القاص علي السوداني قوميا متطرفا !!


سلمان رشيد محمد الهلالي
2018 / 6 / 11 - 00:19     

القاص علي السوداني قوميا متطرفا !!
في عام 1993 اشتريت من سوق المتنبي مجموعة قصصية بطبعة رديئة جدا بسبب الحصار للقاص علي السوداني بعنوان (المدفن المائي) , وكان ذلك بداية تعرفي ثقافيا بالاديب السوداني, وصرت من ذلك الوقت اتابع اعماله القصصية وكتاباته التي تنشر في المجلات العراقية , وكنا في ذلك الزمن المغترب مبهورين بالشعراء والادباء عموما ونعتقدهم انهم ليسوا من جنس البشر , وانما من سلالات الابطال الرومانتيكيين المغتربين الوافدين من خلف اسوار التاريخ الذين يبحثون عن المصير ويعانون من القلق الوجودي والاستلاب الكوني !! واذا علمنا بان (علي السوداني) هو قاص من اهل الثورة ,فان اعجابنا حتما قد يتضاعف , كيف لا وهو من مدينة الابطال والمثقفين المغتربين. ولكن تلك الصورة للاسف قد بددها الانترنت او الفيس بوك مؤخرا ,لانه اظهر كثير من المثقفين والادباء العراقيين على حقيقتهم الزائفة , وكيف انهم مدجنون ومخصيون ومروضون ومخترقون ومزاجيون وسوقيون بصورة لامثيل لها عند باقي الانتلجنسيا العربية الاخرى , وربما لو لم يكن الفيس متاحا لبقيت صورتهم البراقة والزائفة في مخيلتنا ابد الدهر . فمجرد نقاشي وخلافي بالحوار مع السوداني هذا بالفيس بوك وانتقادي له حول احدى الموضوعات حتى بادرني بعبارة لاتخرج الا من الانسان العصابي والاديب السوقي وهى (انت نغل)!! والتي تدل على مدى السقوط الاخلاقي والانحلال القيمي لهذا الشخص , والاغرب انه لم يجعل لي مجالا للرد عليه بسبب استخدامه لالية (الحظر) الموجودة بالفيس بوك , ويبدو ان الجبن والتردد في النقاش والخوف من الافتضاح هو الفعل الذي يستعمله مثل هؤلاء القوم المدجنون.
علي السوداني يعيش اليوم في الاردن . واصبح قوميا عربيا متطرفا ,وبحسب النمط العنصري والطائفي البغيض اكثر من ساطع الحصري وميشيل عفلق وخير الدين حسيب, ((وبالطبع فهو مثقف شيعي ويجب ان يكون كذلك حتى لايقال عنه شعوبي او فارسي او صفوي)) . فكلنا يعرف ان القومية العربية والطائفية صنوان لايفترقان, بل ان القومية العربية بجانبها السياسي قد تاسست بعد تاسيس الدولة العراقية عام 1921 على الطائفية السياسية واقصاء الشيعة عن الادارة والحكم وتهميشهم وتخوينهم وتدجينهم وترويضهم , لذا فان كل شيعي يتبنى القومية العربية فهو يجب ان يكون مخصيا مقدما , او يتعرض للخصاء من قبل تلك المؤسسة القومية ذاتها من خلال اليات السلطة وشعاراتها وخطابها , او يتقمص دور المخصي حتى يحصل على صك الاعتراف به والمقبولية السياسية والايديولوجية كعربي قحي . وهذا الامر يرجع الى اسباب عدة , منها ان الدولة القومية في العراق اعتمدت المكافحة الثقافية ضد الشيعة والكورد , واعتبرتهم ليسوا اناس منحازين ضد العروبة فحسب , بل وغرباء وافدين على هذا البلاد , لذا فانها لاتقبل في صفوفها من الشيعة والكورد والمسيحيين الا من كان متخليا عن هويته الثقافية وتطلعاته السياسية ونزعته المساواتية . ولكن يبقى اهم مسارات الخصاء وتمظهرات الخنوع هو الامر المنوط بالذاكرة التاريخية , فكلنا يعلم بان من اهم سمات ومحددات تكوين الامه وبلورة القومية العربية وهويتها الاساسية هو الذاكرة الموحدة للامة العربية المفترضة والمتخيلة , وهذه الذاكرة اعتمدت بصورة اساسية على مااطلقت عليه الامجاد العربية الاسلامية بصورتها السنية , وذلك من خلال استنهاض الشخصيات والرموز والاحداث والمعارك التي ترجع الى محور المركزية السنية العربية , واعادة انتاج صورها ومطارحاتها وانساقها من خلال سردية تعمل على ترسيخ ذلك التمركز , فيما ان الذاكرة الشيعية تحمل خطابا وانماطا اخرى للتاريخ مغايرة كليا عن تلك الذاكرة السنية , بل ان الذاكرة الشيعية ليست محايدة اصلا امام تلك الشخصيات والاحداث والرموز العربية ,اذ تحمل عليها متخيلات سلبية ومحمولات عصابية , كما في الرؤية الخاصة لعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وسعد بن ابي وقاص وصلاح الدين الايوبي وغيرهم , فيما تنظر اليهم الذاكرة القومية العربية والمركزية السنية بعين التقديس والاحترام والتبجيل , فكان الحل الاوحد امام القومي الشيعي هو تجاوز ذاكرته المذهبية وانماطه المجتمعية وهويته الثقافية من خلال الية التسامي والهروب , وارتداء لباس النفاق وتقمص دور المخصي او تعريض نفسه للخصاء , باعتباره الجانب الضعيف المستضعف امام تلك السلطات القومية والمركزية السنية , فليس من المعقول ان يطالبهم بتغيير رموزهم وانساقهم وسردياتهم من اجل قناعاته واحترام خصوصياته وكرامته , بل ان الاولى به ان يبادر هو الى مجاراتهم في خطابهم ومقولاتهم ومطارحاتهم , كما حصل مع صاحبنا السوداني الذي وصل به الحال والتنازل والخضوع الى مدح من كان سببا في معاناته واغترابه واضطهاده وهو صدام حسين نفسه في موقع الفيس بوك تملقا ونفاقا للمؤسسة القومية التي يعمل بها في الاردن .
