي
هودر هواهم ولك حدر السنابل گطه
ان ثورة التجديد في الشعر العامي التي كانت على يد سعدي يوسف او النواب وصادق الصائغ كتب في نفس الفترة الزمنية في براغ تحت اسم اغنية على الاعشاب بتاريخ 20/2/ 1960 ونشرت في مجلة المثقف العدد 18 تموز عام 1960 :
ياگمر الانهار
خيوطك عبير آذار
خيوطك على گلبي شرانق من مطر
غزلن اله اسوار
خيوطك مطر اخضر
اعزك بدمعي ياگمر آذار
ان النواب شاعر مجدد الا انه لم يكن الوحيد الذي اطلق الشرارة الاولى لهذا التغيير وانما اشترك معه الشعراء الذين ذكرناهم ومن يطلع على ديوان الريل وحمد يلاحظ كثير من قصائد النمط القديم مثلاً قصيدة الشهيد البطل صلاح الدين احمد الذي يقول فيها :-
المنايا الما تزورك زورها
خطوة التسلم ذبايح سورها
طافح عله الريح عينه ايدورها
املح من ترابها ويجورها
صگر والبيدة تعز اصگورها
وبأثر جدمه تلوذ اطيورها
وسفه ما حفضت صگرها
وسلمته بليله عمت ناطورها
او في قصيدة شباج يقول ضمن الشعر العامي القديم وقوالبه :
أخذ مني الناهي وذبحه وگتله زيد
وانت ياگلبي اريد وما اريد
ما اجدد ما اريد
انت ياگلبي عتگت وآنه عتگت ما ظل شي جديد
يامه تانيت الهوه بليل الشته
وشعلت الدموع بدروب البريد
شلت شباچي وراها
من ما تمشي اعاتب من بعيد
سعدي جبار مكلف
آب 2018
سيدني استراليا