حذاري من الإنعزالية


ييلماز جاويد
2018 / 6 / 18 - 19:52     

ها قد بدأت حملة الشماتة ! ألم نقل لكم أنه سينقلب عليكم ، ويتخذ القرار بمفرده ؟ ألم نقل لكم أنه لا يؤمن إلاّ ببناء الدولة التي يحلم بها هو ؟ أما وقد وقع الفأس بالرأس ، فنقول الآن أن بقاءكم معه لا يليق بكم ! هكذا يكون فكر البرجوازية الصغيرة متقلّباً لا يرسو على برّ رصين ، فهي لا تبني فكرها على أسسٍ علمية ، بل تجري وراء أهوائها ومصالحها ، تميل أينما تميل . لقد أثبتت البرجوازية الصغيرة ، عبر التأريخ ، أنها أكثر الأعداء الطبقيين خباثة في معاداة الفكر الماركسي ومعاداة طموح الطبقة العاملة في صراعها من أجل حقوقها . ، طبقة البرجوازية الصغيرة ، في مجتمعات الدول النامية ، تكون ، عادة أوسع الطبقات الإجتماعية عدداً ، مما يخلق ظرفاً يؤهلها أن تغيّر ميزان القوى لصالح الجبهة التي تميل إليها ، فهي الإحتياطي الذي تعتمده الطبقات الإجتماعية الرأسمالية الأعلى منها مرتبة ، وهي تصارع لكسبها وإستخدامها كمعول لهدم أي بناء تقدّمي تنجزه الطبقة العاملة وحلفاؤها من طبقة الفلاحين أو الشريحة المسحوقة منهم التي إضطرت للهجرة من الريف إلى المدينة ولم تتمكن من إيجاد العمل الذي يوفّر لها الحد الأدنى من أسباب العيش . تشهد لنا التظاهرات المليونية التي كانت تملأ شوارع المدن أيام حكم عبد الكريم قاسم ، عندما كان ميلان سياسته مع التيار التقدّمي ، وتشهد لنا بعكس ذلك أيام التظاهرات التي كان هتافها الرئيسي " بالروح بالدم .. نفديك يا صدأم " وصورٌ حديثة لتظاهرات تؤمر وتطيع . في مثل هذه الظروف يتطلّب من حزب الطبقة العاملة أن يكون بمستوى عالٍ من المسؤولية من جهة ، وبمستوى عال من الحذر أن لا ينزلق في تيار البرجوازية الصغيرة فيندفع مع إندفاعها تارة وينعزل في أخرى . التمسّك بالمبادئ والمرونة اللازمة لتطبيقها ، بما تستوجبه الظروف الذاتية والموضوعية في البلد ، يجب أن يكون أساس رسم سياسته ، فالمرحلة التي يمر بها البلد ، على الرغم من دقتها وحراجتها ، يجب أن لا تبعد الأذهان عن أن العراق يمر بمرحلة بناء دولة وبناء سيادة وطنية ، وتحرر من تدخّلات جهات خارجية ، قبلَ بناء الديمقراطية . لقد عاد العراق إلى ظروف الدولة المستعمَرة ، أي الرجوع بما لا يقل عن ثمانين عاماً من حياتنا ، فليس من المعقول أن يمارس حزب الطبقة العاملة سياسة إنعزالية ويبتعد عن الطبقات الإجتماعية ذات المصلحة في تحرر العراق ، بحجة أن القيادات البارزة لتلك الطبقات لها تأريخ سيئ . إن الطبقات الإجتماعية هي جماهير العراقيين ، أصحاب المصلحة في بناء الدولة ، وليس القادة البارزون الذين أثبتت تجربة الخمسة عشر سنة الماضية أنهم يعملون لمصالحهم الخاصة . لذلك فإن ظروف اليوم تتطلّب ضرورة التمسّك بمصالح الجماهير ، والنضال الدؤوب من خلالها كأساس للعمل من أجل المستقبل ، والحذر من الإنسحاب من الساحة.