الا ان البعض يقول ان ارتكاس السوداني الى محاور البعثية والقومية ترجع الى اسباب اجتماعية وشخصية , اهمها ضرورات عمله بجريدة الزمان والخضوع الى تلقينات سعد البزاز الطائفية الذكية التي تفرض على الكاتب مطارحاته الثقافية واراءه السياسية وتوجهاته الفكرية , والرجل في الاخير يريد ان يعيش . فيما اعتقد ان السبب اعمق من ذلك , وهو قريب لماذكره الكاتب العراقي خضير ميري عندما قال (ان الكثير من المثقفين العراقيين الذي لايرجعون في اصولهم الاجتماعية الى الطبقة الوسطى , وينحدرون من الطبقات الفقيرة والبيئات المقصية والمهمشة طائفيا (الشيعة)وعنصريا (الكورد والمسيحيين), فانهم سيحملون العقد النفسية والاجتماعية التي ترافق عادة ابناء تلك الطبقات)(بتصرف) .
ان هذا الراي الذي ذكره الاستاذ ميري هو من الموضوعية والواقعية بشكل يجعله ايقونة ثقافية عراقية , فهذه الرؤية ربما حددت اغلب المسارات الايديولوجية والفكرية للانتلجنسيا العراقية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية , فالظروف المعيشية القاسية والصعبة التي عانى منها اغلب افراد تلك الانتلجنسيا الوافدة من الريف , جعلتهم يلقون تبعات تلك العقد النفسية والاجتماعية على اراءهم الثقافية التي ينادون بها والمطارحات السياسية التي يبغون والتوجهات الايديولوجية التي ينادون , من حيث الاحساس بالدونية والغل والكراهية وعقدة الحقارة والنقص امام الاخر وغيرها , وسيحاولون باي طريقة اثبات عروبتهم ووطنيتهم امام الاخر والسيد الوهمي في ضمائرهم المدجنة . بمعنى ان الهوية الشيعية القت عليهم سلبياتها اللاشعورية التي تراكمت عبر التاريخ , بسبب الاستهداف الطويل والتخوين المتتالي من قبل الحكومات القومية العربية والمركزية السنية , (فصلنا ذلك في مقالنا – فايروس الطائفية عند سعدي يوسف) , وبما ان علي السوداني هو في الاخير من اهل الثورة , هذه المدينة المستهدفة طائفيا وعنصريا واجتماعيا , فانه للاسف - وكما يبدو - لم يتخلص من عقد الاستهداف التي رسخا البعثيون والقوميون والطائفيون عليها , واليوم يريد اثبات وطنيته امام ولي نعمته سعد البزاز والخضوع لاجندات امبراطوريته الاعلامية السعودية , ولايعلم هذا الدرويش المدجن انه ومجرد مخالفته له بالراي في يوم من الايام فانه سيصفه بالشعوبي والشروكي والصفوي .(ولاادري متى يستطيع الدراويش فهم تحركات الاذكياء؟؟)
في عمان طرح علي السوداني نفسه مقاوما للاحتلال الامريكي !! وثوريا ماويا متطرفا , وصنع لنفسه لحية مثل لحية جيفارا وكاسترو , وقال انه خرج من العراق عام 1990 !! بسبب خوفه من الامريكان !! الذين يبحثون عنه – مع عملائهم - منذ عام 1990 !! فيما ان الكثيرين يقولون انه خرج من البلاد بعد هذا التاريخ بكثير , وعاد بعد السقوط 2003 من اجل يكون له دورا وظيفيا بالحركة الثقافية في العراق الجديد , الا ان ادمانه على الخمر وارتباكه الشخصي وعدم توازنه النفسي جعل اغلب المؤسسات الاعلامية (الحكومية والاهلية) تعزف عن تشغيله معها , ولم يكسبه الا صفه سوى سعد البزاز ,بعد ان وجد فيه الارضية الملائمة لتمرير الاجندات والمطارحات السياسية والثقافية التي يريدها . فكان تقمصه للدور ممتازا , بل كان دوره الوحيد هو مهاجمة كل من يقف او يفضح منهج البزاز ومقولاته واراءه , من خلال السب والهجوم والسخرية . واعتقد انه يريد تقليد سعدي يوسف بطريقته في البقاء الدائم تحت الاضواء من خلال تلك الاليات السوقية والشعبوية ومهاجمة الاخرين سواء اكانوا من الصحفيين او المثقفين او السياسيين , ولاادري من اين جاءت هذه الحصانة عند هؤلاء الادباء بالتجاوز على الاخرين والسقوط في مستنقع الغل والحقد والكراهية .